دوامة الأختيار - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

دوامة الأختيار

  نشر في 18 ماي 2019 .

وستظل دائرة 

الحٌياة تدور إن سرنا أو توقفنا...

حٌياتنا أشبه بسلسلة أٌيام متالحقة .. فلا تظن إذا وجدت الطرف الاخر انها النهاية .. فأخر طرف وجدته هو بداية حلقة جديدة من تلك السلسلة .. فالنهاية دائما لا يوجد بعدها شئ ..

تسير الحياة رغما عنا في كل وقت .. و اليوم الذي يذهب لا يعود حتى لو تحسرنا و ندمنا .. واليوم الذي نحن فيه سيأخذ وقته حتى لو أردنا أن نسرع الوقت أو نمسك عقارب الساعة .. 

هكذا الحياة تأخذ دائما حقها رغما عنا  .. فلا تنتظرنا في أي محطة فقطارها يسير بلا توقف و يمر علينا إذا لم نستطع اللحاق به أو اجتيازه ..

الحياة مجموعة من القرارات و الصراعات الداخلية و الخارجية .. نتغير كل يوم عن اليوم الذي قبله .. و عمرنا يجري مع قطار الحياة ليصل لمحطة النهاية في وقته ..

محطات حياتنا لها وقت محدد فإذا فاتت محطة لا تعود مهما فعلنا .. وإذا اخذنا قرارا بالركوب فعلينا تحمل مسؤلية أن نحسب الوقت و الجهد و العمل و نحسن التفكير و اتخاذ القرارات .. 

دوامة الحياة تبدأ بقرار يسلسل من ورائه كل القرارات .. 

اخترت أي الطرق ؟ اخترت أي بشر رفيق ؟ .. أي الأعمال مهنة ؟ .. أي البلاد ؟ ..  أي البيوت ؟ ..  أي حبيب ؟ .. أي صديق و قريب ؟ ..

أختيارات تتلوها أختيارات مبنية على قرارات في وقت محدد .. إذا أخترت لا يمكنك الرجوع و إذا توقفت فلن يسمح لك بفرصة أخرى للأختيار ..

أختياراتك تحدد مصيرك لا لليوم أو غدا أو العام الحالي أو المقبل و لكن مدى الرحلة .. وأي مكان تستحق عندما تنتهي رحلتك .. الجنة أم النار ؟

أشعر بالخوف من كل يوم أفكر فيه .. من كل تجربة .. من كل كلمة .. من كل إبتسامة .. و من كل لقاء .. و كل رده فعل ..

أشتاق لأشخاص يمنعني عنهم الخوف .. 

الخوف من اختيارهم و الخوف من عدم اختيارهم في رحلتي .. 

أريد الأمتناع عن الأختيار و لكن في أمتناعي عن الأختيار قرار .. و في أمتناعي عن الأختيار أختيار ! 

الوردة التي تكون بتله بالأمس  اليوم أزهرت و غدا ستسقط  .. 

و هذه هي الحياة .. عجلة لا شئ يوقفها عند لحظات الفرح ولا شئ يسرعها عند لحظات الحزن و الألم و الخوف .. والاختيار .. 

حتى الأشياء المعنوية بداخلنا أختيار .. الحب أختيار .. و الكره أختيار .. و الفراق أختيار ..و الألتحام أختيار ..

إذا اخترت فأنت الآن أمام المزيد من التنازلات لتحقق أختيارك .. المزيد من القرارات التي تعزز أول قرار .. 

قررت العمل إذن يجب أن تحافظ عليه .. و لذلك عليك أن تختار من بين كل الأحداث و العروض ما يحافظ عليه و إلا منذ البداية لا تعمل  .. فأنت حتما ستخسره بسوء اختياراتك ..

إذا اخترت الحب فإما أن تكون على مقدار مسؤليته أو لا تختاره من البداية .. إذا لم تستطع الحفاظ على مشاعر من احببت .. إذا لم تستطع الحفاظ على إبتسامه حبيبك و عفويته و إشراقه و ثقته بنفسه و بك و سيعكما للمستقبل سويا .. إذا لم تتحمل مسؤليه أن قلبك أصبح له وحده ..فلا تخاطر من البداية و تختار الحب فأنت حتما غير مؤهل لهذا الاختيار .. 

إذا اخترت الزواج فإما أن تكون قادرا على تحمل مسؤلية أسرة و منزل و مراعاة زوجة أو زوج و أطفال و حفظ حقوقهم و الإلتزام بطرفك الأخر بشكل كافي و كفيل لراحته و سعادتكما و اطمئنانه و تفاهمكما و تحمل مسؤلية أطفال و تربيتهم و أن تكون قدوة صالحة لهم .. و إلا لا تختار من البداية أن تكون  أحد طرفي الزواج فأنت حتما غير صالح لهذا و إن اخترت فحتما سيكون زواجا فاشلا فأنت لست بالقدر الكافي من الوعي لهذا القرار .. 

قراراتنا و اختياراتنا تمنعنا من أن نكون أطفالا .. تمنعنا من نشعر شعور الخطأ الذي لا يضر ولا يؤذي و ليس له عاقبه ..

فكل أختيار و قرار و موقف يجعل ظهرك أكثر صلابة و حياتك أكثر واقعية .. فلا توجد أحلام الطفولة ولا أفكار البراءة .. 

الاختيار يعني نقطة في تحديد المصير فإما أن تختار أن تكون قويا مواجها صلبا على قدر المسؤلية و التحدي و كلمة القرار .. أو تكون هشا مختفيا وراء حائط الخوف و بيعونك نظرة انكسار و ضعف .. مكسورا يضعفك اختيارك فتصبح كحائط تتساقط حجارته واحدة تلو الأخرى .. 

و في كل الحالات لن تكون طفلا مهما حدث .. فكل أختيار يبعد من الطفل الذي بداخلك و يقرب من ذلك العجوز المتهالك ..

أما من اختاروا أن يكونوا أطفالا .. فهم من اختاروا أن يختار لهم غيرهم .. أو أن يتحمل غيرهم مسؤلية الوجود بدلا منهم و التحدث بألسنتهم و التصرف كأنهم هم .. فقد اختاروا ألا يختاروا و أن يعيشوا دمى في يد غيرهم ..

هذه هي الحياة اختيارات و قرارات مصيريه .. فأختار ما تقتنع به .. أو تسرع و اختار ما تشتهيه .. أو تبطأ و اختار بعقل و تركيز أو أدعو الله أن يختار لك ما يناسبك و يرضيك و يرضيه عنك .. 

وفي كل الأحوال مازلنا لا ندري و لا نرى ماذا فعلنا بأنفسنا ولا إلى أين ستأخذنا اختياراتنا في النهاية ؟! 


  • 4

   نشر في 18 ماي 2019 .

التعليقات

" منذ 5 سنة
بين حرية الاختيار والقرار..أذهلني جمال نصك مريم..برافو
0
Mariam ismail
شكرا جدا لذوقك
Samah abd el kader منذ 5 سنة
مقال مشوق ‘ بالفعل القرارات والاختيارات هي التي ستبني من خلالها مصائرنا ‘ فنحن لدينا القدرة علي الابحار بغض النظر عن أي قرار ‘فعاجلاً أو آجلاً سيكتشف الانسان إنه سيد من يهذب روحه ويوجه حياته فهو كقبطان السفينة الذي يوجه الدفة نحو المسار الذي يريده وحينها سوف يمتلك زمام مستقبله .
1
Mariam ismail
تشبيهاتك التى تستخدمينها في التعبير من أجمل ما يكون
Samah abd el kader
أشكرك مريم ‘ بالتوفيق في مقالك القادم

لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا