ما نفكر به حاليًا هو إمتداد لكلّ ما نشاهدة ونتلقاه داخل العالم «الجواني» سياسيًا ودينيًا، وإنتاجنا الحقيقي جعل رغباتنا اللامحصورة تسلك ممرًا في إتجاه معاكس للنقطة الأوّلى التي خرجنا منها «من ظلام التكوين لنّور الدنيا» بمعنىً أدّق وأقل ضبابية تكويننا بالنهاية جاء عبر معادلة خلقية بإمتياز؛ أي إن الله سخر لنا الأرض وما عليها من تعرجات سطحية لنختار رسالتنا السماوية التي نزلت من السماء إلى الأرض عبر -وحي وإنسان فضيل خصه الله تعالى بذلك- كما فضل الإنسان عن غيره من المخلوقات بعدة أمور وإمكانيات خلقية. ثم إنتشر الإنسان في الأرض ليوصل قناعاته وأفكارة لكافة البشر، وخارج حدود المدينة والدولة والقارة أيضًا حتى وصل أحيانًا للغزو والقتال مع الآخر ليفرغ ويدافع عن قناعاته الدينية، والسياسية. وهذا هو ما حاصل اليوم بشكلٍ مرئي لنا، بعيدًا عن كتب التاريخ والتدريس.
لو نظر الإنسان إلى ابسط الأمور وهو يصعد متدرجات الحياة اليومية بقليل من الوعي لإلتزاماته الحياتيه، لما فعل كلّ هذا الخليط بنفسه. كونه حصر إلتزاماته داخل حدود معينة، بعد ان وضع «قوانين ملزمة» يلتزم بها الفرد الخاضع تحت سيطرة (المسافة والمساحة المعينة والمعنية له) تحت شعار - الملكيّة الخاصة.
حقيقةً الإنسان الذي نضج على حبّ التملك والسيطرة بدأ يشعر بالغرور المتهالك لما يمتلك من إمكانيات مادية وسياسية ودينية بالتالي جعل نقاط كثيرة تتسارع من هاوية عقل الرجل المسيطر إلى فضيلة المواطن البسيط الذي يتلقى المعلومة أو القانون المنصوص عليه فى حدود الدولة التي يتبع لنظامها الداخلى؛ بحيث لا يمكننا كمواطنين التهرب منها أو حتى من بعضها لأنها أصبحت فريضة الدولة المتفق عليها، وأصبحنا جزءٌ لا يتجزأ من هذه المنظومة التي خضعنا لسيطرتها.
طبعًا ليس كلّ أفراد المجتمع راضين عنها، هنالك ما يسمى الآن «معارضة» سواء كانت: معارضة سلبية-معارضة ايجابية-معارضة عدائية. عن عدّة نصوص نصتها الدولة وألزمتها بحق مواطنيها. وهؤلاء يحاوّلون بشتى الطرق السياسية تعديلها أو إزالتها نهائيًا؛ لأنها بنظرهم، حسنت من إزدياد المطامع الخاصة وسلّبت من حق المواطن.
بالنهايّة: البشريّة إختلفت عن باقيّ المخلوقات الأخرى بما يسمى «حريّة الإختيار». ولكن حتى الإختيار محدود جدًا.
إذًا مهما حاوّل الإنسان الإبتعاد عن الإستغلال والطمع الذاتي ستبقى المكاسب الشخصية ولاءً للذات البشرية، لذلك ستبقى نظريّة (انّنا نعيش داخل عائلة ديمقراطية تعبر عن أفكار حقيقية واحدة لها حقها بالتعبير وإبداء الرأي عن أيً كان دون محاسبة من أي جهة رسمية) أقرب للفلسفة التي لم يسطرها فلاسفة الزمن!