الثورة السورية برواية الطبري
ماذا لو عاصر الطبري احداث الثورة السورية و وثقها في كتابه الشهير تاريخ الرسل و الملوك
نشر في 23 أكتوبر 2016 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
و في سنة ثلاثة و ثلاثين و مئة و الف اندلعت بالشام فتنة لا قبل للمسلمين بها هلكت النسل و الزرع و اجبرت المستضعفين منهم على الفرار الى بلدان و الامصار الاخرى اتقاءا من هول و شرور هذه المصيبة.
حدثنا احد الرواة عن اسبابها فقال ان طاغية بلاد الشام النصيري و كان قد ملك البلاد عن ابيه الذي عمر في الحكم سنين طويلة ، قد اذاق اهلها الويلات و ضيق عليهم اسباب العيش و سلط عليهم عسسه و جنده ،و اباح لهم الحرمات و الاعراض حتى صار المسلمون يظنون انها فتنة اخر الزمان.
و ماكان من اهل الشام الا ان شقوا عصا الطاعة و خلعوا ما في عنقهم من بيعة ، فتمردوا على الطاغية و فيهم جنده و عساكره، اذ حملوا السلاح في وجه غضبا على المحارم التي استبيحت و الدماء الغزيرة التي سفكت و الاموال التي سلبت فلما ايقن الطاغية ان مصيره الى الزوال استعان بخاصته من راوفض اهل العراق و جبل لبنان و بلاد فارس حيث اعانه طاغيتها المدعو بالخامنئي بالجند و المال.
فجاؤا كأنهم جحافل الجراد من كل صوب و حدب يريدون وأد هذه الانتفاضة و سحق اهلها فأمعنوا قتلا فيهم و نهبا في اموالهم فلم يفرقوا في ذلك بين الشيخ و الرضيع و لا بين الرجال و النساء حتى فانتشر خبر هذه الفتنة في كل الافاق و صار المسلمون في مشارق الارض و مغاربها يدعون لاخوانهم بالرحمة و اخرون حملوا السلاح و قصدوا بلاد الشام نصرة لاهلها .
فتعاظم امرها و زاد شرها بخروج فرق الخوارج و كان امرهم فد ضعف بوقوع امرائهم في غياهب السجون فتحينوا الفرصة لفرض دعواهم الباطلة .
ظهر الخوارج اصحاب الرايات السود بعد ان اشتد ظلام و سواد هذا الشر المستطير و لاح في الافق خطر هلاك المسلمين ، فقبل بهم اهل الشام في بادئ الامر و لما تبين لهم زيف و بطلان دعواهم و مروقهم ثاروا عليهم فتسلطوا عليهم و امعنوا في تعذيبهم و اجبارهم، فعمد جندهم و مرتزقتهم على بيعة اميرهم ابراهيم البغدادي ، الذي تطاول على منصب الخلافة و الزم المسلمين في ذلك المصر على بيعته بعد ان اوغل في دمائهم و قطع ارزاقهم .
فلما ضاق الافق بما رحب ،صار المسلمون يتلمسون الخروج و الفرار من ارضهم نحو بلاد الترك و منهم من قصد بلاد الفرنج فوجدوا بها امن و رخاء و عدل عند ملكة لا يظلم عندها احد فاستقر بهم المقام و طاب لهم العيش بها .
و ما زالت الفتنة مستعرة نيرانها الى حد الان و لا ندري لها حلا و الله المستعان على هذه المصيبة التي يشيب لها الولدان .