جملة "كل يوم عيد في هدوان السر" دائما ما كنت أسمع أمي تقولها ولا زالت عندما تزورنا مواسم الأعياد، وكنت صغيرة آنذاك على فهم معناها الباطني، لكنني كبرت الآن وقد فهمتها حقا، وطبعا مثل هذه الجمل العتيقة لا تُفهم إلا بشكل عملي!
لم أفهم معناها فعلا إلا العام الماضي، عندما أصيب والدي بإعياء شديد في أول أيام عيد الفطر، ونقل على إثره إلى المستشفى بصحبة اخويّ، وقضوا اليوم كله هناك، وأنا وبقية أهلي قضيناه في توتر وقلق بدلا من أن نقضيه معا في فرح وسعادة، ولكن لا اعتراض على مشيئة الله، وأبي صار بخير والحمدلله. وهنا صدقت جملة أمي (بأن كل يوم عيد في هدوان السر) وتعني بما أن بالنا وحالنا مرتاح فكل يوم عيد. ثم تلف الأيام ليتكرر معنا نفس السيناريو ولكن هذه المرة مع أخي- شفاه الله وعافاه.
منذ عامين ربما في عيد الفطر، كنت أتصفح صفحاتي على مواقع التواصل الاجتماعي، ولاحظت أن أغلب الناس بجميع الأعمار يستنكرون قدوم العيد، ويلقون بأحكام عجيبة على من يحتفلون به ويفرحون لقدومه، وكانت أغلب منشوراتهم كئيبة حتى لتشعر أنهم جميعا فقدوا أحبتهم!
لماذا التجهم في وجه العيد؟ ما ذنبه؟ ذنبه إنه جاءك في وقت لا تشعر فيه بالرضا، المرض.. إلخ. حسنا هو لم يجيئ لك وحدك، أنت لست المقصود الوحيد بالعيد، فلا تأخذه على نفسك وتظل تثرثر بمغالطات كئيبة لتحجم فرحة الناس به. نحن نحب العيد مهما كانت أعمارنا، بل أن إظهار الفرح والامتنان لقدوم العيد هو من شعائر الله، فلماذا إذا نقابله بالبخل، أهكذا تقابل أهلك وأحبابك؟
لست وحدك الذي يشعر بالحزن وعدم الرضا عن ذاته، لست وحدك الذي يعاني ويتألم، لست وحدك الذي في قلبه انكسارات وخذلان، لست وحدك الذي يحس بهروب نفسه وحاله كله؛ أنا مثلك لدي أكثر من سبب يجعلني أحزن وأبدو مثل أولئك الذين ذكرتهم سابقا، لكنني لن أفعل هذا، وحقيقة لم أفعله ولا مرة. فعدم إظهار الفرح لن يغير من واقعك شيء، ثم أن بهجة العيد تبدو فرصة رائعة للخروج من كل الأحزان والمصاب.
إن محاولة مقاومتها والاستسلام للفرح وسط الأهل والأصدقاء شيء عظيم، حتى أنك تستطيع إتباع ذلك النهج على الدوام وليس في الأعياد فقط.
وفي الأخير.. ساعد نفسك على إسعاد نفسك، صدقني.. لا فائدة من الحزن سواء كانت أيام عادية أم أيام عيد. كل الأيام يمكنها أن تصير عيدا إن أخرجت من رأسك أفكارك الكئيبة، وأنا هنا أخبركم بما يدور في رأسي، علَّني وعلَّكم تبتهجون وتتوصلون إلى سلامٍ مع أفكاركم القاتمة العصيّة.
-
Walaa Atallahكاتبة ومدونة مصرية.