رأيت فيما يرى النائم - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

رأيت فيما يرى النائم

  نشر في 03 ماي 2016 .

 هذا النعاس الذي يحارب سلطان العيون الهائم في دنيا الأحياء ، يغريني في رحلة جميلة إلى بلدان الأحلام ، حيث الأقدار تنتظر بنعيم الأحلام ، أو بجحيم الكوابيس ، فتكون الرحلة كراكب بعدا آخر مجهول ، غير أن أذكار السلام تكون الزاد الجميل لزيارة عالم لذيذ ، لولا أن جعل النهار معاشا ، ما خلت أحدا أنعم عليه به ، يحب أن يعود منه ، غير أنها الدنيا ، غير أنها الدنيا في هذه الأثناء بالظبط ، أنتظر كل ليلة قبل الرحلة ، زيارة أخرى حبيبة إلى قلبي ، يزورني جميل ينتمي إلى قبيلة الطوافين على المسلمين و الطوافات ، يستجدي الدفئ في بداية خريف هذه السنة ، مؤذنا ببداية البداية ، بعينيه الزرقاوتين الناعستين يسحرني ، يا إلهي ما هذا الجمال ، ما هذه الدقة في الصنع ! يقترب شيئا فشيئا ، و يجلس استعدادا لنومة بعد نهار مليء بالتسبيح لمبدعه .

إييه يا فلان ، خاطبني هاتف في قرارات نفسي ، هذا الجمال يسبح النهار و الليل لا يفتر ، و انت الغافل ، و رغم ذلك يسخره لك ، يؤنس وحشتك و يحبك ، بل و يتألم إذا غبت عنه شخيره اللذيذ الحبيب بدأ يعلو و يداخل أنفاسك المتثاقلة ، هل تراه يسبح المبدع حتى في نومه ، سبحان الله سبحان الله و الحمد لله و الله أكبر ، مالنا لا نرجو لله وقارا كعادتي ، لا أذكر على أي من أذكار النوم إلى البعد الآخر أنتقل ، رحت فيما يشبه نومة المخدر في عملية جراحية ، مجبر على النوم هو ، يغالبه ، فيغلبه هو ، ربما كان إعياء النهار !

 رأيت فيما يرى النائم ، كأنني في شارع طويل ، و بلبلة و هتاف و فرح ، يغمر أناسا من جميع الأعمار ، صغارا و شيوخا و نساء ، الكل في فرح لا يوصف ، تحركت في دواخلي غريزة التطفل ، فأصغيت السمع ، فعرفت السبب سامعا ، ان قد حل زين الشهور ، أن قد أقبل الشهر السعيد ، جلت ببصري في المكان ، فرأيت شارعا آخر طويلا ، تداعب إحدى جنباته أمواج الغاضب لغضب السلام ، غير أنه في هذه الليلة بدا هادئا ، كأنما قبلات الشهر السعيد طبعت على وجهه الجميل في هذا الشارع رأيت أناسا رجالا و ركبانا ، كل يتأبط سجادة حلوة ، السكينة نزلت على وجوه ، ارتسمت عليها حمرة ممزوجة ببدايات دموع فرح ، تبعت خطاهم فقادتني ، إلى ساحة كبيرة كبيرة ، و كأنني في ساحة مسجد عملاق ، رفعت بصري فرمقت صومعته العملاقة ، بالوافدين عليها ترحب ، تكاثر الناس ، و سبحان الله كلما كثروا ، كلما اتسعت ساحة هذا المسجد ، أصغيت السمع فلم أسمع إلا همسا ، إلى جانب ضجيج السيارات ، الذي يكاد لا يسمع إلى جانب هته الأجواء الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، الله أكبر الله أكبر ، لا إله إلا الله صلاة العشاء ، الصلاة جامعة ، و الوفود تتكاثر ، و تأتي من كل حدب و صوب ، الله الله الله الله ، يا ترى في أي العصور أنا الآن ، سبحان من جمع هؤلاء إلى الصلاة التي يكرهها المنافقون ، رجع المسلمون وا فرحتاه إلى دينهم ، عاد المغربون في دنيا المعاصي إلى بلاد السلام ، الآن الآن تحققت توقعات الخالد في دركات النيران بإذن السلام موشي ديان ، الآن يجتمع المسلمون و يكون عددهم في الصلوات الخمس كعددهم في صلاة الجمعة ، فنغلب شر خلق الله على الأرض و نسترجع مدينة السلام ، أحلى القوافي لا تفي بحق هذا المنظر الخلاب ، النور في الدنيا يزيد و السلام سلام شكور

 هذا المسجد مبالغ في زينته نعم ، فتان في مناظره نعم ، مخالف لوصايا رسول السلام نعم ، غير أن منظر وفود السلام تنسي كل شيء عدا أن هئه الحشود الآن في سباق لتسوية الصفوف ، للسجود بين يدي السلام الله أكبر الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله ، حي على الصلاة حي على الفلاح ، قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة لا إله إلا الله صوت الإمام أقل ما يقال عنه أنه مزمار من مزامير أواب السلام رأيت دموعا تنهال على الوجنات ، صوته الحلو الشجي ، يطرب القلوب ، بآيات الشهر السعيد ، شهر الأجور و مهور الحور و دخل الناس الذين عمرت بهم جنبات هذا المسجد ، و كان السامع بعيني بصيرته ، يسمع دموع حيطانه على ضخامتها ، فرحا بزيارة المحبين

 رأيت فيما يرى النائم ، كأنني في ساحة بأشجار ضليلة ، اصطف فيها من تعرف في وحوههم الحاجة ، و يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف ، لا يسألون الناس و رأيت وجوها بيضا ، يحملون نقودا في أيديهم فاحت رائحة المسك منها ، منتشرة في أجواء المكان !لا تعرف يسراهم ما أنفقت يمناهم ها أنت يا بنت الصديق ، يا أمي و أم هؤلاء تؤجرين بسنتك التي سننت ، طيبت نقودك ، و هم الآن نقودهم يطيبون ، و يجيء صغار ، يلعبون مع أبناء من يحسبهم الجاهل أغنياء ، فلا تفرقهم ، من جميل ما يلبس كل منهم ، لا اختلاف بينهم و لا تباغض و لا تحاسد، و يجلسون بعد لعبهم البريء ، يتذاكرون سنة حبيبهم ، حبيب السلام ، فهذا يصلى و يسلم ، و ذاك ينهى عن منكر فعل ، و الآخر يفسح في المجلس ، و كثير منهم يلبس لباس الوقار و العلماء ، كثير منهم حفظ الكثير من كلام السلام ، الله الله الله الله ، في أي العصور أنا قاربت الشمس على الغروب ، فرأيت موائد تحضر على جنبات الطريق ، وجوه بيض بلحى زكية ، تحضر الموائد ، فيها من أصناف الأطعمة أطيبها ، ما فيهم بخيل و لا شحيح ، هذا لوجه الله لسان حالهم ينطق ، و بعد الصلاة يجانبون إخوانهم و لو رمزيا إفطارا ، يرجع القوى إلى أبدان ستلتحق بعد حين إلى مآدب الصلوات و الذكر

 رأيت فيما يرى النائم كأنني في مخزن عملاق ، كتب علي بابه : بسم الله الرحمن الرحيم ، هذا بيت مال المسلمين ، و رأيت وجوها بيضا داخله ، يعدون أموال المسلمين ، خرجت فرأيت طابورا طويلا ، و سيارات غالية الثمن مركونة ، و أصحابها يقفون الواحد وراء الآخر ، يتحملون العطش و الجوع تحت أشعة شمس آخر شهر من شهور الصيف ، و يروحون على أنفسهم بالذكر و الدعاء ، و تذاكر أحاديث حبيب السلام بين بعضهم البعض ، كل منهم يحمل أكياسا ملئى ، و تحركت غرائزي الطفولية مرة آخرى ، سألت أحد الوجوه البيض عنهم ، فأجابني بابتسامة لطيفة أنهم أعيان المدينة ، جاؤوا يخرجون زكاة أموالهم ، و أن منهم من سيخرج الملايين ، حق السلام في امواله ، و عرفني بهم ، فكان منهم الوزراء و أغنياء الأغنياء ، الله الله الله الله ، يا سلام في أي الأزمان الآن أكون ؟ ، و رأيت أناسا في الجهة المقابلة ، أتوا إلى بيت مال المسلمين ، تعرض عليهم أموال و نعم ، فيأخذون القليل ، و يعرضون عن الكثير ، و يقولون للوجوه البيض : إنما هي حياة دون حياة ، و إنما هي أيام قلائل ، فيبتسم أعيان المدينة ، ، و رأيتهم يركبون سياراتهم ، و يوصلون إخوانهم إلى حيث أحبوا ، و هم يرددون ، سبحان من سخر لنا هذا ، و كانت السيارات تتوافد ، كل يأتي بنعم مختلفة ، فهذا بئهب كثير ، و هذا بفضة و جواهر ، و الآخر ببر و تمر و شعير ، و الثاني ببهائم الأنعام ، و بيض الوجوه يكبرون ، و ينادون ، هل من سائل ، هل من محتاج ، هل من صاحب حاجة ؟ فلا يجيبهم إلا من اضطر يستحيي من نفسه ، و الآخر يطيب خاطره و يدعو له بفردوس السلام

 استيقظت على منبهي يوقظني لصلاة الفجر ، و طائفي الجميل ذو العينين الزرقاوتين يربت على يدي بمخالبه الصغيرة ، أن قم يا حبيبي قد آن أوان الصلاة و تكبيرات عيد السلام       



  • يعقوب مهدي
    اشتغل في مجال نُظم المعلومات .. و اعشق التصوير و الكتابة
   نشر في 03 ماي 2016 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا