يسرى السيد يكتب .... 300مليار جنيه هدية للرئيس السيسى لتطوير التعليم فى مصر!!

كتبت فى هذا المكان الإسبوع الماضى :" لا أعرف لماذا تصر الدولة على محاربة التطرف والإرهاب بسلاح الأمن فقط وتتجاهل باقى الأسلحة المهمة الأخرى فى عملية المواجهة أو بالأصح لا تولى باقى الأسلحة الاهتمام المطلوب حتى تضمن كسب المعركة بالضربة القاضية وتقضى على أسباب العرض

والمرض من جذوره ؟...قلت " نعم المعركة شرسة مع أعداء الداخل والخارج ويلزمها وجود أسلحة الإعلام والثقافة والتعليم على خط النار إلى جانب المواجهة المسلحة...

تحدثت الإسبوع الماضى عن الإعلام, واليوم أتحدث عن التعليم ليس باعتباره أحد أسلحة المواجهة مع بذور وجذور الإرهاب والتخلف فحسب, لكن باعتباره الوسيلة المهمة للتطور والتقدم التى ستجعل لنا مكانا بين الأمم إذا أردنا ذلك ...نعم التعليم مثل الثقافة والصحة من الصناعات الثقيلة التى تحتاج لأموال طائلة ولا تظهر نتائجها إلا بعد سنوات , لكن لا مفر منها خاصة وإننا لن نبدأ من الصفر لإننا نملك الكثير من المقومات لكننا نهدرها عن عمد أو

بدون قصد , بالإضافة أن كل مليم سينفق "بجد " سيكون عائده بالمليارات بعد فترة .

ومن المفارقات المريرة أننا نفخر بتخلفنا ونغنى له و الدول المتقدمة لا ترضى بما وصلت إليه من تقدم , فعلى سبيل المثال تونى بلير رئيس الوزراء البريطانى السابق نجح فى الانتخابات بفضل الإصرار طوال مؤتمرات حزبه و حملته الانتخابية على اعتبار التعليم هو الأولوية الأولى والثانية والثالثة فى برنامجه ، بلير فعل ذلك رغم التقدم الذى وصلت إليه بريطانيا ... ونحن نجيش الجيوش من أجل هدم جامعة زويل لبناء جامعة النيل ...!! وأعداء مصر لهم رأى آخر ...مثلا هناك مقولة ل شيمون بيريز رئيس إسرائيل أنقلها بالحرف الواحد يقول فيها " إذا كانت الدول القريبة منا تكرس الدين الإسلامي و تملك الثروات الطبيعية والبترولية فإننا نستطيع أن نحسم الصراع لصالح إسرائيل عن طريق التعليم ، وعن طريق الثروة البشرية التي نملكها وإتاحة التعليم الجامعي لكل فتي وفتاة في إسرائيل.""

أعدائنا هكذا وعندنا من يطالب بإلغاء مجانية التعليم التى أصبحت حبرا على ورق إلا قليلا.... هناك دول تعتبر التعليم الأساسى هو الجامعى ونحن جعلنا التعليم الجامعى لا يرقى إلى كى جى ون فى الغرب ...ومن قبل إسرائيل وغيرها انتفضت أمريكا حين شعرت بتقدم اليابان وأطلق الأمريكان على لسان مفكريهم صيحات الإنذار بأن أمتهم فى خطر !!...فإذا كانوا هم فى خطر رغم سيادتهم للعالم فما هو حالنا نحن الآن !!...الغريبة إننا نفخر ونتجرأ ونرقص .. نفخر فخر الأعمى بالأعور ونتجرأ متدثرين بجرأة الجهل ونرقص كالمحتضر رقصة الموت الأخيرة !!

