فتاة المتحف.. والدعوة لخلع الحجاب.. ومناظرات البحيري.. أهم ثلاث قضايا يشغلنا بها الإعلام أكثر مما يجب.. ليضيع وقتنا ويلهينا عن قضايا مهمة تستحق أن ننشغل بها فعلاً.. عندنا وطن مهدد بإرهاب يسعي لهدمه.. ومواطنون يصارعون من أجل لقمة عيش يأكلها غول الأسعار.. وشباب يهرب من وطنه فلا يشارك سياسياً فيه.. ولا هم له إلا البحث عن فرصة للسفر أو الهجرة.. وآخرون يئسوا من البحث عن فرصة عمل أو شقة يتزوجون فيها ويبنون أسرة صغيرة.. فكل ما قاله السيد إسلام بحيري لا جديد فيه.. قاله سابقون عليه وقام علماء الإسلام بتصحيحه.. والحديث عن الحجاب قضية قتلت بحثاً.. وفتاة المتحف التي تبسط معها وزير الثقافة وحدثها عن أهمية أن تنقص وزنها قليلاً.. مجرد موقف باسم استغلته الفتاة لتقيم الدنيا ولا تقعدها علي وزير يواجه هجمات من أول يوم لتوليه المسئولية.. هذه هي أهم ثلاثة قضايا يشغلوننا بها دون داع.

أولاً: فتاة الصحف

لست من المؤيدين لما تفعله عزة عبدالمنعم أمينة متحف محمود سعيد بالإسكندرية التي قررت أن تشن حرباً خاسرة علي الدكتور عبدالواحد النبوي وزير الثقافة المشهود له بالكفاءة والجدية.. ولم نسمع عنه ما يسيء إلي سمعته.. وبالتالي فإن الأمر لا يعدو كونه نوعاً من المزاح بين وزير وموظفة اعتبره مزاحاً أبوياً لتنبيه الفتاة إلي مخاطر السمنة وأظن أن الأمر كان يجب أن ينتهي عند هذا الحد ولكن الفتاة أرادت أن تحوله إلي قضية إعلامية وراحت تتحدث عن كرامتها.. والإهانة التي تعرضت لها.. وزارة الثقافة فيها قضايا أهم بكثير من هذا المزاح الذي يجب ألا نحمله أكثر مما يحتمل.

ثانياً: حجاب الشوباشي

لا شك أن الكاتب شريف الشوباشي إنسان مثقف.. كان رئيساً لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي عام ..2001 ولكن حديثه عن المحجبات كان غريباً.. فقد سبق أن أثيرت هذه القضية مرات عديدة من قبل.. وهناك دراسات وكتب وبرامج تتحدث بالتفصيل في هذه القضية التي لا أري ضرورة لإثارتها الآن.. فنحن في النهاية نعيش في مجتمع واسع متنوع.. وأبسط حقوق الإنسان أن يختار الإنسان الزي الذي يناسبه.. إذا اختارت الفتاة حجاباً فمن حقها أن يحترم الآخرون اختيارها.. لأنها بساطة لا تضر المجتمع ولا الآخرين.. وليس من حق فتيات أخريات أن يعتدين علي زميلات لهن.. كل إنسان من حقه أن يعبر عن رأيه بشكل حضاري.

أما مهاجمة من ترتدي الحجاب وتنظيم مظاهرة لخلع الحجاب فهذا تزايد لا تتحمله ظروف البلد الذي يعاني من التعصب والجهل الذي يذهب بالبعض إلي تكفير الآخر لمجرد اختلافه في فهم الإسلام الصحيح.

ثالثاً: المناظرات

علي مدي الأسبوعين الماضيين والإعلام يشغلنا بمناظرات السيد إسلام بحيري وعلماء الأزهر.. وبعد محاولات عديدة للهروب من المناظرة يظهر ليكرر نفس الكلام الذي قاله في برنامجه.. ورد عليه علماء الأزهر الشريف.. والذين قالوا إن كل ما يقوله خطأ.. وسبق أن طرحه مفكرون سابقون.. والمكتبة الإسلامية مليئة بالدراسات التي تضحد كل كلامه.. ومع ذلك تتسابق الفضائيات في تنظيم مناظرة لكي تستفيد هي من الإعلانات وتشغل المجتمع بقضايا جانبية ليس هذا وقتها.. بل وتدفع بعض المتحمسين إلي سلوك يتنافي مع قيمنا.. إذ لا يُعقل أن يصل بنا الأمر إلي حرق الكتب بشكل استعراضي علي طريقة داعش.