آل بي المآل لخطِ هذا المقال بعد صمتٍ طويل و صبرٍ مديد تخللهما دأبٌ و جهدٌ فاشلين لدحر الظروف و نثر الحروف على غرة كشكولي العتيق إلى أخمص سطوره المخضبة بآهاتٍ و صرخاتٍ صداحها نوح أم كلثوم و صراخها بكاء مكلوم و أنينها تعدى الغيوم .
أما الأن فسأحبر بحبر الأسى و أخط بجمر اللظى "چوادر" العزاء المنصوبة بضمير مستتر تقديره جهلٌ و سفهٌ تشظيا لأسباب تعتاز لإسهاب سنتسرب إلى بعضها و نتسلل إلى بعضها الآخر بشيءٍ من الإختصار و الإقتصار الشديدين كي لا نصنف من الثرثارين و المهذارين .
و من أبرز هذه العلل هي أننا تبعثرنا إلى مِللٍ و نِحلٍ نزعت ثوب "الدين" و استأزرت بإزار "الطائفة" رغم ظهور عوراتها و بروز سوآتها التي خلقت لنا داعش و ماعش و خواتهما من منغلة التفريخ و مزبلة التاريخ فعصت الخالق و استعصت على المخلوق لتدق أسافين الحروب و تقرع طبول النزال في كل رقعة و شبر من يابسة المسلمين.
إن للإعلام و الأقلام و فبركة الأفلام دورٌ و فعلٌ أيضاً في تحويل الثقافة إلى سخافة و تفريغ العقول من محتواها و مضمونها المعرفي لتحيط بها بطبقاتٍ سميكة و ثخينة من الجهل المركب يصعب للفكر النير إختراقها و اجتيازها كي لا تصاب العقول بأمراض الوعي و الإدراك المزمنة و المعدية في آن واحد .
للدين و الإعلام شقيقٌ ثالثٌ اسمه السياسة يقتات ويعيش معهما إما بلياقة و كياسة أو برعونة و تياسة و في كل الأحوال تأتي النتائج و تقبل العواقب على الشعب سلباً أو إيجاباً و أفراحاً أو أتراحاً ، لكن المشكلة و المعضلة العظمى و الكبرى هي أن في مواطن المسلمين اختلط كل شيءٍ بكل شيء فحل الدين محل السياسة و السياسة محل الدين فجن جنون الإعلام و ألفى بين مدٍ و جزرٍ زعزعت بهما البشر فتارة يتفاجأ الإنسان البسيط بركلةٍ سياسية في بطنه لتئن بعدها "علباته" بكفخة دينية توقعه صريعاً ينخر في عقله الجهل .
إذا ما أردنا العيش بسلام و آمان علينا حل إزار الطائفية و رميه في مزبلة التاريخ و الوصول إلى كلمة سواء تحلق بنا في الهواء و فسخ الروابط بين الدين و السياسة ليتحول النشيج في بلادي إلى نشيد.
-
إبراهيم بن حاتمإماراتي الأصل رافديني الهوى عاشق على ذمة بغداد