أعرف أن الكل يدرك أهمية التعليم فى بلادنا , لكن فى الخطب الرنانة فقط , والواقع يعكس العداء بيننا وبين العلم , شعبيا ورسميا , الناس شغوفة بالسحر والخرافة والأساطير وتدير ظهرها للفكر والتنوير ..فى العلن وفى الخفاء , نعم لا يريد أعدائنا فى الداخل والخارج التقدم خطوة واحدة فى التعليم لأن كيانهم سيكون آنذاك مهددا ...لكن الأخطر أننا سعداء بوخم الكسل ولا نحلم بأرق المعرفة !!... المحزن أننا نعلم الداء ونعرف العلاج ولا نريده ... هناك آلاف الدراسات العلمية التى تحدد وتشخص مناطق الضعف والعلاج للعملية التعليمية عندنا وتوضع فى الأدراج عن عمد!!

نعم أعرف أن الأزمة الاقتصادية التى نمر بها هى أكبر معوق للنهوض بالعملية التعليمية لكن الأخطر كما اعتقد هو الإرادة السياسية التى لا تعتبر التعليم قضية أمن قومى أومشروع قومى لابد من إنجازه من جهة وعدم تكاتف كل فئات الشعب مع الحكومة من جهة ثانية ....ويكفى أن أقول إن هناك بعض الأفكار التى لو طبقت ستساهم بقدر كبير فى حل بعض أطراف المعادلة المادية ...مثلا وقف وزير التعليم ومستشاروه - الحالى ومن قبله – يطالبون بنحو 60 مليار جنيه لبناء 10 آلاف مدرسة للقضاء على تكدس الطلاب فى المدارس الحكومية .. طبعا تقف الدولة عاجزة عن تدبير هذا المبلغ دفعة واحدة فى بند واحد هو الأبنية التعليمية وتدبر كل عام مالا يسمن من جوع .

والحل الذى أدعو لمناقشته والحوار حوله هو مضاعفة عدد المدارس الموجوده فى مصر بدون أن تدفع الدولة مليما واحدا , وأهدى هذه الفكرة للرئيس "عبد الفتاح السيسى" ودون أن أطلب حق الملكية الفكرية وحق الأداء العلنى أو بلغة الإخوة أياهم "عمولة " !! ،هذه الفكرة لا توفر 60 مليار جنيه فقط بل ستوفر 300 مليار جنيه بعد إيجاد 50 ألف مدرسة أخرى وليس 10 آلاف مدرسة كما يطالب الوزير ومستشاروه ...يعنى لو عندنا الآن نحو 50 ألف مدرسة حكومية فى مصر يمكن أن يصبحوا 100 ألف بفضل هذه الفكرة , ..وإذا كان لدى القطاع الخاص فى مصر 10 آلاف مدرسة يمكن أيضا أن يصبحوا 20 ألف مدرسة مع الاحتفاظ هنا بحقى فى" العمولة " لأنهم يمصون دم الغلابة فى المصاريف المدرسية !!

والحل ببساطة هو تقسم كل طلاب مدارسنا الآن ومستقبلا إلى مجموعتين , وكل مجموعة يكون العام الدراسى لها 6 شهور .. وإذا طبقنا نظام التيرم لكل مجموعة يكون التيرم الواحد 3 شهور ...

طبعا قد يقول المعترضون أما بحسن نية أو بسوء نية : إنت عايز تختصر العام الدراسى كله فى 6 شهور بدلا من عام !!...والرد ببساطة إحسبوا الأجازات فى الأعياد والمناسبات وإجازة الصيف لتدركوا أن مدة الدراسة الحقيقية فى الفصول لا تزيد عن 5 شهور مع التجاوز ويكفى أن إجازة الصيف وحدها تزيد عن ال 4 شهور ! !......المهم إذا طبقنا هذه الفكرة ستكون كثافة الفصل الدراسى هى نصف كثافة الفصل الحالى ، فإذا كانت الكثافة حسب إحصائيات وزارة التعليم 40 تلميذا فى الفصل ( وصلت 80 فى بعض المدارس ) فطبقا لهذه الفكرة ستكون الكثافة 20 تلميذا أو حتى 30 تلميذا وهذا عدد معقول وممتاز لعملية تعليمية لو تمت بكافة أطرافها .....

