صورة الشيخ أحمد بمب في المختبر
تحقيقات ونظرات على صورة الشيخ أحمد بمب امباكي (خديم الرسول )
نشر في 26 ديسمبر 2015 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
مَن مِنا، نحن أهلَ بلاد السُّودان الغربية، لم يطرق سمعه ولو مرة اسمُ مولانا الهمام، عبد الله وخديم رسوله، الشيخ أحمد بمب؟
ومن منَّا، نَحْنُ السِّنغاليين على وجه الخصوص، لم تَمْلأَ صورةُ العبد الخديم عينيه؟
ولكن، كم منا تساءل ولو مرة في عمره عن مدى صحة محتوى هذه الصُّور مع سعة انتشارها وكثرة تداولها بين الناس؟ متى تم إنجاز هذه الصورة؟ في أي مكان؟ ومن المصوِّر؟
هذه الأسئلة وغيرها هي التي دفعتني إلى التحقيق في الموضوع، ثم ارتأيت أن أشارك الباحثين حصيلة البحث والفحص. والله من وراء القصد...
هذه الصورة تُقدَّم على أنها هي أقدم صورة عن الشيخ أحمد بمب.
بناء على بحثي واستقصائي، يظهر أن النَّشرة الأولى لهذه الصورة كانت مع صدور كتاب L’Islam au Sénégal سنة 1917، لمؤلفه العميل الفرنسي بول مارتـي [Paul MARTY].
ولقد بقيتِ الصُّورة إلى السِّتينات من القرن العشرين هي الصورة الوحيدة التي تنسب للشيخ الخديم. وهذا أمر، قد أكده الباحثُ Vincent MONTEIL في مقالته المعنونة بـ Une confrérie musulmane : les Mourides du Sénégal، حيث يقول : " On ne possède d’Amadou Bamba qu’une seule photographie " (لا نملك عن الشيخ أحمد بمب إلا صورة واحدة) مشيرا إلى هذه الصورة.
مكان التصوير ومناسبتها:
ومن الدلائل التي تشير إلى ذلك التعليقُ الذي ذيَّل به بول مارتي [Paul MARTY] الصورة عندما نشرها في كتابه حيث كتب ما يلي :
يعني أن الصورة التقطت بمدينة جربل [Diourbel].
ولم ينفرد Paul MARTY بهذا القول، بل نجد باحثا آخر وهو Vincent MONTEIL يذكر كذلك نفس الأمر، ويقرر أن الصورة التقطت بمدينة انجربل. قال:
... On ne possède d’Amadou Bamba qu’une seule photographie. Prise à Diourbel
(لا نملك عن أحمد بمب إلا صورة واحدة، التُقِطت وهو بِجُرْبل).
ففي مقالة الباحث Vincent MONTEIL إشارة إلى الموقع الذي التقط به الصورة، وذلك عندما قال:
« ... Elle (La photographie) montre le Sérigne debout devant sa baraque»
(تُظْهر [الصورة] السرﭺ واقفا أمام كوخه...)
وفي مقالة للجنة العلمية التابعة للموقع الإلكتروني Majalis.org تحقيقات أكثر دقة، انتهت إلى التقرير أن الصورة كانت عند خروج الشيخ من مسجده بعد أداء صلاة العصر. (انظر هنا)
وقد يكون ما ذكره Vincent MONTEIL وهو يصف الشيخ أحمد بمب من خلال الصورة توكيدا لما قالته اللجنة العلمية. قال :
Un pan de son turban blanc est rabattu sur la bouche, comme il l’était pour la prière
(يُغطِّي فَمَه ذيلُ لِثامِه الأبيض، كما كان يفعل عند أداهِ الصَّلاة...).
زمن التصوير:
لم يقدِّم بول مارتي في كتابه بيانا عن الزمان الذي كان فيه التصوير. وأما Vincent MONTEIL، فإنه أضاف بيانا آخر مفاده أن الصورة التقطت فيما بين سنتي 1912 و 1917.
ولعل سبب تحديده زمن الصُّورة بين هاتين السنتين أن المصدر الأول الذي نُشِرَتْ فيه الصُّورة، وهو كتاب L’Islam au Sénégal إنما صدر سنة 1917، فمفروض أن تكون الصورة قد التقطت قبل صدور الكتاب سنة 1917. وأما سنة 1912، فلأن مؤلف الكتاب Paul MARTY إنما بدأ مهمته في السنغال في هذه السنة. معنى ذلك أن الصورة كانت في الفترة التي أُلِّف فيها الكتاب. وقد يكون هذا النص إشارة إلى أن بول مارتي هو الذي قام بالتصوير، كما سنبين ذلك فيما يلي:
المصوِّر:
لقد ذكرتُ فيما مرَّ أن اللّجنة العِلمية التَّابعة للموقع الإلكتروني Majalis.org ذكرت أن الصورة من إنتاج Paul MARTY، عَقِب صلاة العصر، بعد طلب منه.
ومما قد يؤكد أن بول مارتي هو من قام بالتصوير، أنه يَنْسِب أغلب الصور (ومجموعها ثلاثة عشر = 13 صورة) التي أوردها في كتابه، في القسم الخاص بدراسة المريدية، ينسبها إلى عميل دولة فرنسا Antoine Arthur LASSELVES، باستثناء خمس صور، منها صورة الشيخ الخديم هذه. ومعقول أنه إذا كان هو الذي التقط الصورة، فهو في غنى عن أن ينسبه إلى نفسه.
النتائج:
مما مرَّ نستخلص جملة من النَّتائج منها :
- أن هذه الصورة موثوق بصحتها.
- أنها كانت ما بين (ما بين 1913 إلى 1917) بناء على القرائن التي ذكرتُ. وهي تتفق مع الفترة التي كان فيها الشيخ أحمد بمب في الإقامة الجبرية بمدينة جربل.
- أنها بمدينة جربل، ونتفق مع موقع Majalis.org في قولها إن الصورة كانت بعد صلاة العصر للقرائن التي ذكرتها.
- أن الذي قام بالتصوير هو المسؤول السابق عن شؤون المسلمين في مستعمرات فرنسا من أفريقيا جنوب الصحراء من سنة 1913 وهو بول مارتـي [Paul MARTY].
- وأخيرا، تبقى هذه الصورة، إلى حدود نشر هذه المقالة، هي الصورة الوحيدة الموثوق بها لعبد الله وخديم رسوله. وسأتعرض في مقالة مقبلة لبعض تلك الصور التي تنسب إلى الشيخ الخديم خطأ أو وهما.
-
(محمدو بمب درامي) Mouhamadou Bamba DRAMEباحث مهتم بالتراث الإسلامي السنغالي، والمشرف على صفحة المكتبة السنغالية في الفيس بوك