في هذه الأثناء ؛ يلح عليّ القلم ليسطر ما شاء الله له أن يسطر من حزن دفين ، وصمت قد طال كتم خروج كلماته ، أراني وقد تبدلت فيّ أحوال ، وتشتت أمور عظام ، أراني وقد انقلبت حالي رأساً علي عقب ؛ فما أنا بالشخص الذي كنت أعرف ، ولا أنا بالشخص الذي قد ربيتُ ، لم كل هذا ؟!! طالما سألت نفسي هذا السؤال ؛ لم ؟
لكن بعد موجات التغيير ، وبعد الغياب الطويل في غياهب الأيام وظلمة الفتن ؛ أصبحت لا أقدر علي المواجهة ، ليست بمواجهة أسد في الفلوات ، ولا عدو يحمل المدفع ويهرول بالدبابات ، بل عدو أخطر وأجلّ ، أصبحت لا أقدر علي مواجهة نفسي التي طالما غالبتها فغلبتني ، نعم ؛ نفسي التي بين جنبي التي هي أحقر وأذل من عرفت علي وجه الأرض !!
أراني وأنا ملقيً كالشيء البهيم علي " بلاط " كلية الطب أمام " معامل الكيمياء الحيوية " ، أراني علي الأرض كأي شيء آخر ، لكن إذا ما تمعنت بناظري ما وجدت أحقر مني !!
أنا الذي فرطت في حق ربي ؛ فهنت عليه ، أنا الذي أصبحت مضيعا حقه ؛ فأوشكت علي الهلاك..
أري مشارف هذا الضياع وكأنها تبدو إليّ من ستر رقيق بعد طول غيبة !!
أصبحت أستعين بالمخلوقين قبل خالقهم ، وأمرر هذا كله وألقي باللوم علي " الظروف " والأيام والشخوص ومن تركني ومن تمسك !! وكنت قبل علي النقيض من هذا كله.
وكما قال ابن الأثير :" ليت أمي لم تلدني " ، نعم ؛ ليت أمي لم تلدني حتي أري ما أنا فيه ، أَركضُ علي الأرض كالسجين المسلوب الإرادة ، وكالأسير الذي فقد أرض وطنه ثم هو بعد ذلك في قبضة العدو !!
ثم ماذا بعدُ ؟!!
متي يأتي التغيير يا ابن الأمير ؟!!
ألم يحن الوقت ؟
ألم يحن الوقت الذي تنفض فيه الغبار الذي علا إرادتك وسلب منك عزيمتك ، ألم يحن بعدُ ؟!!
إلي متي ستعلق نفسك بمن يستحق ومن لا يستحق ؟!
قل لي إلي متي ؟!!!!
طالما سألت نفسي الذليلة هذا السؤال ، نعم ؛ سألته لنفسي لكن دون جدوي.
يا الله !!
ليس لي سواك.
اللهم انقذني من نفسي واعصمني من هواي فلم أعد أتحمل.
اللهم إنك تعلم أنني قد فرطت في حقك كثيرا ، لكنك أرأف بعبدك من الأم بولدها ؛ فلا تضيعني ، ولا تخيب رجائي.
اللهم أشتهي عزلة فلا تحرمنيها.
اللهم ارزقني عزلة أعيش فيها لك وحدك لا يشارك قلبي فيها معك أحد.
نعم !!
هي العزلة التي طالما اشتهيتها وتمنيتها ، لأبتعد بها عن ظلم الحياة وبؤسها وضنكها وكدرها.
عزلة أخلو فيها لربي بعيدا عن شياطين الإنس وشيطان نفسي الذي يقوي بالاقتراب من أقرانه من بني البشر ، أريد عزلة أربي فيها نفسي من جديد ، وأعودها علي الطاعة..
ربي !!
ربي لا تتركني لغيرك ولا تشمت بيّ أحد.
اللهم إن النفس ضاقت فلا تقبضني إلا وأنت راضٍ عني..
إلهي !
إلهي إلي من تكلني وأنا غنيٌ بك عمن سواك !!
اللهم اغنني بك عمن سواك ، اللهم ارزقني لذة القرب منك والبعد عمن سواك..
ربي إني فرطت في حقك فلا ترجعني إلي مثلها..
تائب إليك ، منيب ، مطأطأ الرأس ، مخذول ، ذليل ، منكسر بين يديك !
اللهم اعصمني من فتن لم أعد أستطع الصبر عنها لبعدي عنك..
اللهم إن هذه دموع الندم علي الخد تجري ، وقلبي يخفق حياءً منك ؛ اللهم لا ترد قلباً انكسر في البعد عنك ، واجبر هذا القلب الذي يحبك – وأنت تعلم.
اللهم إني قد ضقت بالدنيا ومتاعبها ؛ فإن كانت الوفاة خيرا لي فعجلها.
اللهم انصرني علي نفسي التي بين جنبي.
** عندما تجد نفسك في موضع ضعف ؛ لا تستسلم ، اغلق هاتفك قليلا ، اغلق عليك حجرتك ، توضأ ، قم لله صل ركعات ، ناج ربك ، ولا تتعجل ، امسك مصحفك ، ارفع عنه تراب الغيبة ، تراب البعد وذُلك ، لا تخرج لتلك الدنيا الملعونة التي ما فيها غير كدر وتعب ؛ إن كنت مع الناس تركت رب الناس.
** قم ودع عنك التراخي والكسل.
** قم وانبش جراحاً أنت لها وطن.
** انبش جراح ضعف كنت أمامها سكن.
• أقول لنفسي :" أيها الغبي ! ما كنت يوما ضمن هؤلاء ، أهو البعد عن الأهل !!
فقلقهم وشوقهم وتضحياتهم تكفيك ، أهو البعد عن الحبيب !!
أترضي بعد هذا أن تعود لذلك ؟!
اصبر عن هذا حتي يأذن الله لك بها.
الزم نفسك ولا تقل هلكت ، فلا يهلك من كان الله معه ، ناج ربك ، الزم كتابه ، فوالله أنت أحوج إليه من أي أحد ، وعليك بسير سلفك الصالحين."
وكتبه الراجي عفو ربه يوم الأحد 8/5/2016
-
السيد الأميرإذا لم تستطع شيئا فدعه ** وجاوزه إلى ما تستطيع. ^^