إشكالية الغيب ومادية الإنسان - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

إشكالية الغيب ومادية الإنسان

  نشر في 25 يوليوز 2016 .

دائماً ما نسمع بكلمة ( الغيب ) والإيمان بــ ( الغيبيات ) وخصوصاً عند المؤمنين المتدينين . إذا جئنا لنترجم هذه الكلمة عبر مترجم جوجل الشهير فسوف يكون المعنى بالتأكيد ( Unseen ) ، ولكن حقيقةً هذه الكلمة لا تعبر تماماً عن معنى الغيب بالمفهوم الديني . وقد يستخدم البعض مصطلح ( الميتافيزيقية ) وهذه الكلمة تعبر عن الدراسة للأشياء المجردة . إن الغيب هي أشياء لا تُدرك بالحواس البشرية ، ولا بقدرات العقل المحدودة . لذلك قال تعالى في سورة الأنعام آية 103 : ((لاَّ تُدْرِكُهُ الأَبْصَارُ ))، فهو سبحانه وتعالى لن تراه الأبصار ولن تدرك ماهيته ، فهو أعلى وأجل وأعظم . والإنسان بطبيعته الفطرية لا يؤمن بما لا يراه ، بل يصدق كل ما يبتليه بنفسه ، ويقتنع به ، ومع رغم هذه الطبيعة البشرية إلا ان الاديان التوحيدية السماوية استطاعت ان تجعل الإنسان يؤمن بالغيبيات ، وتعد من يؤمن بها بالنعيم المقيم . إذا أتينا لننظر نظر سريعة إلى تاريخ العرب قبل الإسلام فإننا سوف نجد انهم كانوا يهوداً ، ومسيحيين يؤمنون بالكتاب ، ويؤمنون بالغيب ، إلا أن جاء عمرو بن لحي وأدخل عبادة الأصنام إلى بلادهم وعبدوها ، يقول ابن كثير في كتابه المشهور ( البداية والنهاية ) المجلد الأول ص572 : (( قال ابن هشام : حدثني بعض أهل العلم أن عمرو بن لحي خرج من مكة إلى الشام في بعض أموره فلما قدم مآب من أرض إلى البلقاء وبها يومئذ من العماليق وهم ولد عملاق ، ويقال : ولد عمليق بن لاوذ بن سام بن نوح رآهم يعبدون الأصنام فقال لهم : ما هذه الأصنام التي أراكم تعبدون ؟ قالوا له : هذه أصنام نبعدها فنستمطرها فتمطرنا ونستنصرها فتنصرنا . فقال لهم : ألا تعطوني منها صنماً فأسير به إلى أرض العرب فيعبدونه ؟ فأعطوه صنماً يقال له " هبل " فقد به إلى مكة فنصبه وأمر الناس بعبادته وتعظيمه )) هذا التحول كان نتيجة النزعات البشرية الطبيعية الفطرية في رفض الغيب ، والإيمان فيما هو محسوس ، فهم فعلياً لم يحولوا عبادتهم إلى الأصنام واستفردوا بها آلهة

بل عبدوها لتقربهم إلى الله زلفى ، كما حكى بذلك الله في كتابه العزيز : ((وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى )) { سورة الزمر ، آية : 3 }

فهم بحسب طبيعتهم البشرية لم يتصوروا انهم بمجرد انهم يقومون طقوس وحركات معينة سوف تعتبر عبادة للإله الذي يعبدونه ، فأخذوا أبسط ما لديهم ليقربهم إلى الله .

ولما جاء الإسلام اهتم بــ ( الغيب ) ، وقد قال الله تعالى في القرآن الكريم : ((ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ )) { سورة البقرة , آية : 2 } ؛ فالمتقين يقول عنهم الله ويعرفهم في الآية 3 من سورة البقرة ، قال تعالى ((الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ )) فكانت اولى صفات المتقين أنهم يؤمنون بالغيب ، وقد قال الرسول لجبريل في الحديث الطويل وهو الحديث الثاني من احاديث الأربعون نووية : ((قال : " فأخبرني عن الإحسان " ، قال : أن تعبد الله كأنك تراه ، فإن لم تكن تراه فإنه يراك ( . وفي العصر الحديث انتشرت موجة الإلحاد في العالم ، وصارت هي الموجة الرائدة ، ليس لسبب في ذاتها ، بل لأنهم استطاعوا تفسير أشياء كانت تُفسر قديماً بخزعبلات دينية عند الشعوب البدائية . ودائماً ما نسمع الملحدين يقولون : نحن نعبد قانون كل شيء ، فهم عادوا إلى طبيعتهم البشرية الرافضة للغيب ، والغيبيات ، وآمنوا بالحواس ، والعلم ، ورفضوا فكرة الإله . فالإيمان بالغيب له أجر كبير ، ونلتمس هذا في القصة التالية :

وروى الإمام أحمد من حديث أبي جمعة - رضي الله عنه - قال: تغدينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم, ومعنا أبو عبيدة بن الجراح, فقال: يا رسول الله, أحد منا خير منا؟ أسلمنا وجاهدنا معك, قال: نعم, قوم يكونون من بعدكم, يؤمنون بي ولم يروني. قال الشيخ الألباني: رواه الدارمي وأحمد والحاكم وصححه, ووافقه الذهبي, وإسناد الدارمي وأحد إسنادي أحمد صحيح. 



   نشر في 25 يوليوز 2016 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا