قصة الجوال - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

قصة الجوال

  نشر في 21 أبريل 2018 .

قصة الجوال

تمثل تقنية الجوال نموذجا واقعيا عمليا على مدى تأثير التقدم التقني على حياة البشر في كل مكان وهي قصة خروج المخترعات من مراكز البحث في الشركات الصناعية العملاقة والجامعات الرائدة في العالم ومن أوراق الأبحاث العلمية المنشورة في المجلات المحكمة المشهورة في مجال الكهرباء والإتصالات ، الى مخترعات ومنتجات غيرت حياة البشرية.

و من فصولها كيف يكون الهدف الإقتصادي وتحقيق الأرباح وقودا لا ينفد للبحث والتطوير والإختراع لتوفير أجهزة وخدمات وتطبيقات تستهدف سكان الكرة الأرضية في كل مكان .

وكانت البداية عند النجاح في إكتشاف الذبذبات الكهربائية ثم توظيفها في إرسال المعلومات والعمل المتواصل من العلماء والمهندسين لإخراج تطبيقات غيرت حياة الناس في ذلك الزمان وأهمها البرقيات (المورس) والهاتف والراديو والتلفزيون وأجهزة إتصال الميكرويف والرادار وأنظمة الإتصال اللاسلكي والهوائيات على مختلف أنواعها وأهدافها ، ثم تطوير النماذج الرياضية لأنتاج طرق متعددة لتطويع الإشارات الكهروماغنطيسية لنقل الصوت والصورة والبيانات .

وكان لعلماء الفيزياء والرياضيات والهندسة عمود السبق والجد والإجتهاد لسنوات طويلة لتحويل النظريات العلمية البحثية والنماذج الرياضية المعقدة الى منتجات واقعية خرجت للعالم من رحم الشركات الصناعية العملاقة مثل مترولا ونوكيا اللتان يعزى لهما الجهد الأكبر في إخراج تقتية الجوال في صورتها البدائية ، حيث سبق لشركة مترولا تطوير الهواتف المركبة على السيارات وكانت بدائية في إتصالها ، تحتاج الى مأمور مثل مأمور السنترال لإختيار القناة ( التردد) وتحضير الإتصال ، ثم تم تطويره بحيث يتم إجراء الإتصال وإختيار القنوات آليا وكان جهاز السيارة

يتكون من أجزاء عديدة منها جهاز السماعة والأتصال ويثبت عادة عند السائق وجهاز راديو كبير الحجم ثقيل الوزن و يركب في مكان آخر من السيارة وتربط بينهما كيابل عديدة ثقيلة و ثخينة إضافة لهوائي معدني طويل يثبت على جانب السيارة.

وأستمر هذا الوضع سنوات وكان لا يستخدم الا من قبل عدد محدود من النخب الأجتماعية والإقتصادية ولا توجد الخدمة الا في دول قليلة جدا ولم يتوسع في إستخدامها ، ثم حدث الإنفجار العظيم في تطور النظريات الهندسية والنماذج الرياضية لتحميل الموجات قدرا أكبر من البيانات ومضاعفة سرعتها أضعافا مضاعفة كثيرة ، وأدى التطور في تقنية الشرائح الإلكترونية الى دمج أجزاء هاتف السيارة بجهازٍ واحد يمكن حمله من قبل الأفراد وكان بداية تصنيع الأجهزة من شركة مترولا ونوكيا بأحجام كبيرة.

ومع النجاح التقني في تجاوز مشكلة محدودية الترددات حيث كانت التقنية القديمة تخصص تردد محدد لكل قناة إتصال، وكل مستخدم يحجز قناة كاملة وتردد كامل طوال مدة إتصاله مما يحد من قدرة الأنظمة ومحدودية عدد المستخدمين لعدم توفر الترددات والتي تمنح في كل دولة من قبل هيئة رسمية تحدد لكل جهة تحتاج وسائل إتصال لا سلكي التردد المسموح لها بإستخدامه بناء على طبيعة عملها ونوعية الإتصال .

فكان الإختراق التقني الكبير في إستخدام ترددات محدودة في خدمة الآف المستخدمين في نفس الوقت عن طريق تطبيق عملي لنظريات علمية في تقسيم الاتصال الى شرائح زمنية قصيرة جدا وتعريفها رقميا وإرسالها على شبكة الاتصال دون أن تتداخل او تؤثر على جودة الإتصال وتطوير الأنظمة الذكية في التواصل بين الأجهزة المحمولة مع الأشخاص والمحطات الرئيسية بحيث يعرف كل جهاز نفسه الى الشبكة ويتعرف عليها وكان التطبيق الرئيس بعد هذا التطور الكبير هو الإتصال الصوتي ، ولكن تكنولوجيا الإتصالات مع المنافسة الشرسة من قبل الشركات العملاقة في هذا المجال وعلى رأسها شركة آبل التي تعتبر من أقدم الشركات في تطوير اجهزة الكميوتر من سنوات طريلة ومنافس قوي لشركة آي بي إم.

