الإنشاء 34 -36 - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

الإنشاء 34 -36

  نشر في 14 ديسمبر 2021 .

34

السدر

عندما اشتريت بيتي في حيّ بستان، كانت فيه ثلاث سدرات، كلّ واحدة يختلف ثمرها عن أختيها، سبحان الله يخلق من الشجرة الواحدة أشكالا مختلفة، ويأتي الإنسان يلوّن هذه الثمرات عن طريق التطعيم، فتراه يقص غصنا من شجرة سدر ويلصقه بشجرة سدر أخرى فتثمر الشجرة ثمرتين كلّ ثمرة بنكهة... "هذا خلق الله، فأروني ماذا خلق الذين من دونه؟!"

فالسدرة شجرة مميّزة مفيدة، لكنّ العجيب أنّ البعض يقدّس هذه الشجرة ويعتقد أن الجنّ يسكنها!

ويتراءى للبعض الآخر أنّهم يرون هذا الجنّ رأي العين، ويبدأون يقصّون عليك قصصا يأبى العقل السليم أن يصدّقها.

تقول ربّة البيت التي اشتريناه إنّها رأت عند الغروب ملكين طفلين جالسين على غصن السدرة الوسطى، فسألتهما عن مبدأ مجيئهما؛ فأجابا: من النجف!

ثمّ أوصت أمّ شروق بأن تسقي الشجرة الأولى والثالثة ماء، أمّا الوسطى فتُسقى مساء الأربعاء بماء وسكّر!

اعتقادات تجعلك تتعجب عجبا، وتستغرب استغرابا!

وماذا لو أنّك اضطررت أن تقتلع هذه الشجرة من بيتك لسبب وجيه؟!

هذا ما لا يسمح به هؤلاء المقدِّسون المعتقدون بأنّ السدرة مسكونة من قبل الجنّ!

وإن فعلت فستنزل عليك مصائب من السماء لو "صُبّت على الأيّام صرن لياليا" هكذا يعتقدون!

لكنّني عزمت على اقتلاع السدرات الثلاثة من البيت بعد أن قرّرت أن أوسّع البناء.

ونهاني الكثيرون، منهم من حذّرني من المصائب التي ستحلّ بداري!

ومنهم من نصحني أن أذبح خروفا فدية للسدرات!

ومنهم من لم يضع أمامي أيّ حلّ سوى العدول عن توسيع البناء!

واقتلعتها وأنا منكر لهذه الأباطيل التي دسّها أعداء الدين والإنسانيّة في أذهان البسطاء من شعبنا، أباطيل ما أنزل الله بها من سلطان.

وأصبح البيت وسيعا، لكلّ حجرته وحرّيته.

وسلّمنا الله وإيّاكم من كلّ سوء ومكروه.

(رجل صائم ويعمل، ويذاكر دروسه العربيّة؛

سيّدة صائمة وتطبخ، ولا يفوتها حلّ التّمارين التي تُرسل في المجموعة؛

طالب يستعدّ للامتحانات النهائيّة، ويرسل نصوص الأفلام والإعراب؛

آنسة تكتب الإنشاء بجانب واجباتها المدرسيّة...

شكرا لكلّ هؤلاء المهتمّين بلغتهم العربيّة اهتمام الذين يريدون إتقانها حقّا.)

28-4-2021

35

مراكز التثقيف

في كلّ مجتمع هناك أماكن معروفة، ومراكز خاصّة تعرّف الثقافة العامّة للشعب وتروّج لها.

وتنشط هذه المراكز تحت رعاية النظام الحكومي، ولها ميزانيّات تُعيّن وتتلقّى الدّعم من الحكومة، وتعمل وفق برامج يخطط لها أخصائيون في علم الاجتماع وعلم النفس، وهم من نفس الشعب وليسوا من الأجانب، أي غايتهم سامية هي خدمة الشعب وليست غايات خبيثة يبتغون من ورائها محاربة الشعب وتحطيمه وإذابته في ثقافة أخرى.

ويُستثنى مجتمعنا الأهوازي من هذه القاعدة حيث لا يوجد مكان رسمي يعلّم الفرد الأهوازي الثقافة العامّة! ولذا يلجأ الفرد الأهوازي إلى أماكن غير رسمية لا تراقبها ولا ترعاها سمة رسميّة، مثل الحسينيّات، وهي أماكن لا تعلّم ثقافة عامّة ولا خاصّة.

