كيف حالك؟ سؤال غبي
ما حدث في قسم طوارئ الصحة النفسية
نشر في 24 يناير 2020 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
بعد 61 يوماً من أخذ مضاد للإكتئاب يدعى فلوكسيتين ، راودتني بعض الأفكار الانتحارية و أُخذت بسببها إلى طوارئ الصحة النفسية ببعض الجروح على يدي اليسرى ، أخذتني أمي بعد أن خارت قواي في المنزل ، بدأت نوبة البكاء في السيارة و استمرت ، وصلنا و سألنا الممرض عن سبب قدومنا ، لم أجب أنا بالطبع و لكن أمي قالت( نوبة إكتئاب ) بعدها جلسنا في الانتظار ، في الواقع هناك حدث مهم حدث قبل كل هذه الفوضى ، قبلها بيومين كنت في جلسة مع د.عبير للأسف عرفت عن رغبتي بالإنتحار و تلمست في كلماتي الرغبة الملحة فيه ، دعونا لا ننسى أني قاصر و عمري 16 عاماً لذلك مباشرة اتصلت د.عبير بأمي و أخبرتها أن مريم تعاني من بعض الأفكار الانتحارية و عليكم أخذها للمستشفى أو كبديل عليكم مضاعفة جهدكم لمراقبتها 24 ساعة - قصة أخرها سأذكرها في مقال آخر - على العموم ها أنا اليوم بثيابي اللامتناسقة و بكائي المستمر أمام طوارئ مستشفى جامعة السلطان قابوس أنتظر دوري ، تم فحص ضغطي و نسبة السكر بدمي بواسطة ممرضة ما وسألتني كيف حالك ؟ لم أجب على هذا السؤال الغبي وقتها ، و بعدها توجهنا لغرفة العلاج الذي كان بها طبيب عام طرح علي نفس الأسئلة التي ستطرحها الطبيبة القادمة ، اكتفيت بالصمت في حضرة الطبيب ثم استدعى الطبيب النفسي المناوب لمقابلتي ، و هنا جاءت طبيبة اسمها مستوحى من كتاب ألف ليلة و ليلة ، سألتني هي الأخرى كيف حالك ؟ قلت بخير جهراً و في نفسي غضب على هذا السؤال الغبي الذي يفترض أن الجميع يعرف إجابته ! أنّا لي أن أكون بخير و إلا لماذا أنا هنا في قسم الطوارئ ، المهم أني تمالكت أعصابي و استمرت الطبيبة بطرح الأسئلة و استمريت أنا بصمتي و أمي تجاوب على الأطباء ، سألتني بكل صراحة و برود : هل ترغبين بالانتحار مريم ؟ صمتت ثم قالت أمي لا بأس جاوبي و اكتفيت بهز رأسي إيجاباً . سبق هذا السؤال أسئلة عن اسمي و عمري و صفي و اخوتي . و هنا جاء القرار بأنه يجب أن أتنوم في قسم الأمراض النفسية و الجدير بالذكر أن الساعة كانت الثانية عشر بعد منتصف الليل - وقت شاعري أليس كذلك ؟ - أخذوني أنا و أمي لقسم الأمراض النفسية بالطابق الثاني الذي كان مقفل و أمامه حارس فتح لنا الباب برمز سري و قادتنا ممرضة الطوارئ الآسيوية نحو الممرضة العمانية و طلبت منا الجلوس و فحصت ضغط دمي و حرارتي هي الأخرى ، ثم سألتني السؤال الغبي مجدداً كيف حالك ؟ و بعدها طلبت رؤية الجروح التي بيدي و سألتني سؤالاً غبياً آخر : لماذا فعلت هذا ؟ كيف أفصح لك عن مكنون نفسي و أنا أعرفك منذ 4 دقائق و 25 ثانية ؟ ثم طلبت من أمي أن تأخذ منها كل الأشياء الحادة و الأدوية لأنه لا يسمح بإدخالها للقسم فذهبت أمي لقسم الاستقبال يشرحون لها أشياء ما و أخذتني الممرضة لقياس وزني بغرفة منزوية ثم أوقفتني و نظرت إلي و على وجهها نظرة اهتمام لا متصنعة و قالت : مريم إذا كان هناك شخص ما يؤذيك أو شيء سيء حدث أخبريني ؟ انصدمت من اهتمامها و لكني اكتفيت بالصمت و قالت لا بأس سنتحدث غداً و عدنا لوالدتي بعدما قالوا لها أنه يجب أن تراقبني و تبقى معي خلال مدة إقامتي بالقسم . للحديث بقية كثيرة و لكن ما سأقوله ختاماً هو جواب سؤال كيف حالك ؟ من الواضح أني لست بخير و أعاني من الإكتئاب و بعض الأفكار الانتحارية أخضع لجلسة علاج سلوكية مرة اسبوعياً و انتقلت من مدرستي حديثاً و أخاف من الدراسة كوني في الصف الثالث الثانوي أو الثاني عشر أو أنني في السنة الأخيرة من دراستي المدرسية التي تحدد كل مستقبلي ، لست بخير بداخلي ثقب أسود و لست بخير بستان قلبي قد جف و لا أظن أن غيمة يوماً سترويه ، لست بخير و أظنني حملاً ثقيلاً على هذا العالم و أشعر بالذنب تجاه كل شيء و أشعر بالسخافة لأني مكتئبة بينما هناك أطفال في أفريقيا يموتون جوعاً ، أشعر بشعور سيء أشعر أني لست بخير ، أنا بخير أيها الأطباء .
( ملاحظة : كان الحميع معاي لطيفاً و لم يقصد أحدهم سوءً من الأطباء و الممرضات و لكن نظراً لسوء حالتي النفسية وقتها فسرت كل شيء بطريقة سيئة :) )
-
مريم تكتب هنا .من أنا هو سؤال صعب ! و لكن اسمي مريم و عمري 16 عاماً ، شخص عادي جداً ، دمتم بود جميعاً
التعليقات
لن أسألك كيف حالك ، أعرف أنك بخير ما دام باطنك الواعي يكره سؤال كيف حالك ..لن أقول لك احك لي ما يقلقك لدرجة الانتحار ، انت واعية ما فيه كفاية أنا مطمئنة لذكائك و يقظتك و انت في هذه الحالة فما بالك لو كنت تمام بدون حالة اكتئاب ، لا تنزعجي من الأطباء عزيزتي عن سؤالهم الموحد : كيف حالك ، انت لم تجدي طبيبا يفهمك جيدا في تلك اللحظات ، أنت ذكية جدا ، هذا كل ما في الأمر و تحتاجين لتوجيه ذكائك نحو ما يحقق لك اكتفاءا بقدراتك...انا واثقة أنه بامكانك أن تعالجي نفسك بنفسك و لكن بعد ان تهدئي ..الهدوء ضروري كأول مرحلة ...كلميني على الخاص سنكمل حديثنا عبر البريد الالكتروني ..ستحول مساعدتي رسالتك لي مباشرة و سأتكلم معك شخصيا في الموضوع .
و للملاحظة فقط فكل شخص منا يكون متضايقا بغض النظر هل هو مكتئب او لا يتذمر من كلمة" كيف حالك؟" و من يسألك يعلم أنه سؤال لا معنى له و في نفس الوقت هو لا يجد ما يواسي بك و يحسسك انه يهتم لأمرك غير هذا السؤال الغبي.
أمر آخر... لا تسألي نفسك عن سبب الاكتئاب عندك في حين هناك اطفال جوعى و حروب و و و... لانه بكل بساطة السؤال بحد ذاته مؤرق... و الاكتئاب مرض ككثير من الامراض التي قد لا يكون لها سبب واضح و مؤكد.
شكرا لمقالك الجميل... و الاجمل فيه نبرة الامل وسط حكاية اكتئاب.
تحياتي