كلمات ولكن! - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

كلمات ولكن!

كلمات ولكن!

  نشر في 21 فبراير 2022  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

كلمات ولكن!

ما بين الفلسفة والفيزياء والأدب , وما بين الدين والخرافة وعلم النفس وعلم الاجتماع , وما بين أقوال الحكماء والعلماء والمتكلمين , وما بين الاجتهاد والتأمل والرأي الحر , وربما علم الكلام وعلم اللغة , وعبر تاريخ البشر الثقافي والحضاري , وأحيانا للدراويش والمتصوفة باع في الخوض فيما نعني , كل ما سبق هو عبارة عن وعاء تختلط في مفردات من الصعب وضع كلمة نهائية في تفسيرها , وربما حتى في الوصول لأدنى مستوى من القول الفصل فيها , بل تتجاذبها محاولات قتالية عبر مختلف اللغات والثقافات وحتى المعامل العلمية والدراسات المختلفة , ولكنها حتما لم تضع الحرب الفكرية نحوها أوزارها , ولن تضعها يوما .
هذه المفردات تمر كثيرا أمام عقولنا وتحت سلطة فكرنا دون أن نجزم بالحدود الفارقة بينها (جزما) , ولو جمعنا عشرات العلماء والحكماء والمتقولين والمفكرين في شتى المجالات لما أصابوا كبد الحقيقة نحو كل مفردة منها , قد تتقارب التفسيرات , وقد تتضارب نحو بعضها وتتفق نحو بعضها , وقد يجتمع نفر دون أخرين حول رأي ما دون الأخر , ولكن هل سيأتي يوما ما وتقف تلك الكلمات أمامنا مجردة عن الشوائب , هل سنصل ذات زمن لحقيقة مؤكدة نحو كل مفردة , هل سنلغي الحواجز والشبهات بين كل مفردة وأخرى ؟
أقولها صادق أن تلك المفردات أخذت مني محاولات كثيرة للتفكير فيها وفي العلاقات الغريبة والخفية بينها وبين بعضها , وفي النهاية هذا رأي شخصي ومحاولة محدودة مني للثرثرة حول هذا الموضوع , بالرغم كوني غير متخصص ولا عالم أو ناقد أو فيلسوف أو شيخ طريقة , هي إبحار مني مع الوقت في سياحة فكرية محدودة قد ترتد نحوي في صمت ولن يلتفت إليها أحد , ولكني عجزت عن طرد تلك الأفكار ومحاولة نثرها عبر الأثير الفضائي الواسع , سأبدأ حديث النفس مع النفس .


                            الروح , والنفس , الوعي , التفكير , العقل 

                          المنطق , المخ , الإحساس , الحاسة السادسة 

كل مفردة من هذه لمفردات قد تبدو نوعا ما واضحة المعالم ولها حدود معنوية ومعرفية وخيالية كافية لإزالة الضبابية التي تسودها لو خضعت للتفكير العميق , ولكن لا نبالغ لو قلنا أن العلماء والمهتمين بتلك المعارف أخذهم الجدل وذهبوا كل مذهب في تناولها وتفسيرها ووضع الحدود الأساسية بين كل مفردة وأخرى , قد يبدو التداخل أقوى بين بعضها وبين بعضها الاخر , وقد يبدو الفرق بيناً بين بعضها الأخر , ومن وجهة نظر أخرى قد يبدو التداخل بين بعضها لا يكاد يسمع له صوت , (كوجهة نظر شخصية) , قد تبدو مفردات واضحة الحدود والمعالم من زاوية , وقد تبدو غارقة في الضبابية ومائعة الحدود جوهريا , ليس من الغريب أن تحظى كل مفردة منها بتاريخ حافل من الوقوع تحت مشارط العلماء والفلاسفة والكثير غيرهم , وقد لا نبالغ لو قلنا أن كل مفردة هي عالم واسع من الاحتمالات والتفرعات , قد تكون هناك تلامس بين بعضها , وربما تكون كل مفردة حبلى بأسرار لم تنكشف بعد , وربما تكون كلها كشجرة واحدة ذات فروع ولكنها تجتمع في جذع واحد .
فمثلا المفردة الأم وربما تكون الأساسية بينهم أو الجذع الذي يحمل الجميع , وهي الروح .
الروح
عند مرور هذه المفردة أمام عيوننا أو داخل عقولنا لن نتردد في تذكر قول الله تعالى والذي وضع القول الفصل فيها :
(ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي)
فالروح قطعت سؤال كل سائل , فهي من أمر لله ولن تخضع لمشارط العلماء والفلاسفة , ولكن هذا لا يمنع من محاولاتهم تشريحها وفهم أسرارها , كما أن الله نسب الروح لنفسه كما قال تعالى :
﴿ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴾
كما قال تعالى :
﴿ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ﴾
كما وردت بمعنى (الحياة) ,
ومن معانيها في القرآن أيضا : الوحي والنبوة لأن رسالة الرسل تحيي الناس بالتوحيد وتبعدهم عن موت الكفر والجهل , قال تعالى :
﴿ يُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ ﴾
وبمعنى البرهان والحكمة قال تعالى :
﴿ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ﴾
كما أن جبريل عليه السلام يُسمى (الروح القدس) , وربما هم نوع من الملائكة يرسلهم الله تعالى لمن يشاء , قال تعالى :
﴿ وَآَتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ﴾
وقال تعالى :
﴿ قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ ﴾
قال الله تعالى : ﴿ نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ ﴾
قال الله تعالى : ﴿ يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا ﴾
والكثير من الآيات بهذا المعنى .
ووردت كصفة لعيسى عليه السلام فقال تعالى :
﴿ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ ﴾
والروح من اسرار الخالق العليا والتي استأثر بها نفسه , فهي خفية عصية على فهمنا وعقولنا كما أراد الله لها ذلك , تبث الحياة في البدن ولا ترى , قال الله تعالى :
﴿ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ قَلِيلًا
مَا تَشْكُرُونَ ﴾ .
وقال الله تعالى : ﴿ فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ ﴾ .
ومن المعروف أن الجدل حول الروح لم ينتهِ بين الفلسفة والدين والعلم , وحتى الخرافة , فمنهم من يراها مستقلة تماما عن الجسد , ولن ترى في حالة مغادرتها للجسد , وقد حاول العلم كثير تصوير المحتضرين بأجهزة قياس خاصة لمشاهدة خروج الروح ولم يفلحوا , وما نعرفه دينيا أن الروح يأمرها الله تعالى بالخروج على يد ملك الموت إذا جاء أجلها , فلا تتأخر ثانية ولا تتقدم , يقول تعالى :
( قُلْ يَتَوَفَّىٰكُم مَّلَكُ ٱلْمَوْتِ ٱلَّذِى وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ )
وقال تعالى أيضا :
{ وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ }
ولكن الروح بين الموت والنوم تظل في دائرة الاستفهام , فما الفرق بين أن تشعل الروح الجسد بالحياة والطاقة , ثم تتوارى أثناء النوم لتترك الجسد بلا حراك وفي غياب كامل عما يحيط به ؟
فهل هي تخرج من الجسد مؤقتا , أو تتوارى في مكان ما داخل الجسد لتمنحه فرصة لاستعادة نشاطه وتوازنه وحيويته , لا شك أن ذلك من علم الغيب والذي يدخل في قوله قل الروح من أمر ربي .
الروح في بعض الفلسفات وعند بعض المتدينين , وبعض علماء النفس وفي الميتافيزيقا , هي ( الجوهر المتجرد ) , ولكن هل هي مادة أم فكرة , عقل أم شعور , شكل أو مضمون , فرضية أم واقع ؟
وهي لا تزال لغزا من أفلاطون وأرسطو وحتى الحضارات الغربية والبوذية والعربية .
هذه الروح الغامضة كانت وستظل تلعب دورا في وعي الإنسان , وفي كتاب (الروح بين الخيال والفلسفة والعلم) , للمفكر النرويجي (هويستاد) , يستعرض معنى الروح في الثقافة البوذية والثقافة العربية , ويقول أن التفاوت في تعريف الروح يرجع بسبب اللغة , فهناك مصطلحات كثيرة تدور حول الروح في تلك الثقافات مثل ( الروح الطيبة والروح الشريرة , وخلاصة الروح , والعمق الروحي , أشياء دفينة في الروح , تلاقي الأرواح , تناسخ الأرواح , الأذى الروحي , أرواح قوية وأخرى ضعيفة , الأرواح الحساسة , الأرواح المتقلبة أو المزاجية , الأمراض الروحية ) .
وهو يرى أن ((الروح كانت، على مدى تاريخ البشرية، المنشورَ الزجاجي الذي يُنظر من خلاله إلى الإنسان وحياته ويتم تفسيرهما من خلاله)) .
وربما تعتبر مناشدة سقراط لمواطنيه بأن يعتنوا بأرواحهم , ورسالة الخلاص المسيحية عن الحفاظ على الروح تُعد الأسس الجوهرية في مفهوم الإنسان في الثقافة الغربية .
ويرى (هويستاد) أن فكرة الروح نشأت كرد فعل على غموض أخر وهو الموت , أما في الثقافة الأوربية فقد تغيرت مكانة الروح في عصر النهضة , وتأسيس العقلانية والعلم , ولكن لم يتمكن أحد من إثبات جوهر الروح بشكل علمي , وقد لجأ البعض للبحث فيها اعتمادا على المفاهيم الدينية , ويرى (هويستاد) أن الروح في الإسلام كانت محفزا سياسيا لأن المسلم يعتقد أنه سيدخل الجنة إذا ما ضحى بتلك الروح .
والروح عند أفلاطون تتغذى من الملذات وتحتمي بالشجاعة وتحكم بالعقلانية , وأفلاطون يمجد الروح ويحتقر الجسد , أما أرسطو فاعتبر الجسد آلة والروح فكر , وأُخذ على أرسطو خلطه بين الروح والدماغ , حيث يرى البعض أن الفكر مكانه الدماغ وليس الروح .
والروح في الديانة المندائية تخالف جميع الأديان في كونها ترى الروح مصدر الشر في الإنسان وأن النفس هي هبة الله التي فيها نور الله وكماله وتعين الإنسان على البعد عن المغريات والمفاسد .
والمتصوفة كالحلاج مثلا يعتقد بحلول روحه في روح الله , وقد دأب المتصوفة على كبح شهوات النفس كالجنس والطعام وتعهدوا أنفسهم بالرياضة والصوم والتعبد حتى تصفوا أرواحهم وتكون مستعدة للعروج والاتحاد بذات الله .
النفس
قد تختلط النفس والروح في بعض آيات القرآن الكريم , وقد تأخذ شخصية مستقلة في آخري , , قال تعالى :
(يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي)
وكما يبدو من الآية الكريمة أن النفس والروح هنا واحدة , وقال تعالى :
(ونفسٍ وما سوّاها . فألهمها فجورَها وتقواها)
فهل النفس هنا تعني الروح ؟ وهل معنى الآية أن الروح قد تكون فاجرة وقد تكون تقية ؟
وفي آية أخرى :
[ وما أُبرّيءُ نفسي إنَّ النفسَ لأمّارةٌ بالسوء ]
فهل الروح تأمر بالسوء كما يمكن للعقل أو التفكير أن يفعل ؟
قد يذهب البعض إلى أن الروح والنفس واحدة , ويختلف آخر أن لكل منهم كيانه المستقل , فابن سينا يضع النفس في المقام الأعلى فيقول :
[ وإنمّا أعني بالنفس ذلك الجوهر الكامل الفرد الذي ليس من شأنه إلاّ التذكّر والتحفّظ والتفكّر والتمييز والروية ويقبلُ جميعَ العلوم ولا تميلُ عن قبول الصورة المُجرّدة المُعرّاة عن المواد . وهذا لكونه رئيس الأرواح وأمير القوى ، والكل يخدمونه ويتمثّلون لأمره . وللنفس الناطقة ، أعني هذا الجوهر ، والقرآن يسميه النفس المطمئنة والروح الآمري ، والمتصوفة تارةً يسمّونه الروح وتارةً يسمّونه القلب والخلاف في الأسامي وأمّا المعنى فواحد لا خلافَ فيه . فالقلبُ والروحُ عندنا ، والمُطمَئِنة كلها أسامي النفس الناطقة . فالنفس الناطقة هي الجوهر الحيّة العلاّمة الفعّالة المُدرِكة ، وحيثُ نقولُ الروح المطلق والقلب إنمّا نعني به هذا الجوهر ] , فهو يرى أن النفس أعلى من الروح أو رئيس الأرواح , ثم يقول أن القرآن يسميه النفس المطمئنة والروح الآمري , فيخلط بينهما , ثم يعود ويخلط بين القلب والنفس والروح ويسميها الجوهر .
ولابن سينا مقولة عن الموت , وباختصار هو يرى أن الموت ليس إلا ترك النفس لأدوات إثبات وجودها وهو يقصد الحواس المادية من سمع وبصر ولمس وتذوق وغيرها , فالموت عملية خروج النفس كجوهر لا يفنى وتُصفى من المادة ولن يطالها الفساد الذي تسببه المادة , ( وبصورة أخرى يمكن أن نتخيل أن جوهر النفس موجود بعد الموت بيننا ولكنه لا يملك الأدوات المادية للتواصل والتعبير كالحواس الخمس ) .
المنطق والعقل والتفكير
لو كان المنطق هو دراسة كيفية تقييم الحجج والأدلة المنطقية , وهو يساعد الناس على التمييز بين الأفكار المنطقية القوية منها والضعيفة حتى يتم الوصول إلى المنطق بشكل صحيح , فلن يكون للمنطق وجود دون التفكير , وإذا كان العقل والمخ هما وعاء التفكير فلا وجود للتفكير بدونهما , فالمنطق يكون نتيجة للتفكير الصادر من العقل والذي مكانه المخ , والمنطق يساعد على تحسين عملية التفكير , فالمنطق أعلى مكانة من التفكير , النتيجة أن المنطق والتفكير مختلفان تماما , فعملية التفكير قد تنتج عن مخلوقات كثيرة , ولكن المنطق يكون حكرا على من يستطيع تحسين التفكير وتنظيمه والاستفادة القصوى من نتائجه , وتعتبر جميع الأفكار البشرية بدون منطق حالة من العشوائية لا تفرق بين الهدم والبناء , أما المخ فيقول البعض أنه مكان نقوم بالتفكير من خلاله , وكل حواسنا مرتبطة من خلاله , فالتذكر والإحساس بالعواطف من فرح وألم وسعادة وتعاسة وحزن وغيرها وكذلك القلق والتحكم في أجسامنا , والمخ جزء من الجهاز العصبي ويتصل بالأعصاب التي تمتد داخل الجسم والمرتبطة ببقية الحواس , وللمخ أجزاء وأقسام لكل عمله ودوره في قيادة الجسد , ولكن العلماء يعتقدون أن التفكير والعقل والمنطق والذاكرة والمشاعر والأحاسيس كلها تنتج عن عمل المخ , أو تكمن في أجزاء معينة في المخ , وربما حتى الذكاء والغباء والعبقرية والقدرة على التعلم والإبداع للمخ دور في وجودها واختلاف نسبها , قد نستطيع إدراج التفكير والعقل والمنطق داخل المخ , رغم اختلاف أليات عمل كل منهم , ولكن هل الوعي والإحساس وما يُعرف بالحاسة السادسة والرؤى علاقة بالمخ ؟
بعض تعريفات الوعي تقول :
» يعتبر الوعي الحالة العقليّة التي يتم من خلالها إدراك الواقع والحقائق الّتي تجري من حولنا، وذلك عن طريق اتّصال الإنسان مع المحيط الّذي يعيش فيه، واحتكاكه به ممّا سيسهم في خلق حالة من الوعي لديه بكلّ الأمور التي تجري وتحدث من حوله، ممّا يجعله أكثر قدرة على إجراء المقاربات والمقارنات من منظوره هو وبالتالي سيصبح أكثر قدرةً على اتّخاذ القرارات التي تخص المجالات والقضايا المختلفة التي تطرأ له. والوعي أيضاً هو المحصول الفكري الذي ينضوي عليه عقل الإنسان، بالإضافة إلى وجهات النظر المختلفة التي يحتوي عليها هذا العقل والتي تتعلّق بالمفاهيم المختلفة التي تتمحور حول القضايا الحياتيّة والمعيشيّة «.
ويكون الوعي إما وعيا حقيقيا أو وعيا زائفا , فالوعي الحقيقي هو يتماشى مع حقيقة وطبيعة القضايا المختلفة المطروحة حول الإنسان , والوعي الزائف هو الذي لم يدرك الأمور على حقيقتها مما ينعكس على حكمه على الأشياء حكما خاطئا , ومن أبرز الوسائل لخلق الوعي الزائف كما نلاحظ اليوم هو الإعلام بمختلف صوره والذي يخلق العقل الجمعي ويكون موجها بطرق عديدة ولأغراض عديدة , وكذلك السياسات التعليمية والمؤسسات الدينية والتي تستطيع أحيانا قلب الحقائق وخلق رأي عام كما يريدون , والنماذج اليوم لمتصدري المجتمع الرقمي واضحة للعيان والكلام فيه يطول كثيرا .
وتعد الفلسفة الوعي كجوهر الإنسان الذي يميزه عن باقي المخلوقات والوعي يصاحب كل أفكار الإنسان وسلوكه ويسمى (الوعي التلقائي) , وهو مرتبط بالأحاسيس والمشاعر الكامنة في أعماق الذات , ويظهر كوعي سياسي وأخلاقي , والوعي يوجد لدى الحيوانات , فالكثير من الحيوانات تعي معنى اللعب والخوف والنار والطعام والمحبة والخوف والخطر وغيرها , وجون لوك ربط حالة الوعي بالحواس الخمس , وديكارت يرى أن الوعي بالأفكار هو إدراك لها , وهيوم يرى أن الوعي هو انعكاس معرفة الذات , ولا يربط بين العقل والوعي , وهناك العديد من التعريفات للوعي لكل من (فرويد,ليبنيز,كانت,هيربيرت,برنتانو,برجسون,) , وفي اعتقادي أن التعريفات رغم تعددها لكن يبدو أنها مرتبطة بالعقل والتفكير , فالتفكير والمنطق والوعي أدوات للعقل والمخ وعاء للعقل .
ليس غريبا أن يكون الوعي من أكثر المفاهيم تعقيدا في تاريخ الفلسفة وعلم النفس (وربما الفيزياء) .
ولكن علماء الفيزياء يبحثون عن وعي من نوع خاص , وهذا أمر أكثر تعقيدا من كل الفلسفات والعلوم الأخرى , فمثلا هل نستطيع أن نسمي إدراك الفوتونات للمراقبة نوع من الوعي ؟ سؤال مازال ينتظر الإجابة ويستحق جائزة نوبل بالتأكيد .
الوعي
هل يمكن اعتبار الوعي والتفكير والمنطق لها نفس المعنى ؟
كوجهة نظر خاصة لا أعتقد , فالوعي يأتي أولا ثم التفكير ثم المنطق , فالوعي تمتلكه كل المخلوقات , فالحيوانات تملك وعيا بخطورة النار وبحب صاحبها , وبافتراس حيوان أخر, وتعي كيفية الهرب ومحاولة النجاة , والطفل يملك وعيا بوجود أمه وأسرته ويملك وعيا أن الأصوات العالية مخيفة وغير ذلك من المسلمات , ثم يأتي التفكير والذي هو أعلى درجة من الوعي , وربما تملك بعض الحيوانات طريقة تفكير معينة كما شاهدنا من الغربان والدلافين والقردة وغيرها , وكذلك البشر يختلفون في درجة تفكيرهم حسب عمرهم وثقافتهم وبيئتهم , ثم يأتي المنطق أخيرا والذي يربط الأفكار ببعضها ويعطي نتائج معينة ويقارن بينها ويختار الأفضل وهذا يمتلكه الإنسان العاقل المفكرغالبا .
بقيت ما تُعرف بالحاسة السادسة أو الشعور الغامض الذي ينتاب بعض الناس أحيانا ولم يُعرف له سبب قطعي حتى اليوم ,
من تعريفات الحاسة السادسة :
توقع الأشياء قبل حدوثها والشعور بها , فإما تكون نتيجة تخزين الدماغ لملايين المعلومات سواء كانت كلمات أو صور أو أحداث أو مواقف مختلفة , أو هي نوع من الفراسة , ولها ثلاث صور :
- إدراك ما لا يدركه الآخرون.
- رؤية ما لا يراه الآخرون.
- الإحساس بالأمر قبل وقوعه .
واختلف العلماء في ماهية الحاسة السادسة , فبعضهم يرى أنه وهم وخيال , وبعضهم يرى أنها أحاسيس موجودة لدى الإنسان ولكنه لا يستخدمها أو يشعر بها إلا في حالة الشعور بالخطر , ومنهم من يرى أنها منحة ربانية يهبها الله لمن يشاء , ويرى أخر أنها حصيلة معلومات وخبرات سابقة , ومنهم من قال بعدم وجودها وعزاها للحدس أو جلاء السمع والبصر كمنحة ربانية .
وعلم (التلباثي) يقول أنه شعور الفرد بما يحدث لشخص يحبه أو قريب له , ويبادله نفس المشاعر بغض النظر عن المسافة بينهما , كما نسمع بعض الحكايا عن الأمهات وما يشعرن به نحو أولادهن رغم بعد المسافة بينهما أو ما يحصل بين التوائم , وكذلك يعض ما يتناوله الصوفيون من قصص عجيبة حول هذه الأمور , ولكن يجب أن نعترف أن بعض تلك القصص لو صحت ليس لها تفسير علمي أبدا .
هذه محاولة متواضعة لأتحدث عن تلك المفردات التي شغلت تفكيري منذ زمن , والحقيقة رغم بحثي عن كل كلمة منها لم أستطع ملء فضولي ولإشباع رغبتي في الوصول لمعلومات وافية ومقنعة لكل مفردة , وما زالت هناك الكثير مما يمكن أن يثار حولها , وربما نجد ذات يوم من يضح الحدود الواضحة بينها ويضع كل مفردة حيث تنتمي , وحيث لا يتسلل الشك نحو مدلولاتها قطعا .


  • 1

   نشر في 21 فبراير 2022  وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا