من سلسلة مشاركات.....

عندما يغيب الوازع و الرادع و تدلهم خطوب المصالح الظاهرة و الخفية بين الأنقياء الأتقياء و الخونة، وقتها تختلط الأمور و يصعب العثور على العلاج الشافي، أو على الأقل التمحيص الدقيق و الكافي لكشف الحقيقة .

فمع التطور الذي يشهده العالم، تطورت معه بالمقابل اشكال الإجرام ووسائل الترفيه  وأدوات البحث عن السعادة لدرجة الغوص في الدهاليز سعيا لاستعمال كل ما هو مثير، دون مراعاة العواقب الوخيمة للتحضر المجانب الحضارة. كلمات قد تتسلل لوصف الواقع الجديد المنافي للأصالة و العادات، و المطابق لاستيراد آخر ما جادت به قرائح اراذل الغرب . نتكلم هنا عن سعي المواطن العربي للنشوة و الفرحة المزعومة بولوج عالم المخدرات المظلم، بحثا عن وضع اقتصادي أفضل و جو شاعري عميق .

ولكن عند التساؤل عن الظاهرة تنفجر في وجهك باقة التساؤلات التي ترتبط اجاباتها بعديد القطاعات والآليات لدرجة ضرورة لزوم الصمت المطبق. ماذا لو تسائلنا من اين تأتي المخدرات؟ ما سبب الوفرة بأنواعها المتعددة؟ كيف تمكنت من غزو شرائح المجتمع ذكورا و اناثا ؟ كيف عجزت المؤسسة الدينية على الحد من انتشارها؟ لماذا تم السكوت عن مساهمة الفن في الترويج لها من خلال تجميل صورها في الاغاني الماجنة المسوقة؟ ولماذا غابت الصرامة الحادة في التعامل مع الفاعلين الحقيقيين  والاكتفاء بصغار المروجين؟ ولماذا؟...و لماذا؟......ولماذا؟؟؟؟

يقول سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه يؤخذ بالسلطان ما لا يؤخذ بالقرآن، اي ان الأمر في كثير من الأحوال يتطلب ردعا و قصاصا دون الاكتفاء بحملات التحسيس التي لم تعد مثمرة، بل الواجب تكاثف جهود الجميع و العمل على مواكبة الترسانة القانونية للوضع الجديد بما يتطلبه من تخطيط و مواكبة ومسايرة لجهود المسجد  والإعلام و المدرسة .

نقول هذا في ظل تراكم المحبطات و الدوافع لولوج العالم المظلم، بغياب المحفزات  والمتنفسات و آليات تخفيف الضغوطات، طبعا مع سيطرة العدو الأكبر ألا وهو الفقر  والحاجة. لذلك فأرى أن الأمر يتطلب تسمية الأمور بمسمياتها، بالخوض اولا في تجفيف المنابع و تشديد العقوبات وإطلاق الحرية للمؤسسة الدينية للنشاط بفعالية، ومواكبة سياسات الدولة للتطور الحاصل في الترفيه و التعليم و حتى الإجرام.

هي رؤية فقط بين كم من التساؤلات يتطلب أمرها إشراك عديد القطاعات و بكل حزم لطرق ابواب الحلول.

محمد بن سنوسي

06 يناير 2022