في درس الاحتمالات، أحد الطّلاب كان غائبا، في الأسبوع المقبل، قلت له أن يستنسخ هذا الدّرس من كرّاسة زميله، أو يصوّر صفحاتها بجواله ثمّ يذاكرها، فإن صعب عليه قسم منها يراجعني في حصّة الاستراحة كي أوضحها له.
بيد أنّه لم يفعل.
وفي الامتحانات التجريبية لم يجب على سؤال الاحتمالات ورفع يده مبرّرا:
أستاذ، أنا في درس الاحتمالات كنت غائبا!
سامحته فأوصيته أن يكتب هذا الدّرس ويقرأه جيّدا نظرا لأهمّيته، وأكّدّت له إنّ هذا البحث سوف يطرح عليهم في الامتحانات الآتية أيضا.
وعندما أقيمت الامتحانات النّصفية، رفع يده قائلا:
أستاذ، دروس الاحتمالات لا توجد في كرّاستي، ذلك لأنّي كنت غائبا كما تعلم!
فطلبت منه أن يدرسها ويتعلّمها ...
لكنّه وعندما كان جالسا في جلسة الامتحانات النّهائية ووصل إلى السؤال الّذي كان غائبا في درسه؛ رفع يده للمرة الثّالثة وبدأ يذكّرني:
أستاذ، هل تذكر؟! ...في بداية السّنة الدّراسية... وعندما درّست الاحتمالات ... وأنا كنت غائبا!
حكاية هذا الطّالب تشابه إلى حدّ ما حكاية بعض المثقّفين الأهوازيين الّذين لا يجيدون القراءة والكتابة باللغة العربيّة، وهي لغتهم ولغة آبائهم وأجدادهم، فيعتزّون بها ذلك الاعتزاز، ويحتفلون بيومها الّذي خُصّص من جانب اليونسكو احتفالا عظيما...
لكنّك إذا ما طلبت منهم أن يقرؤوا أو يكتبوا بها؛ قالوا:
لم ندرسها في المدارس، ولهذا لا نجيدها.
وإذا اقترحت عليهم أن يحضروا الصّفوف الّتي تقام هنا وهناك لتعليم اللغة العربيّة، جمحوا؛ أو أن يتعلّموا من الكتب الّتي توجد في الشّبكة العنكبوتيّة بكثرة، اعتذروا فقالوا:
لا وقت لدينا، كان ينبغي أن نتعلّمها في المدارس. ولكن هل تذكر عندما كنّا أطفالا وكنّا ندرس باللغة الفارسيّة؟! هل تذكر عندما ظلمَنا النّظام التّعليمي حين حرمَنا من التّعلم بلغتنا!
أصدقائي، هذه الحجج ربّما كانت مقبولة في فترة ما، لكنّ الآن وقد أصبح العالم كقرية يتبادل ساكنوها المعلومات عن كثب، وفي ظلّ توفير الكتب التّعليمية الإلكترونية، فلا.
لا ريب أنّ هذه الحجج الواهية تؤدّي إلى الضّياع والانصهار، ولذا عليكم أن تتداركوا القضيّة وتخصّصوا وقتا للغتكم العظيمة فتتعلّموها قراءة وكتابة، ومن ثم تعلّمونها لأبناء وطنكم... هكذا يعمّ الخير، وتقوى العزيمة على البقاء والاستمرار...
24-5-2018
سعيد مقدم أبو شروق
الأهواز
-
سعيد مقدم أبو شروقسعيد مقدم أبو شروق مدرس فرع رياضيات أسكن في الأهواز أحب القراءة والكتابة، نشر لي كتاب قصص قصيرة جدا.