وكانت شركة أبل قد أوشكت على الإستسلام، ولكنها ولدت عملاقا من جديد حين دخلت في مجال الإتصالات والجوال وتطوير الأجهزة الذكية فأنتجت جهازها الذكي الآي فون الذي يستقبل الأوامر باللمس على شاشته الذكية وزادت المنافسة شراسة والخدمات تطورا مع دخول كوريا الجنوبية في المنافسة وتمثلها شركة سامسونج بجهازها جلاكسي والتي تمثل وجه كوريا الصناعي في كل المجالات حتى قيل أن كوريا هي سامسونق وسامسونق هي كوريا من كثرة وتعدد منتجاتها في كوريا والعالم أجمع وكذلك دخول الصين المنافس الذي ليس له منافس وأشتهرت منها شركة هواوي ومقرها في مدينة شينزن بالصين والذي يعتبر مقرها ، مدينة في داخل مدينة ، ودخول شركات لا تعد ولا تحصى في تصنيع أجهزة الجوال وكذلك أدى التطور المتواصل غير المسبوق في صناعة الشرائح الإلكترونية والتي جعلت الترانزستور الذي كان كبير الحجم والذي كأنه عنكبوت أسود بثلاثة أرجل معدنية ،أصبح مع الثورة التكنولوجية نقطة على شريحة الكترونية تطبع آليا ولا يكاد يرى بالعين المجردة مما أدى الى القدرة على إنتاج أجهزة صغيرة الحجم وخفيفة الوزن حسب رغبة المستهلكين وحاجتهم و رافق ذلك ، التطور العملاق في خدمات الإنترنت وسرعة الإتصال. وتنوع الخدمات والبرامج والتطبيقات وعدد هائل من المواقع في كل ما يخطر على بال. ، وتوج كل هذه الجهود توحيد المواصفات لأنظمة الجوال وأجهزته في دول العالم كجزء أساسي من عولمة الإقتصاد والخدمات وتجاوز الحدود بين الدول وفتح المجال للمنافسة على مستوى العالم بحيث يمكن تصنيع الأجهزة والأنطمة من أي شركة لها القدرة على ذلك وأمكن للمستخدم التنقل بين أغلب دول العالم دون أن يغير جهازه أو يفقد إتصاله .

وأصبح جهاز الجوال في يد أغلب الأفراد حتى في مفازات الصحاري الشاسعات والأدغال والغابات وأصبح لدى الإنسان العادي من القدرات الهائلة في تتفيذ خدمات يحتاج اليها او معلومة يبحث عنها او تواصل مع الآخرين لم تكن تتوفر للقادة والرؤساء وكبار الأثرياء ومراكز البحث والإستخبارات ، وظهرت التطبيقات مثل تويتر وفيسبوك وواتس آب وسناب شات والانستجرام ويوتيوب التي أخذت عقول الناس وقلوبهم في مختلف أنحاء العالم وأصبح مشاهير هذه التطبيقات يتنافسون في أعداد متابعيهم فقد يكون شابا أو فتاة حديث السن قليل العلم والخبرة له كلمة مسموعة وتأثير على الملايينن مما لا يكون لأهل الخبرة والتجربة والراسخين بالعلم وصار أصحاب التطبيقات من أغنى أغنياء العالم وتقدر ثرواتهم بعشرات المليارات وهم في مقتبل العمر وحققوا في سنوات عديدة مالم تصل اليه شركات البترول والصناعات الثقيلة وصناعة السيارات والطائرات والتعدين التي أسس بعضها قبل أكثر من مئة عام.

كل ذلك ولا مقارنة بين نواتج الصناعة الحقيقية او الزراعة ونواتج تطبيقات التواصل التي هي تبادل للكلام والصور والاحلام لا ينتج سيارة ولا يصنع طائرة ولا يزرع شجرة ولا تأكل منه ثمرة ولا يروي عطشانا ولا يشبع جائعا إنما في أغلبها إهدار للأوقات والأموال والأعمار .

هذه قصة الجوال والتي لا تزال فصولها متواصلة وأيامها حبلى بما لايخطر على بال من الأجهزة والتطبيقات والخدمات ولا تستغرب إن ظهر تطبيقا جديدا قريبا يجعل الإنسان يغوص في الماء ويطير في الهواء وليس معه سوى جواله الذكي .

إنها قصة عجيبة كتبها العلم الحديث في جميع لغات العالم بالصوت والصورة والخدمات والتي غيرت وجه العالم أجمع الى عالم جديد بوجه جديد.

وقفة : هل نقف مع أنفسنا ونتذكر هذه النعمة الكبيرة نعمة التواصل والإتصال ونعمة الجوال ، ونشكرها ولا نكفرها فنجعلها ضياعا للأوقات و الأعمار وإخلالا بالمهمات والأعمال ، وكسبا للسيئات ، فيما نرى ونسمع ونكتب ، وأداة لقتل أنفسنا وقتل غيرنا ونحن نقود مركباتنا وأيدينا على المقود وأعيننا على شاشة الجوال.

نسأل الله أن يعطينا من خيره ويصرف عنا وعن المسلمين شره . وسبحان الله العظيم الذي علم الإنسان ما لم يعلم.

المهندس منصور محمد المحمدي

المدينة المنورة

mansourmf@gmail.com



  • منصور
    مهندس إستشاري، أكتب مقالات إجتماعية في بعض الصحف الإلكترونية ، شاعر ومحب للشعر والأدب والقصص،مؤسس قناة خدمات النخيل - يوتيوب.
   نشر في 21 أبريل 2018 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا