في مجتمع بات يعاني من الخواء ، و أصبح من الصعب على الانسان أن يثبت وجوده فيه ككائن له قيمة و تواجد و شخصية مستقلة ، باتت الشهرة تعني للبعض تحقيق الذات .
طبعا هذا لا شيء ، و هو أيضا خواء و من مرتدات الخواء الذي نعيش . فالشهرة لم تكن يوماً هدفاً ، إنما هي نتيجة و لا تأتي إلا بالعمل و الجهد .
هذا ما هو متعارف عليه ، مع بعض الاستثناءات ، إلا أن الكثير من ضعاف الشخصية و الذين يملكون حسّاً أقلّ بالثقة بالنفس ، بل و ربما أيضاً من الذين اكتشفوا أنهم فعلاً لا يحسنون شيئاً ، و لن يحسنوا يوما ، يضعون نصب أعينهم الشهرة ، كهدف لا رجوع عنه ، و في سبيلها تراهم يبذلون الغالي و النفيس ، منهم من يُعرّض نفسه للسخرية و منهم من يحاول الإدّعاء و منهم و منهم .
من هنا أطلّت علينا إحداهنّ لتحاول أن تلفت لها الأنظار . هي على استعداد أن تفعل أيّ شيء و كل شيء من أجل ضوء صغير يُسلّط عليها .
طبعاً هي نموذج صغير ، بائس ، يستحقّ العطف و الحنو ، و هذا ما حازته مؤخّراً . و هو ما سيحوذه باقي المُدّعين المُتسلقين و الذين يفتقدون لأدنى موهبة أو خبرة أو حتى مَلَكة عقليّة .
تلك ( الشهورية - اللعنة ) أصابت كوكب الأدب العربيّ ، و بدا مُجتمعنا الأدبيّ يُعاني ما يُعانيه من هؤلاء المُدّعين الفاقدين لأدنى درجات الموهبة أو الحرفيّة أو حتى الإحترام .
في كوكب صعب و شرس ككوكب الأدب ، علم المدعون أنّ لا طاقة لهم بمناطحة من حفر اسمه بذهب على جدران الكوكب بموهبته و خبرته و تجاربه ، فبدأ هؤلاء و بلعبة وضيعة بإفتعال الفضائح و الحروب الوهميّة ، كأسلوب لوضع أنفسهم على الخارطة الأدبيّة . نصّبوا لأنفسهم أعداء وهميين ، و بدأوا بسذاجة يحاربون خيال الظل و يبذلون الدمع في سبيل الاستعطاف تارة و في سبيل الاستجداء تارة .
هؤلاء طبعاً يجدون من يدعمهم ، تتعدد أسباب ذلك الدعم ، و تتعدد الأثمان التي يدفعها أولئك المدعون ، و قد تخدمهم ظروف و قد يلعبون على تناقضات مرحلية ، إلا أنهم سيدركون عاجلاً أن لا طاقة لهم بحرب تكسير العظام هذه ، و أن هزالهم و خوائهم سيفضح أمرهم سريعاً ، و حين يتوقف الدعم المالي ، سيجدون أنفسهم أواني فارغة تتطاير مع جميع الاتجاهات ، و يطرق على خوائها كل رائح أو غادِ .
حينها ستنهمر تلك الدموع ، دموع الندم ، و سنكون هناك لنسجّل ذلك الحدث ، بكل ما أوتينا من إنسانية و شعور بالمسؤولية .
يا طلاب الشهوريّة ، لا تغرنّكم تلك الأضواء المُوجّهة عليكم ، لأنكم الآن سلعة ، و وقود لمن يمتطيكم .
انتظروا إنّا معكم منتظرون .
-
Nafez Sammanكاتب و باحث و روائي سوري