الأريام في الجمل ..من أريام أفكاري د.عاطف عبدالعزيز عتمان

كان على الأريام أن تقف عند موقعة الجمل وموجة الفتنة الأكبر بعد وفاة ذي النورين صهر النبي وصاحب السبق ومجهز الجيوش وواهب الماء للعطاشى ومن استحت منه الملائكة والصابر على البلاء وأول دم طاهر يقع ضحية موجات الفتنة .

هناك بشارات للرسول صل الله عليه وسلم ولكن رمزية البشارات تغيب عن الغالبية حتى تقع الأحداث ، فها هم بعض من كبار الصحابة ومعهم أم المؤمنين عائشة يشعرون أنهم خذلوا عثمان حيا ويطلبون قتلته ويتعجلون الأمر ربما شعورا بالذنب على خذلانهم لعثمان ، وتنبح كلاب الحوأب وتدرك عائشة أنها المقصودة بحديث النبي وتهم بالعودة ويقنعوها بالبقاء عسى أن تصلح بين الفئتين ، ويؤدي أمير المؤمنين علي حق الأمومة فيكرم أم المؤمنين ويعيدها عزيزة كريمة ، ويذكر الزبير بحديث النبي بظلمه له بقتاله فيتذكر الزبير ويعود لولا أنهم أصروا عليه وعرضوا كفارة اليمين والعودة لعله يصلح بين الطرفين ويبكي أمير المؤمنين الزبير ويقول بشروا قاتل بن صفية بالنار ، صفية بنت عبدالمطلب !!

وتقف الأريام شاخصة الأبصار وهي ترى طلحة يبايع عليا وهو يفارق الحياة وعمار يخطب في الناس إن عائشة أمكم وزوجة نبيكم في الدنيا والآخرة ولكن الله إبتلاكم ليعلم إياه تطيعون أم هي ؟؟

نعم يا عمار إنها الفتنة وأنت أحد القادة المنتصرين تقف ومعك السبط الإمام الحسن رضي الله عنه لتقف عند حدود الله وحرمات المؤمنين وبخاصة إحدى أمهات المؤمنين .

مشهد مهيب يبكي فيه المنتصر قتلى الطرف المهزوم ويعرف بعضهم فضل بعض ولا يكفر بعضهم بعضا ، فمتى بكى المنتصر شهداء المهزوم ؟

دلوني يا مؤرخي التاريخ !!!

إنها الفتنة وإنها النفوس الطاهرة التي إختلفت إجتهادا بنوايا طيبة فما سكن الحقد قلوبهم ولا عرفت الكراهية لهم طريقا ولم تعرف ألسنتهم السب ولا اللعن ولا الطعن ولا التكفير يا أهل الكراهية والسب واللعن يا تكفيري كل المذاهب والطوائف ها هو أمير المؤمنين علي يبكي طلحة والزبير حواري النبي وهو الإمام المبايع الذي طلبه الناس وبايعوه وهو صاحب الحق والمظلوم رضي الله عنه وأرضاه .

هناك من أبى أن يخوض في الفتنة وإعتزل الأمر برمته إجتهادا فغاب أسامة بن زيد وسعد بن أبي وقاص عن المشهد وحضر عمار إجتهادا وحرض الناس على الحضور وكان عبدالله بن عمرو في الفئة الأخرى إلتزاما بوصية النبي أن يتبع أباه ولكنه لم يقاتل وصدح بالحق في حضور معاوية عندما استشهد عمار فقال قتلته الفئة الباغية .

وقفت الأريام تتأمل ماورد عن النبي بشأن الفتنة بين فئة الحق والفئة الباغية والتي حوت أسماء كالنجوم في الفضل والسبق ، وما ورد بشأن الخوارج الذين مرقوا من الدين وقاتلهم أمير المؤمنين علي في علامة بارزة أنه على الحق بالإضافة لمقتل عمار من قبل جيش معاوية رضي الله عنه ، ولاحظت الفارق في وصف الخوارج الذين مرقوا من الدين والحض على قتالهم ووصف الفئة الباغية التي وإن أخطأت لكنها لم تخرج من الدين .

هاجت أمواج الفتنة وحتى هذه اللحظة ومع الدماء فالصلاة واحدة والدين واحد والكتاب واحد والقبلة واحدة ولا مذاهب ولا تحزبات ، فقد لقي الرعيل الأول ربهم ودينهم واحد .

ودارت الأريام حول ما يزيد على ثلاثين ألفا من الدماء المهدرة نتيجة الفتنة وبعد عناء الرحلة والعودة للحاضر نظرت الأريام لهؤلاء الذين يثيرون أحقاد التاريخ ويقودون موجات الفتنة وقبل أن تنالها سهام الحقد بإتهام رؤيتها للصورة خلال الزيارة أقرت أنه ربما غابت عنها تفاصيل أو زوايا ولكن بالنهاية علينا أن نكف ألسنتنا عن تهييج الفتن وليسع الموالي والمخالف القاعدة القرآنية

تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ.

صدق الله العظيم