ثلاثة ثقوب فى قلب الدعوة السلفية ج1 - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

ثلاثة ثقوب فى قلب الدعوة السلفية ج1

  نشر في 13 ماي 2016 .

تعد الدعوة السلفية من أكبر الكيانات الدعوية فى مصر كما أن منهجها القويم المستند لفهم السلف للقران والسنة بدأ ينتشر بقوة خارج حدود أرض الكنانة , لكن فى نفس الوقت لا نستطيع أن نمحو من ذاكرتنا عشرات الكيانات الدعوية التى إندثرت تحت رمال التاريخ , ولا نقدر أيضا ننسى الإمام الليث بن سعد ذلك العلامة المصرى صاحب المذهب الفقهى الرائع الذى ذكر البعض أنه كان أقوى من مذهب مالك إلا أنه ذهب أدراج الريح لأنه لم يكن له طلاب ينقلون علمه , فلما لم ياخذ بأسباب إنتشار الحق و لم يتعاهد طلابه كما ينبغى مات و مات معه علمه , هذا إن دل على شىء فإنما يدل على أن قوة المنهج وحدها غير كافية لإستمرار الكيان الدعوى - الداعى لذلك المنهج -على قيد الحياة , فما يتذرع به بعض أبناء الدعوة السلفية من أن منهجهم هو الأقوم و الأسمى وسينصره الله مهما حدث – ولسان حالهم يكاد يقول إذا فلننم و نغط غطيطا- فهذا سوء فهم بشع , فلا شك أن الله سينصر دينه الحق و لكن من زعم أن الله سينصر ذلك الدين على يد أبناء الدعوة السلفية إن هم تركوا الأخذ بالأسباب؟ هذا لا يستقيم مع سنن الله , فحكمة الله أبت أن تتنزل الرطب على مريم -التى أوشكت على الولادة وبلغها من الضعف مبلغه- حتى تهز جزع النخلة , ولا أن ينتصر ذى القرنين – الذى اتاه الله من كل شىء سببا- حتى يسعى فى إيجاد عمل جماعى مع القوم – الذين كانوا لا يفقهون قولا- فكلفهم بمهمه وتابعهم فيها ثم أكمل مهمته وبنى السد , و المتأمل للقران العظيم يجد أن دائما لا تتنزل المعجزات الباهرة على الأنبياء – وهم أحب الخلق إلى الله – حتى يأخذوا بالأسباب ويسعوا فى نشر الدين الله و يبذلوا ما عليهم فيؤيدهم الله بمعجزاته ولنا فى قصة إبراهيم عليه السلام مع النار و موسى مع البحر وقفات و وقفات , وإذا عدنا للدعوة السلفية محاولين تطبيق ما قررناه انفا عليها من ضرورة الأخذ بأسباب القوة و تلافى أسباب الضعف لنستشرف مستقبل ذلك الكيان الدعوى الكبير , نجد أن الدعوة السلفية ككيان مؤسسى واسع الإنتشار يعانى من ثلاثة ثقوب قلبية قاتله تهدد مستقبله:

أولها :ضعف العمل النسائى

و ثانيها : ضعف الدعم المادى

و ثالثها : ضعف العمل الإعلامى

ثلاث ثقوب خطيرة تمثل خطر وجودى على مستقبل الدعوة السلفية, و سنتعرض عبر المقالات القادمة لتوصيف كل منهم ونحاول إستنباط طريق النجاة .

