أنهيت منذ أيام قراءة كتاب (حياة النساء في اليمن)؛ حيث تحكي فيه مؤلفته الفرنسية كلودي فايان قصصاً نقلتها عن صديقتها فرانس هوس والتي عملت كطبيبة في صنعاء واستقرت فيها حتى آخر حياتها.

ومضمون تلك القصص يعبر عن الواقع الإجتماعي والوعي الثقافي للمرأة اليمنية أثناء الفترة التي عملت فيها الطبيبة الفرنسية في صنعاء منذ سنة 1948م حتى 1979م.

وما أدهشني في الكتاب هو ما روته الطبيبة من أحداث في تلك الحقبة التاريخية حين قامت ثورة 26 سبتمبر عام 1962م وما نتج عنها من حرب استمرت لثمان سنوات، وذلك في الفصل الثاني عشر وما يليه من فصول من الكتاب.

ودهشتي أن تلك الأحداث التي روتها الطبيبة بتفاصيلها وعايشها أجدادنا اليمنيون أثناء تلك الحقبة مشابهة تماماً لما يدور في اليمن اليوم وكأنها لوحة تم إعادة طباعتها من جديد.

فثورة الأمس قامت للإطاحة بنظام ملكي، وثورة اليوم قامت لتثور على دولة العائلة والاستبداد، كما أن الأولى قامت لتنهي عصر الجهل والظلام، وهذه أيضاً قامت كما يزعم الثائرون لإنهاء عهد التخلف والفساد.

وفي ثورة سبتمبر لجأت الأطراف المتصارعة إلى فرض نفسها بدعم من الخارج ودخلت البلاد في حرب استمرت لثمان سنوات، وثورة فبراير الشبابية تحولت إلى تكتيكات سياسية وجهود إقليمية ودولية حتى انزلقت في جرف الحرب الداخلية، وتنادى كل طرف بحليفه الخارجي وصارت الثورة كأنها بقرة مذبوحة يُضرب الشعب ببعضها ليرى العالم كيف يُحيي الله الموتى!!

وقد مضت ثمان سنوات من حين قيام الثورة عام 2011م؛ والأوضاع كما هي "فتارة يتقدم الملكيون خطوة أو خطوتين وتارة يتراجعون خطوة أو خطوتين وهكذا الحال مع الجمهوريين، أما المصريين فقد فقدوا الكثير من الرجال.. وأيضاً مع مرور الوقت واجه المصريون مشاكل مع الجمهوريين"، .."وحدثت بعض المواقف المأساوية: الوالد مع معسكر والإبن مع الآخر أو أن يكون الأخَوَان في مُعسكَرَين مُتواجهين" كما عبرت الطبيبة نجيبة الفرنسية، فما زلتُ أخلط عن أي الثورتين تحدثت كلما تذكرتُ ما حكته في الكتاب، لكنها بررت رحمها الله أن هذا ما يحدث دوماً في كل الثورات!

وهكذا.. صار الحلم كالحلم فمتى يا ترى نستيقظ من النوم يا قوم!!