قد يصاب البعض بالسرطان فأنواعه كثيرة ومختلفة وعلاجه أكتر اختلافا، منه من يأتي بثماره ومنه من يغالبه المرض ليكون سهل المنال، نعلم أن الاستسلام لأي مرض هو بداية الطريق للانهيار ومن الناس من يمرض بالإيحاء فالعامل النفسي أهم بكثير من العضوي!!
ولكن .. هل تظن أن هناك سرطانًا لا يريد صاحبه الشفاء منه!!؟
قد يكون السؤال محيرًا ولكن عندما يكون السرطان الذي أنت مصاب به ليس عضويًا عندما تصاب النفس فكل الأمراض السرطانية ليس علاج فعال بالقدر الكافي إلا سرطان الروح علاجه بيد من "تعشق" .. نعم .. إن "العشق" سرطان الروح لا يريد صاحبه الشفاء منه ..
فالعشق مفهوم لكل ما هو شيق ممتع مرغوب، ينتشر في كل أرجاء صاحبة شوقًا وخضوعًا وطاعة، ينتشر بأسرع مما تتخيل وتدري، ينتشر دون أن تلقي له بالاً لتجد أنك قد بلغ بك المرض إلى منتهاه ولا سبيل لك للخلاص لأنك لا تريد الخلاص فأنت وهو أصبحتما متلازمتين لا ينفصل أحدهما عن الآخر، تشعر بحلاوته ومرارته، فأنت الحبيس الذي لا يريد الخروج، فالعشق هو الشئ ونقيضه، أحساسين متضاربين، لا تفسير لهما ولا تأويل ؟
عندما تجد نفسك غير قادر علي فهم لماذا وكيف وأين ومتى؟ .. عندما لا تفهم هل مصابك هذا "مس شيطاني" أو أصابك "سحر" فتجد توصيف مجنون ليلى في "المؤنسة" يصف عشقه لـ "ليلى" يقول:
هي السحر إلا أن للسحر رقية .. وإني لا ألقي لها الدهر راقيا
أنت "عشقت" فأنت بالفعل قد سرت إلي المجهول والسير في المجهول عذاب، فضلاً عن كونك معذب بالعشق لتكون بذلك قد بلغت من العذاب أقصاه ومن الشوق منتاه!! وهنا تجد نفسك أمام أحد أمرين كلاهما مر ..
فإما تحجيم هذه الرغبة وكبتها وقتلها في مهدها أو أن تطلق لها العنان لتفعل بك ما شاء!! فالأولى تُورثك العزة والثانية تُورثك الذل!! .. إلا أن كل مصاب بالعشق لا يبالي ذلًا في سبيل من يحب ويعشق، ولكن ماذا إن ابتٌليت بمن قضاه الله لغيرك!؟
يقول "المجنون" في "مؤنسته":
* قضاها لغيري وابتلاني بحبها ,, فهلا بشئ غير ليلي ابتلانيا.
* قضي الله بالمعروف منها لغيرنا ,, وبالشوق مني والغرام قضى ليا.
هناك أمور لا خيار لنا فيها وأمور هي عين الاختيار؛ نختار فلان ليكون معانا ولكن لا نعلم هل سوف نصل معه لدرجة السرطان الروحي أم لا!! وحده "السلوك البشري" هو القادر علي إنبات بذور الحب في الأعماق وخلق المناخ الصالح وإحداث الطفرة لتتحور المشاعر وتصبح مصابة بمرضها الروحي، أحببنا فلان لحسن خلقه معانا وبغضنا أخر لجفاء قلبه علينا، فسبحان مقلب القلوب بين حب وكره بين بغض ومعزة، ولكن إن وجد مَنْ أحبَ دون معامله؛ دون اقتراب؛ دون إعمال العقل وتحليلات المنطق السخيفة فهل لهم من شفاء!؟ فهولاء ممن قضي الله عليهم بقضائه، فيقول "المجنون": لحي الله أقومًا يقولون إننا ,, وجدنا طوال الدهر للحب شافيا.
فالعقل والمنطق لا يروقان لهذا المريض ولكن إن أعمالنا المنطق السخيف والعقل السقيم فستجد أن الحب حالة قد لا تنسى الشخص ولكن نخرج من الحالة المحيطة بهذا الشخص، لابد لك من الخروج من الحالة التي لا تريد أنت الخروج منها؛ فأنت مستمع!! .. ولكن عندما تنتهي وتأخذ قرارك بالخروج فسوف ينتهي معه مفهومك لحب هذا الشخص ويصبح عاديًا لا مشاعر له عندنا !!
-
محمد بليحDoctor at Clinical Analysis