شخص ميسور أقرض صديق صباه مبلغا من المال، واكتفيا، بداعي الثقة التي بينهما، بأن يدوّن المقرِض المبلغ الذي أعطاه بشكل غير رسمي. وبعد مدة استلم الدائن ماله كاملا وكلف مساعده أن يشطب الدين من الدفتر. لكن هذا لم يفعل، لأنه كان يحقد على الصديق، الذي كان قد رفض تزويجه إحدى بناته، فرآها فرصة سانحة للإيقاع به.
وحدث أن أصيب صاحب المال بإصابة جعلته ينسى ما قبلها. ثم راجع دفتر القروض التي أسداها واتصل بالمدينين لاستيفائها. وبالطبع، كما يمكنكم التخمين، كان من بينهم صاحبنا الذي أدى ما عليه قبل الإصابة.
فقال له: لقد أديت ما عليّ.
فأجابه الآخر: ولكنك في الدفتر عندي لم تؤدِّ ما عليك.
وهكذا إذن أدى المدين ما عليه، ولا إثبات أو شهود لديه؛ وتسلّم الدائن رزقه كاملا منه وثبت عنده في الدفتر خلاف ذلك. وكان هذا كفيلا بإفساد المودة التي بينهما، وبنشوب اختصام وصل إلى التقاضي، و أورث ضغينة وغبنا عند كليهما: المقرٍض يقول بلسان حاله "أعنته على شدته بمالي فانتهز إصابتي ليدعي أنه ردّ ما عليه"، والمقترض يقول بلسان حاله "لقد سددت ما عليّ ويطالبني به ولا دليل عندي ولا أقوى على جمع المبلغ مرة أخرى لأعطيه إياه لأزيل سوء ظنه". وتأثر ما كان بينهما من علاقات مصاهرة، واتسعت الهوّة بينهما ودخل المصطادون في الماء العكر على الخط.
المهم، استرد الأول ذاكرته في الحلقة الأخيرة وطلب العفو من الثاني، وتمت المصالحة، والتأم الشمل، واندحر الماكرون، واتضح أن الحادثة التي كادت تودي بالصديق صاحب الثروة والتي أفقدته الذاكرة فقط كان مدبّرة من أحد أبنائه الذين استعجلوا الميراث. لكنه قلبه كبير فسامحه، ولو أن هذا لن يشفع له، فهو قابع الآن في السجن بعد انكشاف تلاعبات مالية قام بها في مقر عمله. أما المساعد المحتال ففي حالة هروب، ويقال إنه لقي مصرعه بينما كان يحاول التسلل إلى بلد مجاور.
وانفرجت أسارير المشاهدين وتهلل الصغار والكبار بمكافأة الأخيار ومعاقبة الأشرار، بعد سبعمئة ساعة قضوها يقضمون أصابعهم غمّا على مصير الأسرتين.
-
محمد أنديشأسجل بصوتي كتبا مسموعة.