تحرير العقول من أهواء الساسة
حروب وقودها الناس
نشر في 11 أبريل 2016 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
إن للإنسان أطوارا .. تتقلب به الدنيا ، فتغير من طباعه ، وتقلل من موروثاته ، وتكسبه من ذاتها ، وتطبعه على طبعها ..
فالإنسان السليم يقدم الفكر قبل الفعل ، ويسوس نفسه بنفسه ، فلا يكون مَطيّةً يطِئُها غيره للوصول إلى مآربهم ، أو سلعة يتاجرون بها لكسب مصالحهم ..
إذا نظرنا إلى الصراعات على امتداد التاريخ سنجد أن أغلبها يكون بين عدد من القادة ، يتصارعون على ملك أو مال أو مكانة ، وفي سبيل ذلك يموت الألوف من الأتباع ليُتوَّج القائد العظيم بلقب المُنتصر ويحظى بالإجلال والتوقير ويسطّرَ اسمه مخضّبا بدماء هؤلاء المساكين في كتب الرواة وأخبار العظماء ..
إن أكثر ما يفتخر به هذا القائد هو ذلك التَمَرُّس في الإفك والدجل الذي استطاع به أن يشُقّ نحو الزعامة طريقا ممددا بجماجم أتباعه الذين اختاروا بإرادتهم الموت في سبيل مجد الجنرال المتكبر ..
ليت الإنسان يَعِي أن ذلك العقل هو هبة الله وحده ، منحها له وحده ، فكما لا يجوز أن تشرك بالله في العبادة والفضل ، لا يجوز أن تجعل لأحد على عقلك سلطانا غيرَ سلطان البرهان .. والبرهان فرقان ما بين الحق والباطل ..
إن بيع الأفكار والتنازل عن المبادئ مقابل عرض زائل من مال أو متاع لهوَ استهانة بمقام الإنسان ، فما يبقى لك من إنسانيتك إن بِعتَ نفسك للمتاجرين وعرضت نفسك في السوق لأهل الأملاك ..
العواطف أمر فطريٌّ وهبه الله للإنسان ليُرخي به على هذه الحياة ثوبا من الود والصفاء ، وليفرق بين الإنسان والآلة ، وليُوجّهَ بها الإنسانَ نحو قيم العدل والرحمة والمحبة بعيدا عن تخبّط الأهواء وزحام المصالح ، واستغلال العواطف لاستبعاد البشر وتلبيس الحق بالباطل من أجل مصلحة فرد أو طائفة يُعتبر جريمة لا يباريها في بشاعتها جريمة ، والفتنة أشد من الفتل .
من نكد الدنيا أن يجني الزعماء أثمان دماء الدهماء وعقولهم ومشاعرهم ، إنه لَضَيمٌ عظيم وخطب جسيم أن يسير نهر التاريخ في هذا المسار فلا يحيد عنه إلا قليلا ، وحتى وقتنا هذا لا تتنبّه الإنسانية إلى ذاتها ، فنسأل الله السلامة من إفك الأفاكين وبَغي الباغين ..
-
مؤمن حسينأجد في الكتابة ملاذا من ضوضاء البشر ومن اكتئاب الوحدة
التعليقات
احسنتم.