أولا : ضعف العمل النسائى

للأسف الشديد على الرغم من أن غالبية أهل الدعوة فى زمننا المعاصر هن نساء و بنات إلا أن الإهتمام بالعمل الدعوة النسائى بين أبناء الدعوة السلفية ضعيف للغاية , فلا تكاد تجد عمل دعوى نسائى منظم بشكل مؤسىسى يغطى أغلب الوطن , و إنما لن تجد سوى حالات فردية تبرز أحيانا وتخفت كثيرا, لكن هل هناك غطاء مؤسىسى يجمعهم؟ هل هناك خطة قصير ومتوسطة وطويلة الأمد تضمهم؟ لا أعتقد , و من العجيب أن تجد إنتشارا دعويا ونشاطا جليا لدى العديد من أبناء وكوادر الدعوة السلفية وخمولا غريبا لدى زوجاتم و بناتهم , فهل ذلك الخمول يرضى حاجة بعض أبناء الدعوة فى الإستئثار بالزوجة بعيدا عن أى عمل حتى و إن كان دعويا؟ أما أنه عدم إستشعار للمسئولية مزدوج بين الطرفين؟ أما أن خوف خفى من قبل الزوج لتفوق زوجته دعويا عليه؟ أما أنه إنشغال بالدنيا ؟ أم أن الفوضى و عدم تحمل المسئولية جزء من تكوين المرأة سواء كانت زوجة أو أخت أو بنت ؟ تعتقد أخى الغالى أن الأخيرة هى كبد الحقيقة ؟ لا أخطأت , فأنا أعتقد أن كل ما سبق بإستثناء الأخيرة هى الصواب , أتذكر أحد قادة التيارات الإسلامية وهويحكى لى مشهد من إجتماع للفاعلات فى العمل النسائى للإخوان المسلمين بعد الإنتخابات البرلمانية مباشرة و المسئولة الأولى عن العمل النسائى تهتف فيهن - بعد أن ذكرت طرفا من المجهود الذى بذله نساء الإخوان - قائلة " الجميع يعلم أننا القوة الضاربة فى الإخوان المسلمين و أننا المحرك الفعلى و الجندى المجهول" , كان هذا توصيف دقيق للغاية لحال العمل النسائى فى جماعة تعد من أكثر الجماعات تنظيما و تأثيرا عبر العقود الأخيرة , فبالفعل النساء فى جماعة الإخوان – وحتى هذه اللحظة- مازلن هن القوة المؤثرة على الأرض , و المتابع الجيد للإنتخابات البرلمانية 2012 و الرئاسية 2013 يلحظ بجلاء أن نساء الإخوان هن من حسمن المعركة الإنتخابية فى كل منهما , و حتى فى مظاهرات الجماعة بعد عزل د مرسى تجد الغالبية الكاسحة نساء و بنات , و على الرغم من بعض الإنحرافات الفكرية و السلوكية عند جماعة الإخوان المسلمين إلا أنه يحسب لهم قوة العمل النسائى لديهم مع أن المتصدر إعلاميا هم رجال الجماعة إلا أن كل متابع قريب للجماعة وهيكلها الإدارى والتنظيمى يكتشف بوضوع أن الجماعة كجبل الثلج , جزء كبير وضخم مختفى أسفل الماء و مسئول عن ثبات وقوة الجبل – وهن النساء – و جزء صغير بادى وطافى على السطح وهو رأس الجبل و ظاهره – وهم الرجال- لذا فمهما مرت الجماعة من محن لازال بعض الأمل فى نساء الجماعة لتصحيح ما أقترفته رجالها من خطايا و أخطاء , دعونا نعد إلى الدعوة السلفية , تحكى إحدى المنتميات للدعوة السلفية الموقف التالى : " بعد الثورة مباشرة نظمت الدعوة السلفية ندوة كبيرة بقاعة المؤتمرات التابعة للجامعة لتعريف الطلاب و الطالبات بالدعوة السلفية ومنهجها , و بالفعل حضر جمع غفير من الطلبة والطالبات متشوقين للإستماع لضيوف الندوة , و تم تقسيم الحضور على قاعتين , قاعة كبيرة للطلاب – على الرغم من أن عددهم أقل بكثير - و قاعة أصغر للطالبات – رغم أن عددهن أكبر بكثير – يرى الطلاب ضيوف الندوة بوضوح ويستطيعيون مناقشتهم و توجيه الأسئلة لهم بيسر بينما الطالبات لا يحظين بأكثر من فرصة السماع لضيوف الندوة عبر سماعات متصلة بالقاعة و شاشة واحدة صغيرة تنقل الصورة , وبدأت الندوة وبدأ الطلاب والطالبات يلقون سمعهم وقلوبهم لكلمات ضيوف الندوة و ارتضت الطالبات بشاشة واحدة صغيرة تنقل الصورة وسماعة كبيرة تعانى من مرض مزمن تنقل الصوت , و فجأة إنقطع الصوت عن قاعة الطالبات – لأن لا أحد إهتم أصلا بإختبار الصوت فى قاعة الطالبات قبل بدء المحاضرة – و بدأت الطالبات فى البحث عن أحد المسئولين عن التنظيم لإبلاغه بإنقطاع الصوت – فلا أحد من المنظمين للندوة كلف نفسه عناء تكوين لجنة تنظيم خاصة بقاعة الطالبات – وبعد دقائق عاد الصوت من جديد وقد إنقطع التواصل الفعلى بين الطالبات وكلمة ضيف الندوة الرئيسى , و تكرر أمر إنقطاع الصوت عدة مرات و بدأت الطالبات فى الإنصراف رويدا رويدا, فلا فريق تنظيم خاص بهن ولا أحد يهتم بهن , و فى النهاية إنصرف عدد كبير من الطالبات و قد ترسخ فى أذهانهن إنطباع سيىء للغاية عن الدعوة السلفية أعاقهم ذلك الإنطباع عن مجرد الإستماع لمنهج الدعوة فبما بعد " فمهما كان جودة منتج إذا غلفته بورق متسخ لن يقبل أحد شرائه, تأمل اخى الغالى كيف تحولت ندوة هدفها الأساسى تقريب الطالبات لمنهج الدعوة وتوضيح الحق دون تشويه إلى نفور نفور و إعراض عن الدعوة منهجا و شيوخا , للاسف مشكة العمل النسائى فى الدعوة السلفية مشكلة مزمنة لا يتلتف إليها من الدعوة السلفية أى أحد بإستثناء شيوخ الصف الأول من الدعوة فهم يولولن بعض الإهتمام إلا أن تراكم المهام وتكالب الواجبات يجعل بعض الملفات الهامة كملف العمل النسائى تسقط سهوا منهم خاصة إذا كان غالبية أبناء الدعوة لا يلقون له بالا, ودعونا نلخص سريعا أسباب ضعف العمل النسائى فى الدعوة السلفية فى نقاط:

1- رفض عدد كبير من أبناء الدعوة السلفية لعمل زوجاتهم فى أى أعمال دعوية و إن كان هذا الرفض يتم بشكل غير مباشر و بصورة منقمة و بمسوغات يعتقدون أنها شرعية .

2- عدم تربية بناء ونساء الدعوة على حتمية العمل الجماعى و كذلك عدم تعاهدهم بمناهج متكاملة تناسب طبيعتهن العاطفية و نقصهن الجبلى مما نتج عنه ندرة الشديدة فى الكفاءات الدعوية و الإدارية النسائية .

3- إتباع بعض أبناء الدعوة مبدأ "الأخذ بالاحوط" فى كل وأى حالة فمثلا إذا كان هناك ندوة أو لقاء دعوى فالأفضل تجاهل دعوة النساء و البنات سد لذريعة الإختلاط (أو لتقل فعليا لإراحة العقل من التفكير فى حلول عملية شرعية يضمن بها حضور النساء و تجنب المخالفات) .

4- عدم إستشعار العديد من أبناء الدعوة أهمية العمل الدعوى النسائى و تخوف البعض من أن تثبت لهن نسائهن مدى تقصيرهم وقله بذلهم .

5- إنشغال النساء فى أعبائهن الأسرية مع عدم الإلتفات لوجباتهن الدعوية.

ذلك كان توصيف مختصر للغاية لتلك المشكلة الكبيرة , و كما أن الله لم يخلق داء إلى خلق له دواء فكذلك ما من مشكلة إلا ولها حل , ترى ما هو حل مشكلة ضعف العمل النسائى فى الدعوة السلفية؟ ذلك نتناوله فى المقال القادم إن شاء الله , دمتم فى عافية .



   نشر في 13 ماي 2016 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا