بقايا أخ - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

بقايا أخ

  نشر في 22 يوليوز 2016 .

عرفته منذ سنوات ربما خمس أو ست سنوات

شاب يافع باسم الثغر كث اللحية مواظب على الحضور إلى أحد مراكز تحفيظ القران و مشارك فى بعض أعمال الخير يساعد والده ووالدته فى متجر صغير بسيط يدر عليهم ما يكفيهم

لم تكن تربطنى به صلة قوية لكنى كنت أفرح عندما ألحظ نشاطه وحركته و أسلوبه الرقيق

كنت أستشعر أن خلف ذلك الأسلوب الرقيق و الثغر الباسم و اللحية الكثة قلب عامر بالإيمان لا تؤثر فيه الحياة بمغرياتها

و مرت السنون و سافرت و بعدت قليلا ثم عدت و علمت أن تلك الأسرة باعت ذلك المتجر و إنتقلت لمكان اخر

تمنيت لهم التوفيق و أعتقدت أن المسيرة إنتهت من مكان و ستكتمل فى مكان اخر على نفس المنوال إن شاء الله

و بالأمس قدرا قابلته

لقد أصبح الان صاحب متجر كبير عامر بالزبائن فى منظقة حيوية بالمدينة

و لكن لم يكن ذلك الأخ الذى عرفت

فلقد حلق لحيته و أطال شاربه و تغير إسلوبه الرقيق ليصبح أشبه بإسلوب الباعة الجائلين و أصبحت الدنيا تتلاعب بها بعد أن ظن أنه هو سيتلاعب بها

لا تسألنى بالطبع عن القراّن و العلم الشرعى و حمل هم الأمة

و لكنى أنا الذى أسالك أن تدعو له بالشفاء العاجل من مرض الدنيا وتدعو لى بالمعافاه

للأسف ليس هذا هو المثال الوحيد ولكنها أضحت أشبه بظاهرة أو قل معادلة

أخ ملتزم + دنيا = إنتكاس

هنا أستشعر كلام الحبيب و كأنى أراه يخرج الان غضا طريا من فيه " والله لا الفقر أخشى عليكم ولكن أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها وتهلككم كما أهلكتكم " صحيح البخارى

ما المشكلة ؟ أين موضع الداء؟ وما هو الدواء؟

المفترض أن يصاحب الزيادة فى النعم زيادة فى الشكر , فكما أنعم الله على العبد زاد حرصه على بذل الخير و تعلم العلم شكرا لله على ما وهبه إياه , لكن العكس تماما هو ما يحدث للأسف..لماذا؟

لأسباب عدة تعالوا الان نتاول سريعا أهمها ألا وهو " عدم تناسب محتوى العلم الشرعى الذى يتم طرحه مع الملتزم حديثا" , أعتقد أن اسلوب تدريس العلوم الشرعية التى يتلقاها الشاب فى بداية إلتزامه هى احد أسباب تلك المشكلة , تعالوا نأخذ مثال : كتاب "المنة شرح إعتقاد أهل السنة " كتاب عقيدة أكثر من رائع و وهو أول كتاب يبدأ به عادة الملتزم حديثا نظرا لبساطة إسلوبه وشموله ومتانته العلمية , لكن للأسف الشديد فغالبا عندما ُيدرس يتم إهمال الجوانب الإيمانية المشرقة و ُيمر عليها مرور الكرام بينما يتم التركيز فقط على جانب الضوابط , فبدلا من أن يذوب قلبك شوقا لله و أنت تستمتع لمعانى "التوحيد" و "التوكل" و "الحب" و "الإخلاص" فتصبح تلك المعانى بمثابة الوقود الذى يدفعك لترك معاصى ما قبل الإلتزام وتذليل طريق دراسة العلوم الشرعية لتزكوا بها روحك - فبدلا من ذلك - تجد نفسك مطالب بإستيعاب مواضيع أخرى كالجهمية و المعطلة و القدرية و الحلول و الإتحاد (على ما هى عليه من أهمية لكن ليست فى تلك المرحلة فالرضيع إذا أجبرته على تناول اللحم سيمرض وربما يموت ), العجيب للغاية أن مصنف الكتاب قام بشرحه فى سلسلة من الحلقات المرئية و عندما تسمستع لذلك الشرح تجده عامر بتلك المعانى الإيمانية الرقراقة و أثناء إستمتاعك بمشاهدة تلك الحلقات تلحظ جيدا تأكيد المصنف الدائم على المنهج السوى لشرح العقيدة و وهو أن نتعامل مع جمال العقيدة بتفصيل ومع ضوابطها بإيجاز, و لكن كثير ممن يتصدرون لشرح ذلك الكتاب – على ما هم عليه من خير كثير – قلبوا الاية تمام فتجدهم يسهبوا فى ضوابط العقيدة ويختصروا بشدة فى جمال العقيدة وفى النهاية تفتر عزيمة الأخ المتلقى ويقل مع الوقت حماسه لطريق الإلتزام , و بالطبع لن يتخلى عن لحيته بسهوله لكنه سيتخلى عن رصيد أعماله القلبيه بسهولة و سيهوى تدريجيا و أنت متخيل أنه وتد يستحيل أن تهزه رياح الدنيا الغادرة , و فجأة ُتفاجىء بالأخ كث اللحية باسم الثغر و قد إنقلب تمام كالمثال الذى تحدثنا عنه منذ قليل و تحول إلى بقايا أخ , و حينها سيظل البعض يتسائل بإستغراب : ترى ما المشكلة؟



  • 1

   نشر في 22 يوليوز 2016 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا