الشباب زهرة العمر،مجد المجتهد،وخيبة المتخاذل في ارذل العمر،تغرنا الايام احيانا بدوالها فنعيش الشباب بصيغة الاستغراق بين اوهام الواقع واحلام يقظة بالمجد غذا،وليس الامر نكرانا لامتلاك حلم جميل واقعي التصور ،لكنه نكران للحلم الذي لا يتخلله عمل ولابنية من الاهداف على درب التحقيق.
على مر العصور ،عودنا التاريخ ان قيام اي نهضة اساسه وعي كامل بالنقلة التالية للذات والمجتمع معا ،فالرقي مبدأه الفكر وإعمال العقل ،فالوعي نهج يبنى و لايتم ايجاده بغتة بين دفتي كتاب او فصل دراسي ،بل هو النهل من مدرسة الحياة اي كانت فصولها فيه ما فيه من ترسيخ لانسانية المرء ومران للعقل ،كفيلان ان يجعلا المرء على قدر من المسؤولية إزاء وجوده كذات وحامل رسالة مفادها تسخير الارادة الحرة من اجل النماء دونما كلل ،ولاعلاقة للوعي بالمستوى التعليمي كما لاعلاقة للقهوة بالثقافة.
وهذا افضع الاخطاء و اسوء المغالطات المنتشرة في المجتمع ،واول مكامن التغيير ان تنبذ هذه الفكرة نهائيا ونتجه لتصحيح مسار الوعي الجمعي بالموازاة مع نظيره الفردي ،بداية في الوسط المصغر للاسرة بزرع قيم الحوار و المبادرة التي تسمح للطفل بهامش من ابداء الرأي وكذا الحق في امتلاك تفسير يشفي غليل فضوله ازاء محيطه وفق اسس علمية لا تقمع فيه ملكة السؤال بحكم التقاليد او استصغار القدرة على الفهم بناء على السن ،مرورا بزرع قيم التعلم الذاتي وان اي تقدم ونجاح فمبدأه الذات وكل تقييم لها ليس بالضرورة مبنيا على الدرجات المحصل عليها في الامتحانات او على الشواهد العليا ،بل هو كل تنزيل للمستقبل الذي تراه الذات لنفسها وليس نسخا لحلم جيل ماض ،ان إشكال الامة اليوم كامن في الهوة بين الوعي المتكون في صفوفها وتطلعها لغذ افضل لا ينسجم مع واقعها الذي ينبذ المبادرة الحرة و لايرى المسؤولية من باب التكليف كان لزاما معه انتشار الفساد في شتى ابعاده.
لذا لا تكونوا كالنعامة وتدفنوا رؤسكم في رمال الوهم و المغالطات ،واسعوا لعيش جميل ايامكم بما يتناسب و معطيات الواقع الذي لامحيد فيه عن العمل والاجتهاد ،ما اجمله ان يكون للمرء هدف في الحياة،وكم جميل ان تتعلم من الاخطاء في سبيل بلوغ الهدف ،هي وحدها الكفيلة بتوضيح معالم الطريق الى بلوغه حين يستخلص المرء منها العبر و الدروس ،والسبيل الى النجاح لا يحتاج الى وصفة سحرية،و انما ان يحب المرء مايفعله،او يتعلم ممن هم ابلغ سنا منه وخبرة في مجال عمله، في الحياة ،اللذين بالضرورة ليسوا ممن ارتاد المدارس بقدر ما علمتهم الحياة،في كل يوم يعيشه المرء عليه ان ينظر الى حصيلته مما اكتسب،ويوم بدون درس او فائدة كشجرة باسقة لا تثمر لا معنى لتعاقب الفصول عليها ومجددالاعلاقة للوعي بالمستوى التعليمي كما لاعلاقة للقهوة بالثقافة.