اللغة العربية ،قبس من تأريخ سردها. - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

اللغة العربية ،قبس من تأريخ سردها.

  نشر في 21 فبراير 2015 .

لطالما راودني سؤال يطرح نفسه بكثرة وهو عن كيفية تطور لغتنا العربية من كتابتها الكلاسيكية ذات السجع و المحسنات البديعية إلى لغة ذات مفردات بسيطة وتراكيب سهلة ، فوجدت بعد بحث حثيث أنه منذ أواخر القرن التاسع عشر الميلادي بدأت بالتدرج كتابة لغتنا العربية تنسلخ من أنماطها الكلاسيكية إلى لغة أقرب ما تكون للغة الصحفية وجاء ذلك التطور مصاحباً لتطور الكتابة النثرية بعد دخول أجناس أدبية جديدة لم تكن معروفة في الادب العربي كالمقال والمسرحية والرواية وجاء هذا التأثير بسبب انفتاح المعاجم اللغوية والاساليب التعبيرية واحتكاكها عن طريق الترجمة بلغات اجنبية كالفرنسية والانجليزية.

وقد شجع هذا التطور والمنحى الكثير من الادباء في ذلك العصر وما بعده ومنهم سليم البستاني وجرجي زيدان ولاشك أن الأنتاج الروائي من جهة والمجال الصحفي من جهة ثانية ومحفل التلقي المتمثل في قراء تلك الصحافة ثالثا قد ساهم في جعل اللغة تتخذ التبسيط والتدريج مطية لنقل خطاباتها ، وهذا ما حذا بابراهيم اليازجي ( 1847 ـ 1908 ) إلى الاشارة للأخطاء التي تهدد اللغة الفصحى في كتابه ( لغة الجرائد ) ، غير أن ما أعتبره إبراهيم اليازجي انزياحاً عن الاصول اللغوية كان في واقع الأمر إحدى قواعد الكتابة الجديدة كما ينبه إلى ذلك أحمد فارس الشدياق (1855) في كتابه ( الساق على الساق فيما هو الفارياق ) حيث ربط بين المستويات التعبيرية والسياقات المصاحبة لها منتقداً الاتجاه السائد الذي يحفل بالتسجيع والترصيع ، وأنماط الاستعارات والكنايات في مختلف المواقف ،

أن الفترة الانتقالية للغة العربية من نمطها الكلاسيكي إلى التبسيط والتي يمكن حصرها في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين هي التي جعلت اليازجي يذهب إلى أن هنالك " ضعفاً " أصاب اللغة ، بينما يتعلق الأمر في نظرنا إلى ظاهرة ( التفاعل اللغوي ) أي بالنمو الداخلي للعربية ، في تعالق مع المؤثرات اللغوية الخارجية .

وسنورد هنا مثالين للكتابة الكلاسيكية والمبسطة حتى يكون مقالنا أقرب لفهم المتلقي وسنبدأ بالأولى فنقول :

وكأنني نجوت من فتنة الأحلاس حتى أرتقيت بخلوتي في جبال شمهورش لمرتبة الباهر فلما أتممت وردي جعلوني في مقام القاطر ، فتعلمت أسرار الطوالع وصفة الطلاسم وأستدللت على العلوم المكتومة والأسماء الجليلة المخزونة وصحبت النواميس الجليلة ، فأقسمت عليهم بالذي جعل السماء ذات ابراج والأرض ذات ادراج والريح ذات عجاج والبحار ذات امواج والجبال ذات فجاج فحركت الإمراج للارتجاج فكان أمر ذو نتاج .

أما الثانية وهي المبسطة فهي أشهر من أن نذكرها لأنها اللغة المكتوبة في مختلف قنوات الاعلام اليوم بالأضافة إلى أنها الكتابة الأدبية السائدة في عصرنا .

وختاماً أقول أن المحترف في قلمه والبارع في أنتقاء كلماته يجب عليه بين الفينة والأخرى أن لايهجر اللغة الكلاسيكية ويطعم كتاباته بحلاوة الفاظها وطلاوة عجائبها فأن لها من زخرف القول ما يجعل البديع منها له سحر البيان ، وأن لايقتصد في اللغة المبسطة لقربها إلى الافهام ، ويغترف من الاثنين سبيلا لأدبه ومدعاة لتوصيل خطابه ومن الله التوفيق. 



   نشر في 21 فبراير 2015 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا