39

تمسّك بحقّك ولا تتراجع

أرسلت الإعلان التالي إلى تطبيق الحائط لنشره:

(مرحبا

لدينا 15 مترا مربعا موكيت مستعمل لكنّه نظيف وقابل للاستخدام.

نعرضه بالمجان لمن يحتاجه ولا يستطيع الشراء.

للتنسيق يُرجى المراسلة وعدم الاتصال.

المكان: المحمرة)

وتطبيق الحائط تطبيق إلكتروني إيراني تُعرض فيه البضائع المستخدمة للبيع؛ والنشر فيه باللغة الفارسيّة، والتي فرضتها الحكومة لغة رسميّة للبلاد.

وكان إعلاني باللغة العربيّة.

وبعد دقائق جاءتني الرسالة التالية من مدير التطبيق:

(اطلاعات آگهي گنگ است آنرا ويرايش كنيد.)

أي نصّ الإعلان مبهم غير مفهوم، يُرجى تنقيحه!

راجعت نصّ الإعلان، لم يكن بلغة خرساء كما زعم مدير التطبيق، وإنّما بلغة عربيّة مبينة.

كنت أدري أن سبب رفض الإعلان لغته العربيّة لا غير.

غيّرت سياق النصّ دون تغيير لغته وأرسلته ثانية.

وجاءني الردّ نفسه!

أردت أن أتصل بالمدير وأبيّن له ما يجهله من لغتنا العربيّة، وأن يقلّل من عنصريّته التي لا ينبغي أن تطغى في بلادنا العربيّة الأهوازيّة.

لكنّني وجدت حلّا آخر دون أن أتنازل عن نصّ إعلاني العربي، الحلّ هو أن أرسل الإعلان في وقت آخر لعلّي أجد مسؤولا ثانيا عربيّا، أو أعجميّا غير عنصري.

وأرسلت الإعلان بعد اثني عشر ساعة، وتمّت الموافقة عليه ونُشر.

قبل خمسة أعوام عندما ذهبت إلى دائرة الأحوال المدنيّة لأستلم سجلّ هويّة ابني، رفضوا الاسم الذي اخترناه!

ولم أتراجع... وكانت النتيجة أنّهم أذعنوا لطلبي.

وكان معنا شخص رفضوا الاسم العربي الذي اختاره لابنته!

وتراجع ذاك الشخص بكلّ بساطة وانقياد وسمّى ابنته بالاسم الذي اقترحه المسؤول!

عاتبته عتابا عنيفا، لماذا تتراجع عن حقّك بكلّ سهولة؟!

وكان عليك أن تقف مستنكرا لرفضهم ومطالبا بحقّك.

والحقيقة أنّ استرداد معظم حقوقنا المسلوبة يتطلّب قليلا من المواقف والإلحاح والصبر والعزيمة... وأنّ التراجع عنها هزيمة.

(شكرا للذين لا يتراجعون عن المطالبة بحقوقهم:

حقّ لغتهم العربيّة، وحقّ تسمية أطفالهم، وحقّ تسمية بلادهم، وحقّ ارتداء زيّهم، وجميع حقوقهم الأخرى...)

17-5-2021

40

سوق العيد

مضى على العيد أسبوع ولا تزال الناس تعايد بعضها على نطاق محدود، وهناك من لا يكترث للوباء فيوسّع مساحة دائرة زياراته إلى الحيّ كلّه، وإلى الأحياء المجاورة أيضا.

وقد زارنا بعض الأقرباء وكان أطفالهم يشكون الغثيان وقد أصيبوا بالإسهال!

يقول أهلهم إنّهم لم يكثروا بأكل الحلويات ولا المكسّرات.

فكيف إذن تدهورت أحوالهم؟!

قبل أسبوع وعندما هلّ الهلال، تأخّرنا لشراء مستلزمات العيد لعلّ الازدحام يخفّ، دخلنا السوق عند الساعة الحادية عشرة ليلا، ووجدنا الناس إن تنثر الملح لا يسقط على الأرض كما يقول المثل الشعبي، روح على روح.

وأكثر ما يشتري المتسوّقون هو العيد، ونعني بهذا المصطلح (أي شراء العيد) شراء الحلويّات والمكسّرات.

وكان سعر المكسّرات يختلف من خمس مئة ألف ريال إلى مليونين. وهل الفقير البطّال الذي سرق المهاجرون فرص العمل منه يستطيع أن يشتري بمليونين؟!

كلّا، سيشتري الرخيص الذي مضى على تاريخ صلاحيّته عام أو عامان!

الرخيص الذي إن تناوله الأطفال أصيبوا بالإسهال والتقيّؤ.

فستق مسوّس، مكسّرات بلون باهت، عصير فيمتو مضى على تاريخ صلاحيّته عام!

والحكومة لا تتدخل في هذه الأمور التي تخصّ الصحّة وسلامة أفراد المجتمع!

وتسمح للتجّار أن يرفعوا الأسعار أضعافا، ولا تقدّم أيّ دعم للشعب، وكأنّ هذا النفط الذي تستخرجه ليس من أراضي فقراء هذا الشعب!

ليس لشعبنا العربي سوى دخّان آبار النفط، ليس له سوى جفاف الأنهار التي صادروا مياهها!

ليس له سوى أن يتناول أطفاله الرخيص من الطعام أو المنتهية صلاحيّته!

ليس له سوى البؤس والإملاق.

وحسبنا الله...

(مشوارنا التعليمي ما يزال مستمرّا، وبلا هوادة...

شكرا للذين لا يتهاونون.)

19-5-2021

سعيد مقدم أبو شروق

الأهواز