رحيل مؤلم لفارس القضاء فهيم الحضرمي

بقلم/ عبدالرحمن علي علي الزبيب

ناشط حقوقي اعلامي ومستشار قانوني - اليمن

Law711177723@yahoo.com

الثلاثاء 

فجعنا برحيل مؤلم للقاضي الفاضل العزيز فهيم الحضرمي أحد هامات وأعمدة القضاء في اليمن في مقر اقامته في العاصمة المصرية القاهرة .. والذي مازال الغموض يلف هذه الوفاة المفاجئة ومازال الجميع يسأل هل هي وفاة طبيعية ام هناك ملابسات أخرى نأمل أن يتم كشف الحقيقه في اقرب وقت ممكن وان تعلن الجهات الأمنية المصرية عن ملابسات هذه الوفاة المفاجئة للقاضي فهيم الحضرمي.

كان للقاضي فهيم دور كبير في الحافظ على تماسك القضاء واستمرار العمل فيه في عدن كرئيس لمحكمة استنئاف محافظة عدن لفترات طويلة والذي شهدت فيه محكمة استئناف عدن والمحاكم في عدن قفزة إيجابية رغم الصعوبات والمعيقات الذي مرت بها عدن ولكن القاضي فهيم حاول الدفع نحو استمرارية العمل القضائي وبذل جهود كبيرة .

كما كان أيضا عضواً في مجلس القضاء الأعلى وكان له بصمات وجهود إيجابية لمحاولة تفعيل مؤسسات القضاء للقيام بدورها كنا نتوقع ان يتم تعيينه رئيساً لمجلس القضاء الأعلى ولكن لا نعلم لماذا كان يتم استبعاد اسمه من كشوفات المرشحين ام كان القاضي فهيم يعتذر .

لانتذكر الهامات العملاقة في اليمن الا بعد ان تغادر الحياة لنتحسر عليها ونعض أصابع الندم لماذا لم يتم افساح المجال لهم لصناعة واقع جديد لوطننا...

مازال هناك طابور كبير من الكفاءات والمتميزين الموضوعين في رف الانتظار ونخشى ان يسبق اليهم الموت قبل ان يصنعوا تغيير إيجابي في مؤسسات الدول الذي تتعطش لتلك الكفاءات مثل القاضي فهيم .

بداية تعرفنا على القاضي فهيم عندما كان رئيس المحكمة التجارية في صنعاء والذي أحدث قفزة كبيرة في القضاء التجاري في صنعاء وفي اليمن عموماً كان نزيهاً نظيفاً متوضعاً فهيم وفاهم يجنح الى استحباب التصالح بين الأطراف والتقريب بينهم للوصول الى حلول تصالحية للنزاعات وتم حل كثير من النزاعات القضائية ودياً بالتصالح في قضايا منظورة لديه وكسب ثقة القطاع التجاري بشكل كبير .

القاضي فهيم كان أخ لجميع القضاة في اليمن دون تمييز ولا استثناء ويبحث باهتمام عن صرف مستحقاتهم ورفعها وبشكل دؤوب وكان والد للموظفين الإداريين بالسلطة القضائية يبذل جهود حثيثة لمنحهم مستحقاتهم القانونية ورفعها ليواجهوا غلاء المعيشة الذي اغرقت الموظفين في مستنقع الغلاء كان أخ ووالد عزيز وكان يحظى باحترام واعتزاز جميع منتسبي السلطة القضاة من موظفين واداريين في كافة مؤسسات السلطة القضائية .

كانت جلسات المحاكمة الذي يديرها مدرسة بل اكاديمية رائعة لادارة متميزة لجلسات المحاكمة فالهدوء كان يسود القاعة وكان ينظر القضايا دون انحياز وبحياد تام ويفسح المجال لاطراف القضايا لطرح مالديهم دون تدخل ودون اجتزاء ودون منع اواختزال ليصدر بناء على تلك الجلسات احكام قضائية مسببة كأنها بحوث ورسالة دكتورة متميزة ومترابطة ووفق للحق والعدل والانصاف .

عند بداية الحرب وعند وصول نيران الحرب الى عدن لم يهرب القاضي فهيم عدن ولم يغادرها وظل فيها مقيماً مع أهلها الطيبين يتجرع فيها ويلات الحرب رغم دعوات مطالبات اقاربه ومحبيه لمغادرة عدن ولكنه رفض مغادرتها وكان يقول لن نترك عدن وهي تتألم سنحاول لملمة جراحها بما نستطيع .

ترك الجميع عدن ولكن القاضي فهميم لم يتركها لانها استوطنت قلبه وروحه كما كان يقول دائماً بل ربما عدن رفضت ان يتركها وتمسكت بالقاضي فهيم .

تخلى الجميع عن عدن القريب والبعيد ولكن القاضي فهيم لم يتخلى عنها أطلق أول نداء انساني لإغاثة عدن وقام بتسير قافلة اغاثية من جميع محافظات اليمن لإغاثة عدن المنكوبة في حينها واستثمر علاقته الإيجابية من البيوت التجارية والقطاع الخاص لإغاثة عدن.

خلع القا ضي فهيم بدلته الانيقة وروب القضاء وقام بلبس الفوطة الحضرمية ونزل لتسليم الإغاثة الإنسانية لبيوت عدن تحت وقع الطلقات النارية والقذائف كان الجميع يخشى عليه ولكنه مؤمن بأن الله يحميه واستمر في العمل الاغاثي والإنساني هذا هو القاضي فيهم الانسان ..

في معظم محطات حياته كان يؤمن بالعدالة التصالحية لذلك شارك في تأسيس مراكز تحكيم وتصالح ساهمت بشكل كبير في حل كثير من النزاعات بالتصالح ومؤخراً كان بصدد انشاء مركز تصالح وتحكيم جديد في عدن مع كوكبة من القضاء والمحامين والمستشارين القانونين .

الى جوار عمله القضائي كان ناشط في المجتمع المدني عبر المؤسسة الذي أنشئها في عدن مؤسسة تجديد والذي نفذت كثير من الأنشطة والمشاريع الاغاثية الإنسانية والتوعوية والحقوقية وكان منها مكافحة الفساد ومكافحة غسيل الأموال ومكافحة المخدرات وكان يتألم من وضع عدن والاختلالات التي تعاني منها ومخاطر انتشار المخدرات والجريمة ويحاول بالتعاون مع الجهات المختصة الحد من انتشارها وكان له دور كبير في الحد منها .

كان مؤمن بالقضية الجنوبية ويتألم من استمرار مظالم الجنوب الأرض والانسان والوظيفة العامة كان يزونا في باستمرار في لجنة مععالجة قضايا الموظفين المبعدين بالمحافظات الجنوبية الذي تم تشكيلها في عام 2013م بالتزامن مع انعقاد مؤتمر الحوار الوطني وكان يؤكد على وجوبية معالجة المظلوميات ومنحها أولوية على أي ملفات أخرى وخصوصا مظلوميات استبعاد الالاف من الكوارد الجنوبية من الوطيفة العامة عقب حرب صيف 1994م وأيضا الأراضي المنهوبة في الجنوب العامة والخاصة .

اخر عمل اجتمعنا سوياً عليه كان تقرير امتثال اليمن لاتفاقية مكافحة الفساد الذي تم تنفيذه عبر منظمة أوتاد لمكافحة الفساد وبالتعاون مع الأمم المتحدة وصدر عام 2022م وكان عضو في الفريق الاستشاري لنا كفريق فني لاعداد التقرير والذي تضمن تشخيص لواقع مكافحة الفساد في اليمن والمعيقات والصعوبات ومقترحات المعالجة والحلول .. كان من أكثر الأشخاص اهتماما بجهود مكافحة الفساد باعتبارها البوابة الوحيدة لاصلاح الوطن وتنميته حسبما كان يردد باستمرار.

وفي الأخر :

نعزي انفسنا ونعزي أهالي واقارب و محبي القاضي فهيم الحضرمي لهذا المصاب الجلل والموت المفاجيء الذي نأمل ان تلقى واقعة الوفاة اهتمام كبير لكشف ملابساتها واعلانها للرأي العام كما نامل ان يتم العمل على استكمال الأنشطة والمشاريع الذي كان قد بدأ في تنفيذها وأهمها مركز التصالح و التحكيم في عدن الذي سيكون له دور كبير وايجابي في الاستقرار وجذب الاستثمار وان تلقة مقترحاته ودراسته المنشورة وغير المنشورة اهتمام الجهات المختصة وفي مقدمتها مجلس القضاء الأعلى لتنفيذها ..

وداعاً لفارس القضاء وداعاً لإبن عدن البار القاضي فهيم الحضرمي ..