والدليل أنّ الملّا هو المتكلّم الوحيد في هذه الأماكن الدينيّة، ومعظم الملالي ليسوا أهل قراءة ولا كتابة.

معظمهم لا يقرأون كتابا واحدا طيلة السنة. همّهم الوحيد الدرهم والدينار لا غير.

ولا يوجد في قاموسهم همّ اسمه تثقيف المجتمع وتوعيته بتاتا.

ولهذا تراهم يلقون نفس القصص المكرّرة كلّ سنة، قصص الطفّ التي معظمها خياليّة نسجوها بغيّة إبكاء الناس.

منابر من حقّ المثقّف الحقيقي أن يرتقيها، لكنّه مقصًى عنها رغما عنه!

ويبقى شعبنا الأهوازي يفتقر إلى مراكز التثقيف، ويعاني من غياب الموادّ التثقيفيّة والتوعويّة.

(شكرا للأصدقاء الذين يشاركوننا كتابة الإنشاء، ويعون أنّ الإنشاء هو الغاية والحصيلة لما تعلّمناه في دروسنا السابقة؛ يعون أنّهم لن يتعلّموا من العربيّة شيئا ما لم يكتبوا الإنشاء، ذلك لأنّ قواعد النحو تُنسى بعد فترة قصيرة أو طويلة.)

2-5-2021

36

نفس سخيّة وأخرى جشعة

نفس سخيّة

أبو عماد ليس غنّاما، لكنّه يشتري برأس ماله عشرة رؤوس من الغنم فيقف طرف الجادة يبيعها ويسترزق.

وهو بائع منصف لا يغشّ ولا يكذب.

يربح من كلّ ضأن مليون ريال إيراني أو مليونين لا أكثر.

ومعظم الزبائن يفضّلون أن يستلموا اللحم الجاهز، ولهذا يتّصل أبو عماد بالجزّار، ويدفع الزبون مبلغا للجزّار يتراوح بين الخمس مئة ألف إلى مليون ريال.

وأبو عماد يمتلك أدوات الجزر كاملة لكنّه لا يجزر، ليس لأنّ زبائنه كثيرون ووقته لا يسمح، وليس لأنه في غنىً عن هذه الأجرة التي يدفعها الزبون؛ لا، بل يريد أن يكون للجزّار نصيب من الرزق.

قال لي ذات مرّة، إنّه يستطيع أن ينجز هذه العمليّة السهلة خلال ربع ساعة فيصيب المليون، لكنّه لا يفعل؛ يقول إنّ الجزّار لديه أطفال أيضا وينتظرون سلّة أبيهم مملوءة.

نفس جشعة

أعرف شخصا متقاعدا يقبض راتبا يكفيه ويكفي زوجته العجوز.

بناته تزوجن، ويعيش هو وزوجته في بيت وسيع جدّا.

وأخبرني أنّه اشترى بيتين في المحمّرة وأجّرهما، واشترى شقّة خارج الأهواز أيضا، ولديه محلّ في السوق وقد أجّره هو الثاني ، ولديه سيّارة أجنبيّة غالية السعر.

خلاصة القول أنّ هذا الرجل ثريّ بكلّ ما تعنيه الكلمة.

وأستبعد أنّه يتصدّق على فقير، لأنّي سمعته ذات مرّة يقول إن الفقراء عليهم أن يدبّروا أحوالهم، لا أن يتّكلوا على صدقة الآخرين.

أمس كان يبيع قدرا مخسوفا وأسلاكا قليلة على متجوّل عربي فقير، وكان يشكّك في ميزانه، ويطلب منه أن يزوّده خمسين ألف ريال!

بينما كان عليه وهو ثريّ أن يعطي هذا الفقيرَ الماعون والأسلاك ومبلغا من المال أيضا... لكنّه لم يفعل!

(لغتي هويتي، شعار أجوف لا يتحقق معناه الحقيقي إلّا أن تبذل جهودا فتتعلّم لغتك.

شكرا للذين يحققون معنى هذا الشعار بجهودهم الجبّارة.)

5-5-2021


سعيد مقدم أبو شروق

الأهواز



  • سعيد مقدم أبو شروق
    سعيد مقدم أبو شروق مدرس فرع رياضيات أسكن في الأهواز أحب القراءة والكتابة، نشر لي كتاب قصص قصيرة جدا.
   نشر في 14 ديسمبر 2021 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا