خاطرة"2":

أحببت الشعر وأحبني لاسيما حين بدأت في تأليف أولى قصائدي والتي كان مطلعها

الدنيا غدارة ولا احنا اللي غدارين

الدنيا كذابة ولا احنا اللي كذابين

الدنيا دي بسمة واللي احنا اللي مخدوعين

ولم تكن تلك الوحيدة بل تفاجئني أمي أحيانا بقصائد وأشعار منذ سنوات ولا أعلم عنها شيئا ولا أكاد أتذكرها فلقد وصل عشقي للشعر أني كنت مغرما بتأليفه بشدة في حصص الفراغ بالفصل،في البيت ، في الدرس، بل في الحمام أحيانا .

واظبت على معرفة أراء أستاذتي ومعلمتي"أمي الحبيبة" فيما أكتب من أشعار ولما رأت عشقي لذلك الفن صحبتني إلى قصور الثقافة لنلتقي شعراء ومثقفين كي يرشدوني إلى ما اتخذه من خطوات جادة لإتقان كتابة"تاج الأدب" وبالفعل واظبت على الذهاب إلى أحد تلك الأماكن وتعرفت هناك على أ.منى الشاذلي ولا أقصد بالطبع "الإعلامية الشهيرة" بل هي موظفة تعمل في مكتبة قصر الثقافة وقد كان هذا إعتقادي إلى أن توطدت صلتي بها وعلمت أنها تخرجت في معهد السينما ودرس لها كبار الفنانين مثل محمود المليجي ، حسين فهمي ،صلاح أبو سيف وغيرهم وقد إلتحقت بمعهد السينما لسببين على ما أذكر فالسبب الأول أن تقديرها بالثانوية العامة كان ضعيفا أما السبب الثاني وأظن أنه هو الرئيسي أن أحد المخرجين قد رآها وهي ما زالت شابة في الثامنة عشر أو أقل وأخبرها أنها شبيهة بسعاد حسني أي أن وجهها سينمائي ونصحها أن تتقدم لمعهد السينما للدراسة..وبالفعل درست بمعهد السينما وعملت فيما بعد كمساعد مخرج وسيناريست وسرق منها أحد السيناريوهات التي كتبتها وتمنت لو عرض على الشاشة لكن لم يحالفها الحظ.

وقد كنت حريصا أن أتعلم منها فن كتابة السيناريو وبالفعل أخبرتني بأبرز ملامح كتابته كما أعطتني أحد السيناريوهات التي كتبتها لأقرأها واتعلم منها أما عن عملها بقصر الثقافة والذي يتناقض تماما مع طبيعة عملها كفنانة فقد كان هذا بإختيارها وهو أن تعمل بمسقط رأسها أي المحلة وبالتحديد بقصر الثقافة وتبتعد عن العمل في الوسط الفني.

تعلمت منها الكثير واحببت فن الكتابة بل الفن عموما حتى أخبرت أمي في إحدى المرات برغبتي في الإلتحاق بمعهد السينما بعد الثانوية العامة ورفضت ذلك الأمر وقالت لي"روح الأول الكلية واتخرج منها واعمل اللي انت عايزه بعد كده".

كان من أبرز المثقفين الذين واظبت على التعلم منهم جدي العزيز والد أمي رحمه الله فقد كان قامة شعرية حيث رأس رابطة الزجل بقصر الثقافة والرابطة هي مجموعة من الشعراء يقومون بكتابة القصائد والأشعار العامية ويشرف جدي على تصحيح ما بها من أخطاء لغوية وأدبية كما يشارك أيضا بكتابة بعض الأشعار وتتولى الرابطة طباعة تلك الأشعار ونشرها على نفقاتهم الخاصة..ويوجد لدي أحد الكتب التراثية التي أنتجته الرابطة وهو "صوت الزجل" كتبه جدي بمشاركة أعضاء الرابطة.

كاد نجمي جدي ان يسطع في سماء الشعر الغنائي حيث قطع شوطا كبيرا في هذا المجال

لكن ما حال بينه وبين الإستكمال في هذا الطريق هو أبيه فقد طرده من العمل معه وتوعد له إن لم يترك هذا المجال وبالفعل أطاع جدي أبيه حيث كان بارا به وترك الوسط الفني.

أما أنا فلا ينبغي لي أن يكون لجدي هذا التاريخ وتلك الخبرة ولا أنهل منها ما يثري لدي تلك الموهبة الجينية التي ورثتها منه فنهلت منه ما استطعت إليه سبيلا.