الأوضاع الفصلية الأرضية الأربعة وعلاقتها بأغذية سكان الأرض من كل الأحياء بما فيها البشر - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الأوضاع الفصلية الأرضية الأربعة وعلاقتها بأغذية سكان الأرض من كل الأحياء بما فيها البشر

  نشر في 21 أبريل 2022  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

من أجل تعميم الفائدة و إزالة الغموض الذي لاحظته عند بعض المتسائلين عن تضارب أعداد الأيام و تناقضها (في وهم الأذهان طبعا) فيما يخص بعض آياتٍ من القرآن التي جاء فيها مثلا خلق السماوات و الأرض في ستة أيام و مثيلاتها التي تحتوي على "عدد أيام" كخلق الأرض في يومين إلى آخر ذلك، ارتأيت أن أنشر مقالا و بحثا لي يشرح جانبا من المسألة و المتعلق بمعنى 4 أيام المذكورة في القرآن لهدف أخذ صورة قياسية عن ذلك و التأكيد على أنه لا تناقض في القرآن أبدا إنما هو في الأذهان فقط يولّده في معظم الأحيان أو في كلّها غياب صحة التأويل و خلل في إدراك المفاهيم.

■ نعلم جميعا أن الفصول الأربعة يتعلق بها ما يلي :

1) متساوية في الزمن: 4 فصول كل منها 3 أشهر بالمفهوم الكلي للأرض وليس بالمفهوم الجهوي للمناطق فعندما نقول الربيع نقصد به الربيع العالمي وليس الربيع الأمريكي أو الإفريقي أو الصيني مثلا (هي في الواقع أربعة أوضاع فصلية تمر عليها الأرض خلال سنة وهي: 1-شتاء في الشمال وصيف في الجنوب، 2-ربيع شمالا وخريف جنوبا، 3-صيف شمالا وشتاء جنوبا، 4-خريف شمالا وربيع جنوبا) وتأخذ تسميات هذه الأوضاع عادة الفصل الشمالي تغليبا.

2) الفصول مسؤولة وعامل أساسي في إنبات مختلف النباتات والثمار التي يقتات منها الناس والكائنات الأخرى. فهناك مثلا ثمار شتوية وأخرى صيفية، إلخ… والمحاصيل الزراعية ذات علاقة واضحة وجلية بالفصول الأربعة. ولولا التغير المنتظم لأجواء الأرض ومناخاتها الفصلية المختلفة لمات أهل الأرض جوعا قبل أن يموتوا اختناقا ويبدو أن حملات الحفاظ على التوازن البيئي والدفاع عن سلامة البيئة والحث عليها علميا وعالميا وسياسيا دليل واضح على ذلك. هذا من جهةٍ.

ومن جهةٍ أخرى نعلم أن الكلمات في أكثر اللغات البشرية تحمل أكثر من معنى واحد، كذلك في اللسان العربي الذي جاء القرآن به.

فكلمة يوم في العربية لا تعني فقط اليوم المعروف مثلا بأن الأسبوع 7 أيام بل تعني كذلك المرحلة والمدة الزمنية النوعية لاسيما إذا قورنت بمرحلة تُساويها في الزمن أو تتلوها وتكمّلها. اليوم الأول واليوم الثاني تأتي بمعنى المرحلة الأولى والمرحلة الثانية أو الحقبة الأولى والحقبة الثانية. فاليوم الأموي تعني مرحلة الدولة الأموية واليوم العباسي تعني المرحلة العباسية. مثال من القرآن: "وتلك الأيام نداولها بين الناس" لاحظ كلمة "نُداولها" المشتقة من "دول" مثل التداول والدولة.

كلمة سائل لها عدة معاني: الماء مثلا سائل من السوائل. وسائل: الذي يسأَل بمعنى الاستفهام (نجد في القرآن: "سأَل سائلٌ"). وسائل بمعنى طالب مثل: أسال الله العافية أي أطلبها منه. ومن معانيها البلاغية الجميلة: ذو الحاجة إلى الشيء والضروري له ولو لم يسأله ولم يطلبه. فالسائلون بهذا المعنى العربي البليغ هم المحتاجون إلى شيءٍ ولو لم يسألوه ويطلبوه بلسان المقال لأنهم سائلوه بلسان الحال كالسيارة التي تسأل الوقود دون أن تتكلم لأن حالها يحتاجه ويطلبه ويسأله. وآتاكم من كل ما سألتموه: أي ما تحتاجون إليه وضروري لكم ولسان حالكم يسأله…

■ يقول القرآن فيما يتعلق بالأرض : "وَ بَارَكَ فِيهَا وَ قَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ" فصلت-10.

■ لاحظ الكلمات :

وبارك فيها: أي في الأرض. انظر كيف بورك في الأرض، مياه، أنهار، بحار، أسماك، أشجار، حشرات، طيور، حياة، رياح، خضرة، أمطار، ثلوج، هواء، جو، … وفرة كل شيء في الطبيعة الأرضية بشكل زاخر وحتى زائد عن الحاجة وفي منتهى الروعة والتوازن والعجب. كلمة بارك الله في الأرض مدلولها طويل وعريض مما نعلمه وما لا نعلمه وهو الأكثر بكثير. غير أنه من البديهي والجلي أن كلّ ما ذكر ونحوه ينعدم بانعدام الفصول واختلافها على الأرض مما يرينا أنها من الأسباب الأساسية التي بارك الله بها في الأرض مع أنه هو القادر على كل شيء بالأسباب وبغير الأسباب ومشيئته لا محالة نافذة.