طبعا سيعترض المدرسون أو العاملون فى المدارس بعد القضاء على ميزة الإجازات الطويلة التى يتمتعون بها والإجابة ببساطة :أنتم تقبضون المرتب فى كل الشهور , يعنى المرتب ماشى ماشى سواء فى أيام الدراسة أو الإجازات , إذا لنعمل جميعا مقابل ما نتقاضاه من أجر !!... طبعا المسالة ليست أبنية فقط ولكن أطراف المعادلة متعددة ويمكن التفكير أيضا بنفس المنطق ..

• مثلا يمكن عن طريق الإنترنت الآن وضع شرح المناهج التعليمية بعد تطويرها و تكون طرق الشرح المبسط من خلال عباقرة التدريس وهم كثر , وتكون المدرسة للتطبيق وإزالة أى غموض .

• تحويل القنوات التليفزيونية التعليمية إلى خلايا نحل وقاعات درس تحل محل" سناتر " الدروس الخصوصية ... بالإضافة لاستغلال القنوات الأخرى التى يمتلكها التليفزيون الرسمى سواء كانت فضائية أو أرضية فنحن لا نحتاج عشرات القنوات الموجودة عندنا ، لنحول غالبيتها إلى قنوات تعلمية وعلمية

• نعم هناك طفرة فى المناهج التعليمية لكن لم يواكبها طفرة فى أعداد المدرس من جهة مع أهمية تطوير المناهج بشكل يسير جنبا إلى جنب مع المناهج الغربية مع الحفاظ على الثوابت الوطنية من لغة وتاريخ ودين ..الخ ....فإذا كانت هناك فى مصر الآن ثانوية عامة على النظام الأمريكى أو البريطانى... فلماذا لا يعمم النموذج على المدارس كلها بحيث نجد الطالب المصرى يدرس ما يدرسه الطالب الأمريكى أو البريطانى أو اليابانى ، فى المواد العلمية والتربوية طبعا , مع الحفاظ على الثوابت الوطنية من لغة وتاريخ ودين ..الخ

• لابد من التدريب المستمر للمدرس فى الجامعات وعن طريق الإنترنت ولا يكون الترقى إلا باجتياز الدورات التدريبية فلا يعقل أن يكون مدرس الكيمياء أو الفيزياء آخر عهده بالعلم عام تخرجه الذى قد يصل إلى 20 أو 30 عاما فى الماضى !!

• دعوة رجال الأعمال الشرفاء ومنظمات المجتمع المدنى والبنوك والمؤسسات الاقتصادية إلى التبرعات العينية فى تجهيز المعامل والمدارس وتأسيسها , ويمكن الإشارة لأصحاب هذه التبرعات فى لوحات الشرف كما يحدث فى الغرب !

هامش

• هى أشياء لا تشترى !!

• لا استسيغ العديد من أفكار إسلام البحيرى لكن انزعجت من حكم حبسه عاما لأن الأفكار يرد عليها بالأفكار والسجن لا يقتل فكرا أبدا بل على العكس سيكسب البحيرى أنصارا ومتعاطفين معه أكثر مما لو ترك حرا ... الإسلام لم يتأثر منذ أكثر من 1400 عام بل زاد المؤمنون به رغم كل دعوات التكفير أو النيل منه , سجن البحيرى وأمثاله يعطى أعداء الإسلام حجة بأن المسلمين لا يتسع صدرهم للنقد والفكر, لماذا نصر على الغباء !!

• الإعلام الساذج يصنع من الهاموش نجوما .. أقصد استضافة عكشة والضجة المفتعلة حول كلامه .. عكشة زى شعبان عبد الرحيم يستغل سذاجتنا فى اللعب بدماغنا مع الاعتذار لشعبان طبعا ولا عزاء للإعلام الساذج إياه !!

yousrielsaid@yahoo.com