الجريمة والمقاربة الأمنية - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الجريمة والمقاربة الأمنية

بقلم / محمد نبيل العلمي

  نشر في 23 أكتوبر 2015 .

منذ الأبد والجريمة محل مواجهة شديدة لأنها تقض مضجع الناس،وتؤدي إلى هدر حقوقهم ومملكاتهم،ولهذه الغاية بالذات،عمد الله تعالى في كتابه العزيز إلى تشريع مجموعة من العقوبات الزجرية ضد معظم الجرائم الفادحة،كما أحاط الحقوق والأعراض،والكرامة الإنسانية بكثير من العناية من أجل حمايتها،وتمكين الإنسان من التمتع بها،لممارسة حياته الدينية والدنيوية على أكمل وجه.وما هذا التوجه الإلهي إلى معاقبة المخلين بالقيم الأخلاقية والاجتماعية والدينية،ومثله القانون الوضعي،إلا دليل على ضرورة تبني جهاز أمني وقضائي يحاصر هذه الجرائم،ويبث فيها بهدف إيجاد الحكم المناسب للضرب على أيدي المنغمسين فيها،وإعطاء العبرة بما ذاقوه من عقاب لكل من تسول له نفسه المضي في هذا الدرب المحفوف بمظاهر الاعتداء على الغير،والمس بعرضه وماله وحياته وسكينته.

إن المقاربة الأمنية كما تمت الإشارة إليها في المواقف السابقة لازمة في كل الأحوال الوقائية والعقابية على حد سواء،لكون الجهاز الأمني وضع لهذه الغاية بالأساس،فضلا عن رسالته الاحترازية الهادفة إلى خلق جو من الانضباط والسلامة لإجهاض الميولات الإجرامية،قبل أن تقع.أما العوامل السياسية والتربوية والاجتماعية والاقتصادية،فإنه يعول عليها كثيرا للمساهمة موازاة مع المصلحة الأمنية في محاربة الجريمة والوقاية منها.

إن الجريمة تتحدى الزمان و المكان،ومهما تطورت وسائل مقاومتها،والقوانين الموضوعة لمواجهتها،فإنها تواصل زحفها،ويستمر مدها بدون هوادة،لأن التطور الحضاري والعلمي يمد المجرمين بوسائل جديدة لمزاولة نشاطهم الإجرامي،وتجاوز مايبتكره العلم والقانون من معدات وتدابير لكبح الجرم ومقاومته.

في البلدان أجمعها،وبغض النظر عن مستواها الاجتماعي والاقتصادي،وترسانتها الأمنية،فإن هاجس الفعل الإجرامي يهيمن عليها،ويرغمها على استنفار جهازها الأمني موازاة مع المؤهلات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المصاحبة له،إذ لا يقبل أي مبرر للجريمة،ولا يجوز السكوت عنها سواء كانت بدافع أرعن تلقائي أو بوجود أسباب موضوعية قاهرة.

إن القول بأي منهما الأسبق الواقع الفاسد أم الجريمة.؟ هو طرح سفسطائي عقيم،من الواجب تجاوزه إلى التحليل العلمي القائم على المنطق،والتجربة الواقعية التي تحتم تناول المعالجة الإجرامية على ضوء الفصل بين الا ختصاصات،وأن كل مرفق لما أعد له،فلا يمكن للمدرس أن يقوم بدور الشرطي ولا هذا الأخير يتوجب عليه أن يضطلع بمسؤولية الطبيب أو الفلاح،فالناس في المجتمع يتعاونون على خدمته والسهر على رعاية المصلحة العامة،وتأهيل كل فرد للظفر بأغراضه المشروعة،كل حسب وظيفته والمهمة الموكولة إليه.

وفي سياق الرؤية الايديولوجية المشبعة بالارهاصات العلمية السوسيوسياسية يصبح التغاضي عن الجريمة سلوكا أمنيا متعمدا للتخويف،وبعث الرعب والاستسلام في نفوس الأفراد والجماعات،وحرمان هؤلاء جميعا من الاستقرار النفسي والفكري،برغبة في السيطرة عليهم من جهة،ومنح الجهاز الأمني،في حالة تدخله لانقاذ الموقف،والمصداقية التي يبحث عنها من جهة أخرى،فضلا عن السعي إلى إضعاف تركيزالمواطنين على أمور أخرى غير الانشغال بوسائل تخليص بيئتهم مما تتعرض إليه من سطو وقتل،وإثارة للفوضى واعتداء على الحرمات.لكن قد تنقلب الأمور رأسا على عقب ويصبح الصياد مصطادا.



   نشر في 23 أكتوبر 2015 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا