31

لمن الشكوى؟!

قبل تفشّي فيروس كورونا جاءني زميلي أحمد العامري وقال:

ابنة أبي خالد توفّيت في حادث سير، فلنذهب لتعزيته.

كان المأتم في قرية السرحانيّة، وبدأ أبو خالد رغم حزنه العميق يقصّ علينا تفاصيل الحادث:

انقلبت السيّارة، أنا سلمت، وهي توفّيت، وعندما حضرت الشرطة والإسعاف، أخذ الشرطي حقيبتها وفتحها أمامي وقال:

هذه محتويات حقيبة ابنتك:

جوّال، سبع مئة دولار، وبعض الأشياء التي تخصّ النساء.

ثمّ قال: تعال بعد العزاء إلى مركزنا لتستلمها.

رحتُ لهم أمس برفقة زوجها لنستردّ الحقيبة وما فيها.

لكنّ الشرطي ناولني الحقيبة وليس فيها الجوّال ولا المال!

وعندما نبّهته وطالبته، نكرها وقال: لم يكن فيها سوى هذه الأشياء.

وعبثا حاولت أن أذكّره بما قال لي وقت الحادث، وأنّه أراني محتويات الحقيبة.

كان الرجل مصرّا على الإنكار والسرقة!

ثمّ قلت له مهدّدا: سأرفع ضدّك قضيّة.

لكنّه ردّ بهدوء: ليست لديك أيّة دلائل.

وكان الذين اجتمعوا حولنا وقت الحادث شهودا، لكنّي لا أعرفهم!

ويظلّ الإنسان حائرا لمن يلجأ، والشرطي هو الخصم وهو الحكم؟!

(شكرا لأنّكم لا تعلنون أرقام هواتفكم إلّا بلغتكم العربيّة، هذا الالتزام جدير بالثناء والإطراء.)

18-4-2021

32

جاري باع بيته الرحب

جاري باع بيته على مقاول، مساحة بيته تفوق الثلاث مئة متر مربع، باعه ليس مقابل استلام مبلغ من المال، بل ليبنيه المقاول عمارة تصل إلى سبع طوابق فيها ثمان عشرة شقّة في كلّ طابق ثلاث شقق، واحدة مساحتها مئة وخمسون مترا مربعا، واثنان مساحة كلّ منهما خمسة وسبعون مترا مربعا.

وطابق لموقف السيّارات وهو الطابق السفلي.

وستكون حصّة جارنا شقة كبيرة مقابل أرضه في الطابق الذي هو يختاره.

يقول جارنا وقد تزوّجت جميع بناته وبقي هو وزوجته وحيدين، يقول إنّه يفضّل أن يبقى في بيته الرحب لولا خطر اللصوص!

اللصوص الذين قد يقتحمون بيتك في النهار أيضا!

وذلك بسبب تفشّي البطالة الممنهجة وتهاون المخافر والمحاكم مع هذه الظاهرة التي بدأت تنتشر يوما بعد يوم!

ولهذا أضحت العوائل تفضّل الشقق على البيوت المستقلّة لتوفير الأمن فيها.

في معظم محافظاتنا العربيّة يعاني أبناؤنا من البطالة والفقر ويشكون إقصاءهم من التوظيف والعمل في الشركات والدوائر الحكوميّة واستقطاب المهاجرين مكانهم.

هذا يعني أنّ أبناء البلد لا يستطيعون شراء الشقق في العمارات التي أمست تتكاثر بشدّة!

من الذي سوف يشتريها؟!

سوف يشتريها المهاجر الذي سرق فرصة العمل من أبناء البلد، وهكذا سوف يتمّ تهميش أبنائنا وتتحقّق غايات بعض المغرضين في تغيير التركيبة السكانيّة والديموغرافيّة.

(شكرا للذين إذا خاطبوا أحدا لا يعرفونه، لا يخاطبونه بلغة الحكومة، بل خاطبوه بلغتهم العربيّة؛ ربّما مخاطَبك عربي، فلماذا تنحدر معه بلغة أجنبيّة؟!)

21-4-2021

33

ما الغاية من ذكرى الحرب؟!

قد نتمشّى عصرا نحو ثيّل الجادّة التي تقع حزاما للمحمّرة، والذي يسمّونه حديقة التجارة!

والحقيقة أنّه ليس فيه ما نستطيع أن نجد بينه وبين الحديقة أيّة علاقة، ثمّ ما وجه تسميته بالتجارة ومعظم أهل المحمّرة يعيشون تحت خطّ الفقر؟!

هو مجرّد ثيّل تحفّه أشجار المورد من ناحية الجادّة لا أكثر، وتجول فيه الكلاب السائبة ليلا؛ أو قد يأوي إليه مدمنو المخدّرات.

وما يلفت النظر في هذه الجادّة التي تمتدّ من حيّ العبّارة إلى محطّة البنزين، هي صور الجنود الذين قُتلوا في الحرب الإيرانيّة العراقيّة، صور ملوّنة تمتدّ وامتداد الجادّة، كلّ صورة نُصبت على عمودينِ حديديين مقاسها متر في مترين تقريبا.

صور تذكّرك بأيام الحرب السوداء.

ترى في الصور أسماء غريبة وملامح غير مألوفة!

ولا أدري ما الغاية من أن نتذكّر الحرب التي لم نرَ منها إلّا الويلات!

حرب مدمّرة استمرّت ثماني سنين، هجّرتنا من ديارنا، هدّمت بيوتنا، قتلت أبناءنا...

فما الجدوى من ذكرها؟!

والجدير بالذكر أنّ مدينة المحمّرة لا توجد فيها مدينة ألعاب لأطفالنا، ولا حتّى واحدة.

هذه المدينة العريقة ذات التاريخ المشرق دمّرتها يد العبث تدميرا!

لم يبقَ منها سوى اسمها الذي تصرّ يد العبث أن تزيله من الأذهان، وتطلق عليها اسما غريبا ذا حروف متنافرة، اسما ثقيلا على اللسان، يتعسّر علينا نطقه! غافلة من أن اسم المحمّرة قد تمّ نقشه على حجر ذاكرة هذا الشعب. وأنّه سوف يبقى يتلألأ نارا على علم.

(شكرا للسيدات اللاتي يسعين بكلّ جهد أن يتعلمن العربيّة في مجموعتنا الواتسابيّة، وأن يكنّ لاحقا مدارس عربيّة يتربّى فيها جيلنا الواعد، وشكرا للسادة الذين يدعمونهنّ لتحقيق هذا الأمر الثقافي، بل إنّما هو أمر حياتي لمجتمعنا الأهوازي.)

25-4-2021

سعيد مقدم أبو شروق

الأهواز