عندما تكون الكوميديا مجرد أشكال تهريجية وألفاظ سوقية و إعاقات فكرية تصبح الكوميديا سوداء.

أنا لا أقصد هنا بالكوميديا السوداء بمعناها الحقيقي والأدبي ولكن عندما تتشوه الكوميديا وتختفي منها معالم الهزل تصبح سوداء.

لماذا لا تفهم برامج الإستخفاف العربية أن الكوميديا هي بالفكرة والمضمون ، مثالاً على هذا : تشارلي تشابلن و مستر بن ؛ أضحكوا العالم جميعاً بمختلف الجنسيات دون النطق بكلمة واحدة أو السخرية من أي شخص.

إن مفهوم الكوميديا العربية للأسف قائم على الإساءة للآخرين والإستظراف على حسابهم لغرض إضحاك الناس ،و الذين للأسف وفي نهاية اليوم لا يضحكون !

ثم أنه هناك فرق شاسع بين الكوميديا والسخرية ، فالسخرية المتواصلة المبتذلة من شكل المذيعة الفلانية ومجوهرات تلك وطريقة نطق ذاك ليس أمراً كوميديا بتاتاً، هذه ليست إلا اساءة صريحة للمقصود والمشاهد؛ مُغطاة بأسلوب ساخر و جارح.

دون أي إعتبار لأثر هذه السخرية على جميع الأطراف.

بالإضافة إلى أن الإعلام العربي يساعد علي إنتشار هذه البرامج التافهة بل و إختيار أوقات الذروة لتحقيق أعلى نسبة مشاهدة على ما أسميه شخصياً "مضيعة وقت".

ولا يكتفي الإعلام العربي بهذا الحدّ، بل أصبح الأمر يتعدى السخرية حتى يصل الأمر بالإستخاف بالمشاهد ، فنرى برامج المقالب المفبركة التي تفتقد حتى إلى المصداقية في تقديمها ، والإتفاق بين مقدم البرنامج والضيف على استعباط المشاهد وإدعاء حوادث مفبركة لا معنى لها ، ومجدداً بهدف إضحاك المشاهد الذي مجدداً في نهاية اليوم لا يضحك.

يحزنني كثيراً أن إعلامنا العربي بات يفتقد للمصداقية في شتى مجالاته حتى في برامج المقالب!

على أية حال لا يقتصر الموضوع على الكوميديا ، حيث أن الإعلام العربي أصبح مبتذل وسطحي و يدور حول الجسد فقط.

في نهاية اليوم أنا لا اطالب بكوميديا صامتة ولا كوميديا ناطقة ، ولكني أطالب بوجود كوميديا حقيقية ، لا تجعلني أشعر بالامتعاض والاستفزاز وأنا اشاهد فقراتها تتوالى بسخافة تلو الأخرى.

أرجوكم فالمشاهد العربي تعب من أخبار القتل والموت..

المشاهد العربي المسكين يريد أن يضحك فقط !

فهل يعقل أن تموت الأرض وتموت الكوميديا أيضاً!

مها البلوي