قدّر فيها: فيها (في الأرض) لماذا فيها؟ (قدّر فيها أقواتَها) لأنها تدل على أن تقدير أقواتها متعلّق بها وبحالها (الأرض) وبدون كلمة "فيها" (قدّر... أقواتها في 4 أيام) يفهم منه أن تقدير الله لأقوات الأرض هو الذي استغرق 4 أيام وهذا لا ينبغي للذي إذا أراد شيئا يقول له كن فيكون.

التفصيل اللغوي لعبارة: "قدر فيها أقواتها في أربعة أيّام" هو "قدر اللهُ في الأرض أن تكون أقوات الأرض في أربعة أيام". ولا ينبغي أن يكون المعنى أن الله مكث 4 أيام في تقدير ذلك كما قلنا، والأيام هي المراحل والأطوار سواء كانت متكررة بانتظام كفصول السنة والدورات اليومية والأسبوعية والشهرية والسنوية والفلكية بوجه عام، أو متتالية كمراحل عمر الإنسان: الرضاعة ثم الصبي ثم الطفولة ثم المراهقة ثم الشباب ثم الكهولة وهكذا… وكذلك عمر الكون الذي ينقسم منذ نشأته إلى ستة مراحل أساسية مختلفة الجوهر والخصائص حسب ما توصل إليه العلم الحديث. و لا يعقل و لا ينبغي أن نفهم من الآية: "اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ…" أن الخالق سبحانه احتاج أو مكث مدة زمنية لعمل ذلك كشأن المخلوقين، فهو سبحانه لا يحده زمان و لا مكان و هو أزليّ بذاته الكاملة و صفاته الكاملة و إذا أراد أو شاء شيئا يكون حتما و كما أراد و شاء (كيفية و مكانا و زمنا أو غير ذلك) إنما المفهوم الصحيح أنه بإرادة الله و مشيئته جعل الكون (السماوات و الأرض و ما بينهما) يحتاج إلى تلك المراحل ليكتمل خلقه كمثال مراحل عمر الانسان كما أسلفنا. مع العلم أن الزمن (الوقت) والمكان (الفضاء) مخلوقان من مخلوقات الله يتحكم فيهما ككل مخلوقاته بكمال علمه وحكمته وقدرته وما نعلم وما لا نعلم من صفاته الكاملة ككمال ذاته.

-أقواتها: أقوات الأرض، ما يقتات منه كل ذي حاجة من سكان الأرض إلى القوت أو الغذاء. وجمعها في صيغة "أقوات" بدل "قوت" يدل بوضوح على التنوع من جهة القوت فهو أنواع متنوعة، ومن جهة المقتات فهي كائنات مختلفة ومتنوعة منها الإنسان والحيوان والنبات. كل حسب حاجته (التصنيف النوعي يمكن أن يكون من الجهتين) والكلمة: "أقواتَها" هي المعنية قطعا وبلا شك بتقدير الله في الآية لأنها المفعول به للفعل "قَدَّرَ" فيها:) في الأرض. (

- أربعة أيام: تقدير الله للأقوات في أربعة أيام إشارة جلية إلى العلاقة الموجودة بين هذا و ذاك: الأقوات و الأربعة أيام، مما يدل على أنها ليست إلا الفصول الأربعة.

- سواءً : ما دور هذه الكلمة في النص إذا كانت لا تعني التساوي؟ لاسيما أنها تلت عبارة أربعة أيام مباشرة مما يدل على أنها وصف لها بمعنى: 4 مراحل متساوية (في أربعةِ أيّامٍ سواءً).

- للسائلين: للكائنات التي تحتاج إلى تلك الأقوات ومعها الناس وهي ضرورية لهم والتي لسان حالهم يسألها ولو لم يطلبوها بالقول فهم إذن "سائلون"..

من هنا يتضح جليا ومنطقيا أن ما تعنيه الآية هو الأربعة فصول السنوية لاسيما مع ورود كلمة "أقوات" ضمن الجملة القرآنية ذات العلاقة الوطيدة بدورات الفصول وقد تعني كلمة "سواء" إضافة إلى تساوي الفصول الزمني تساوي السنوات الشمسية التي تحتويها وتتكرر دائما بنفس الوتيرة وترتيب الفصول في نظام دوري دائم أقل ما يقال عنه أنه من عجائب صنع الخالق.

ومن العجيب الغريب، مع هذا الوضوح الجليّ البعيد عن الإبهام والتشابه هناك من يذهب بعيدا في محاولة لتعديل التناقض المزعوم بين طريقتين لحساب مجموع الأيام أحدهما ينتج عنها 6 والأخرى 8 أيام من أجل معطيات خاطئة وهمية في فهم معنى كلمة "أيّام" ثم بالتالي اتخاذها وحدة مشتركة للأرقام فينتج حسابيا أن 6 أيام = 8 أيام لأن كل إقلاع خطأ في العمليات الحسابية مهما كانت بمعطيات خاطئة تؤدي حتما إلى نتيجة خاطئة ثم بالتالي إلى التبريرو محاولة الدفاع عن الوحي بالخطأ أو التكذيب وكلاهما على درجة من الباطل.



   نشر في 21 أبريل 2022  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم











عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا