بينما نحن ثلاثة في مجلس، نتجاذب طرف الحديث في شيء ما ، قد عرفناه منذ سنوات وأحطنا به من العلم، إذ دخل علينا رابع أو اقتحم، يصغرنا سنا وليس عنده من جيد العلم والرأي أو رجاحة العقل شافع، لكنها فقط شهوة العلم، فأخذ يلتقط من الكلام ثم يناقش ثم يكرر ما قال مرة بعد مرة، فلا يسمع له ولم يتوجه إليه أحدنا بالكلام إلا أننا استثقلنا كلامه وتطفله، و الاستماتة في مظاهر العلم والفهم وهو على غير ذلك.
والإنسان على الأصل جهول ونقطة من العلم تذهب ببحر من الجهالات،
وشهوة العلم التظاهر به، لا تصيب إلا قليل علم ابتدأ فأحس أنه انتهى وجمع ما لا يحصى، ذلك أن النقطة الواحدة من الصبغة قد تلون قدرا كبير من سائل وتذهب بشكله على ضئالتها.
أو كمن ألقي في غيابات جب عميق ثم أحكم عليه الإغلاق فعالج ظلمات فوق ظلمات، حتى ثقب الغطاء فتخلل شعاع أذهب بالظلمة على ضعفه، فرأى درجات إلى أعلى البئر فتسلقها وصولا إلى الغطاء فرفعه، حتى إذا خرج تفاجئ بالضياء الشمسي وانتشاره مقارنة بالشعاع الذي رآه أول مرة.
فالناس مذاهب شتى،
منهم من يكتفى بشعاع العلم الأول يحسبه كل شيء فلا جهل بعده، فيصيبه الزهو والاختيال، ويحسب أنه بشعاعه قادر على مبارة إضاءة الشمس أجزائها، وهذا دائما صاحب شهوة وتعالم.
وآخر يصعد الدرجات بعضها ثم يطمئن إلى البعد عن القاع فيسكن بنور الشعاع وقربه، وآخر يأبى إلا إزاحة الستر واقتحامه فلما يصل إلى نور الكون لا يزيده ذلك إلا تواضعا فينهل من العلم كل جهده وحاله _ سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم_ .
ورابعنا هذا لا علم له فيما نقول إلا شعاع بل ذرة منه إن وجدت، فضاق عليه إعراضنا عنه، فأقدم على آخر محاولاته مغيرا حديثنا بآخر ملقيا بعض الكلمات، لكن مع التغير الذي أحدثه عجز أن يفصح أو يكمل، فنقل الموضوع إلى دائرتنا تارة آخرى، وظل على حاله الأولى يحاول أن يكون رابع ثلاثة لكن بلا جدوى، حتى يئس وتركنا في سلام.
هل كنت ذلك الرابع يوما ما؟ تخوض فيما لا تحسن أو تتباهى بقليل علم؟
فلتحذر لأن الرابع قد لا يكون حسنا، فليس كل رابع( أوريجي)
-
محمد أشرف درويشطالب جامعي 22 سنة أحب الكتابة