ماذا لو خرجت مـــــــن بيتك يومــــا وانت تسمع صـوت رقص احتفالي صاخب وبعد تتبعك لمصدر الصوت اكتشفت انه صــادر مـن داخـل مسجد الحي الذي تسكـن فيه. فكيف ستكـون وقتها ردة فعلك ؟ انا متأكــد ان كبار عصاة الحي قبل صالحيها ستتمعر وجـــوههم استهجانا واستنكارا لما رات.
ماذا لو اغتر شاب بشبابه ولبس وتأنق وذهب ليغازل النساء ويحادثهن ويسامــــــرهــن ويوقعه حظـــه العاثر بان يراه مفتي الديار اعلى سلطــه دينية في البلد وهو متلبس بفعلته ولا يستطيع الانكار. فكيف سيكـون العقاب والاجــــــراء الرادع الذي سيوقعه هذا العالم الجليل بهذا الشاب سيئ الحظ ؟ لك ان تتخيل.
ماذا لو زرت بلد لأول مره واثناء تجولك فيه شاهدت تنفيذ حد مـــن حــــــــــدود الله ينفذ في شخص لاعترافه بجريمة الزنى وعندما شرع الناس في الرجم شعر الجــــــــاني بألم الحجـارة واستطاع التخلص مــــــن قيوده وفـر هاربا فلحقه المنفذون واجهزوا عليه فقال لهم قــــاضي المدينة الذي حــــكم عليه بالرجـم يا جماعة ليش مـــــــــــاتركتوه يهرب. ساعتها انا متيقن أنك ستضرب كفا بكف وستدعي لهذا القاضي بالهداية لتهاونه في تنفيذ حدود الله.
ماذا لو كنت في محكمة شرعية وشاهــدت بأم عينك وسمعت بأذنيك النطق بالحـكم على متهمان ارتكبوا نفس الجرم حكم على أحدهم بشهرين سجن وعلى الاخر سنتين مــــع ان القاضي واحد. على اقل تقدير ستقول هذا تلاعب بأحكام الشرع وسترد ذلك العبث مــــن وجــــه نظرك لمزاج القاضي !
هل تعلم ان الاحباش رقصوا ولعبوا بالحراب في المسجد النبوي الشريف بوجــــــــود الرسـول الكريم صلوات الله وسلامه عليه وكان يمكن عائشة من مشاهدتهم وكانت تضع ذقنها على كتفه الشريف وهو يقول لها اشبعت.
هل تعلم ان الصحـــابي خوات بن جبير اعجبته نفسه ذات يوم فراى نسوة فجلس معهــن يتسامر ويستأنس بهن وراه الرسول الكريم شخصيا وهو في هذا الوضع فسأله مستنكرا مــــاذا تفعل هنا فقال له مرتبكا ومتلعثما ابحث عــــن جمل شرد مني يا رسول الله وكــــان عليه الصلاة والسلام يسأله كلما راه مـــاذا فعل شراد جملك بأسلوب تربوي نبوي بديع والماحـــــة جميلة بابي هـــــو وامي صلوات الله وسلامــــــــــــه عليه فـــلم يخبر الناس بأمــــره ولم يشهر به ولم يكتبه تعهــد ولم ينعته بالفاسق الماجـــن بل كلما راه يكـرر عليه نفس السؤال. ولك ان تتخيل ان مـــــن أخبر بهذه القصة الصحابي نفسه.
هل تعلم ان الصحابي ماعز بن مالك اعترف بواقعة الزنى وطلب مـن الرسول ان يطهره وبعـد إصــراره واقراره على نفسه امـــر الرسول برجمه وعندما بدأوا بالتنفيذ شعـر بألم الحجــــــارة فهرب منهم ولحقوه فأخبروا الرسول بذلك فقال لهم هلا تركتموه.
هل تعلم ان الاحكـــــــــام الشرعية تنقسم الى : حد – قصاص – تعزير. الحــد هو ما صدر فيه نص قراني محدد للعقوبة والحدود سبعة ولا مجال فيها للاجتهاد امـــــــا القصاص فيكون مــــن حق الفرد المتضرر كقتل الخطأ مثلا وله ان يطلب القصاص وله ان يعفــــــــو امــــــــا التعزير فيعـود لتقدير القاضي ويعتمـد على ملابسات الواقعــة وسوابق المتهم وخلفيات القضية فيصـــدر القاضي الحـــكم بمــا يراه مناسبا ورادعا.
فلم يكن بتاتا المقصــود الاساس في الدين الإسلامي هــــــو تطبيق الحدود وجباية الاموال بل شرعه الله وارتضاه لنا تنظيما لحياتنا وتيسيرا لأمــــورنا ورحمة ورأفتا بالعباد كي يصلح به وبتعاليمه السمحة امــــر معاشنا ومعادنا فقال عز من قائل (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ) هذا والله اعلم.
فيصل محسن سعيد - مقال كلاود
-
فيصل محسن سعيدكاتب هاوي