الواقع يُمثل حياتنا اليومية بكل تفاصيلها فالدراسة ،والعمل ،والأكل ،والنوم ،والسفر وغيرها من الأنشطة التي نمارسها هي من الواقع بل هي الواقع بحد ذاته.

أما الخيال فهي سلاسل من الأحلام اللا متناهية يخترعها الدماغ ليعيش معها الإنسان حياة مزدوجة لكنها سرعان ما تتلاشى بفعل الواقع الذي يفرض نفسه ..

صحيح أن الواقع يختلف كلياً عن الخيال في معظم الأحيان ..لكن تأثير الخيال على الواقع الذي نعيشه كبيرٌ جداً فمعظم التطورات التكنولوجية التي تزخر بها البشرية اليوم كان بدايتها عبارة عن "خيال" يدور في ذهن شخص ما ،واستناداً لمخيلته بنى فكرته ؛ليقوم بعد ذلك بترجمتها على أرض الواقع لتصبح جهازاً ،أو أداءةً يستنفع بها البشر ،ولأصحاب المخيلات الواسعة قدرة كبيرة على الإبداع ،والإختراع ،وإجاد الحلول لعدد من المشكلات المختلفة ...

أن يسرح الإنسان بخياله في عالم مليئ بالسعادة ..بالنجاح يعود تأثيره الإيجابي على نفسيته مما ينعكس على واقعه فتزداد رغبة الشخص للإنجاز طالباً ذلك الحُلم البعيد الذي أبدعه خيالُه..

على العكس من ذلك تماماً فالخيال السلبي المرتكز على المصائب ،والأحداث المحزنة يظهر تأثيره السلبي جلياً في حياة الشخص وتعاملاته فتجده دائم التشائم ،متخوف من كل خطوة يخطوها في حياته ...

إن ما بين الواقع والخيال ليس بالأمر الهَيِّن فالخيال مطلوب لفهم الواقع المعقد في بعض الحالات ،وكما أن الواقع ضروري لترجمة بعض الخيال .. فليس كل الخيال يصبح واقعاً فكما أني اتخيل أن يكون لي جناحين أطير بهما حيث أريد سارحاً بخيالي بعيدا ،فمن وجهة نظر الواقع يعتبر ذلك مستحيلَ أن تطير كالطير تماماً إلا أن يكون لديك جهازٌ ،أو أداءة تساعدك...

إذاً نجد أن للواقع حدوداً لايتجاوزها بينما الخيال عكس الواقع تماماً تستطيع أن تُبحر به أينما وكيفما تشاء بعيداً عن حدود الواقع وقوانينه ؛لذلك نجد الكثير ممن يحزنهم سوء الواقع فلا يجدون غير الخيال متفسحاً ،ومهرباً من أعباءه ،والحقيقة أن ذلك ليس حلاً وإنما بمثابة شبه ترويحٍ من الناحية النفسية حيث يهرب الشخص من واقعه المعقد ليصنع واقعاً إفتراضية يخضع لقوانينه ،ومصالحه الشخصية.