قرأت كتاب " تاريخ ضائع " Lost History للكاتب مايكل مورجان. هذا الكتاب يعد من الكتب القليلة جدا التي توضح حقائق فعلية ومثبتة تاريخيا ، وأنا شخصيا من المعجبين بهذا الكتاب الرائع. 

واخترت أجمل ما كتب في مقدمة كتابه ، وأعتقد أن أي قارئ سيكتشف بالفعل الواقع الحقيقي الذي نعيش فيه وحلقات الوصل بين الماضي والحاضر. 

" الضياع هو إحدى السمات المميزة للتجربة الإنسانية ، فما من شيئ داخل هذا العالم المادي يدوم ويبقى، وقد يعتري ذكرى ما ضاع الكثير من المشاعر النبيلة ومشاعر الألم.

وأمر مؤسف ومأساوي وخطير ضياع ذكرى حضارة كاملة ، ويرجع ذلك إلي أن كل حضارة مهما كانت عظيمة أو معيبة فهي في النهاية عبارة عن مختبر لأفكار ومثل وإنسانية وأحلام، ونستطيع أن نستخلص الكثير من الدروس المستفادة من ذلك.

وليس بمحض المصادفة أن يكون كل المفكرين العظام والمخترعين والفنانين في الحضارة الإسلامية من العقول المبدعة ، فهم يشبهون إلى حد كبير العلماء في وقتنا الحاضر.

وكتاب "تاريخ ضائع" لا يلقي إسهامات قديمة وثرية فحسب ولكن أرغب في أن ألقي الضوء على ما توصل إليه الخليفة المأمون حين قال أن العقل والدين أمران لا ينفصلان أحدهما عن الآخر، وأن إتاحة قدر من الحرية للفكر وإطلاق العنان للإبداع الإنساني بوسعه أن يفعل المعجزات بما في ذلك إحلال السلام.

إن السواد الأعظم منا لا يعرف تفاصيل التاريخ الإسلامي بسبب حواجز اللغة وانقضاء العديد من القرون وكذا الإشارات المبهمة عن أسماء وأماكن وأحداث لا نعلم عنها شيئا ، ذلك بالإضافة إلى السرد المتعجرف لتاريخ أوروبا والذي يعزي لها الفضل في كل شئ في عصر النهضة وفي جميع أشكال التقدم الذي حدث بعد ذلك، ومن ناحية أخرى فإن المسلمين التقليديين المتزمتين يستأصلون شأفة نظرائهم من أصحاب النظريات غير التقليدية ، كما أن عمليات إحراق الكتب وتدمير المكتبات عبر التاريخ قد ساهمت هي الأخري في تعزيز جهلنا بالتاريخ الإسلامى.

وكتاب "تاريخ ضائع" يقصد توضيح الخطوط المبهمة في تاريخ المسلمين ، والتي تلقاها معظمنا ، والتمسك بالحقائق الراسخة مع إعادة أهم الشخصيات والأحداث إلى الحياة وإستحضار الماضي المسلم المغمور والغامض والبعيد.  وإظهار كيف أن الأحداث والأفكار التي مضى عليها ألف عام لها علاقة مباشرة بحياتنا اليوم.

وأتمنى أن يعرف مسلمو اليوم كيف كان الإسلام في الماضي يطبق بما فيه مساندته للإبداع والإبتكار والتسامح وتنوع الفكر والسلوك سواء على مستوى الحياة الأجتماعية أو الفردية.

وهكذا وباستعادة التاريخ الضائع يمكن أن نبدأ فهم قضايا اليوم والتي لا يمكن حلها بالقوة، وإن كان هناك درس واحد أجدى بالتعلم من تاريخ ضائع فهو أن القوة نادرا ما تحل قضايا الروح والنفس بشكل إيجابي سواء كانت فردية أو حضارية."

نهاية المقدمة

وفي المقال القادم أريد  أن أكتب عن هؤلاء العباقرة العظام من هذا التاريخ الضائع.

وأرحب بأي تعليق 

شكرا