لقد تعودنا في وطنا العزيز ( اليمن) الوطن المعطى أن تختلط احزننا بأفراحنا...لكن رغم كل اﻷﻵم واﻷحزان التي تنتابنا نتيجة لما حدث ويحدث كل يوم في وطنا العزيز من قتل وتدمير و...و...الخ إلا أن هناك من ادخل الفرحة إلى قلوبنا فرحة تمتزج معها اﻷﻵم، فرحة بحصول ابناءنا على معدلات عالية جدا وآلام على وضعنا البائس ومستقبلهم المجهول..! تلك المعدلات توحي لنا بإن ابناءنا طلاب الثانوية العامة للعام الدراسي 2014/ 2015 قد بلغوا من الذكاء والمثابرة في التحصيل العلمي مرحلة لم يكن يحلم بها من قبلهم من طلاب الثمانينات والتسعينات أو من بعدهم من الطلاب..! حيث وقد اظهرت النتائج المعلن عنها اليوم أن هناك عدد هائل من الطلاب حصلوا على معدلات عالية و بنسبة تتعدى 90% هذه النسبة، التي لم تكن تراودنا نحن طلاب التسعينات في اﻷحلام. وإن حصل عليها أحد فهو ممن من عليهم الله بفطرة الذكاء، أو من اعانه الله وسخر كل وقته وطاقته في تحصيل العلم. ومن طلب العلى سهر الليالي، ولكل مجتهد نصيب.

فهل ياترى هل طلاب العام الدراسي المنصرم يتميزون عن غيرهم من الطلاب بالذكاء المبهر ؟ حتى يحققوا هذه المعدلات العالية جدا. أم هل نحن اغبياء وفاشلون لم يكن بمقدورنا(طلاب التسعينات- الثمانينات) الحصول على هذه النسب المرتفعة؟ في تلك الفترة التي يعد التعليم في أزهى ايامه ومراحله.

هل بلغ طلابنا من الذكاء إلى درجة يحق لنا أن نفخر ونتفاخر بهم امام اﻷمم واﻷمصار ؟ أم أن العيب في عقولنا التي كانت ولا زالت لا تستوعب.. اعترها الصدأ وضيق التفكر والنسيان؟ أم أن المناهج التعليمية أصبحت من البساطة إلى درجة يمكن للطالب البسيط ان يحقق مالم يكن يراودنا في اﻷحلام؟ أم أن القائمين على التعليم اصبحوا يتنافسوا على اتيان الغش؟.. لكي تتباها كل مدرسة أو مديرية أو محافطة على اﻷخرى...! بإن طلابها متفوقون دون غيرهم. هذا واقع معاش فعلا في وطنا العزيز.

بهذه الطريقة لقد غشينا وافسدنا جيلا باكمله؛ بل افسدنا التعليم برمته...انا لا اشكك في قدرات طلابنا أو استهين بمستوياتهم العلمية، لكن ما يحيرني ويثير التساؤلات بداخلي هو ذلك الكم الهائل من المعدلات المرتفعة. فعلى سبيل المثال وليس الحصر ففي منطقتي بل قريتي، وحسب بعض المصادر التي وصلتني -بغض النظر عن مصداقيتها فهناك العديد من المؤشرات التي تؤكد ذلك على مستوى الوطن- فقد حصل ما لايقل عن عشرة طلاب على نسبة مابين 95% - 93% هذا على مستوى قرية، فما بالك على مستوى وطن باكمله.

إضافة إلى ذلك وعلى صفحات التواصل الاجتماعي( فيسبوك) لاحظت كم هائل من التهاني والتبريكات لعدد لا يستهان به بمناسبة حصولهم على معدلات لاتقل عن 90%.وانا بدوري اقول لهم الف الف الف مبروك.

كل هذا يثير شكوكي في مسار العمل التربوي والتعليمي بالوطن، التعليم الذي نحن مراهنون على أنه لا يمكن أن يصلح حلنا إلا به. التعليم حجر اﻷساس لصنع مستقبل افضل لبلادنا، وفي حالة أي انحراف او خلل في مسار العمل التعليمي اختل المجتمع، وسيساهم ذلك الانحراف في صناعة جيل جاهل، بل فاسد إذا جاز أو صح التعبير.

على العموم الايام المقبلة والقريبة جدا هي الكفيلة ببيان حقيقة هذه المعدلات، وبيان مستوى طلابنا،وذلك في حالة إذا تم ضبط عملية الولوج إلى الجامعات وخضوع الجميع لامتحانات القبول. وفي الأخير اتمنى من القائمين على التعليم إعادة النظر في مثل هذا الموضوع، الذي اصبح يشكل في السنوات الماضية ظاهرة (فوق 90%) . وفي نفس الوقت اتمنى من الباحثين والمهتمين بهذا القطاع الحيوي القيام ببعض الدراسات والبحوث لإلقاء الضوء على تلك الظاهرة للكشف عن اسبابها ووضع الحلول المناسبة لها.

د.اكرم العجي