قبل ما اشوفه لمرة وحيدة ومتكررتش , كنت بحاول اكون صورة عنه مناسبة للشخصية اللي سمعت

عنها كتير ......بس مكنتش عارف اركب الصورة علي الشخصية لحد ما اتقابلنا صدفة.

كل حاجة في هيئته كانت بتقول انه منعزل بقاله سنين عن العالم , وده اللي مكنتش مقتنع بيه لحد ما شوفت بنفسي..... شاب طويل ونحيل لدرجة الضعف , لابس بنطلون قماش وقميص ابيض وجيليه نفس لون

البنطلون , شعر مهتمش بطوله وفضل يسرحه ويفرقه من الجنب كتأدية واجب وبس.

كان بيتقدم ناحيتي بخطوات بطيئة جدا , وكأنه خايف يدخل لعالمه الخاص ناس تانية غير اللي يعرفهم.

بكلمات مش مفهومة سلم عليا بسرعة وسرح تاني في دنيته لحد ما انتهي الموقف ومشي ......

عرفت يومها احساس انك تبقي عايش وخلاص , مش مهم شكلك ولا كلامك ولا انك تتعامل مع بشر مستقبلوش وصولك يوم ميلادك ...... فمبقتش مهتم انك تعرفهم او حتي بترتاح للتواجد معاهم لدقايق.

العزلة والانطوائية الشديدة بدأت معاه من اول لحظة ابتدي فيها يستوعب حواديت امه عن الظلم والقهر اللي اتعرضتله من ابوه واخوات ابوه, خوفها الشديد عليه ونقلها احساسها بالظلم ليه خلاه يكره الناس كلها

ويكره وجوده في الدنيا لانه ثمرة جوازة غير متكافئة بين ام شاف فيها كل معاني الطيبة والحنية , واب

بيتبري منه من اول لحظة جه فيها للدنيا ورفض يكون له الاب اللي بيتمناه اي ولد في سنه , وموفرش اي مجهود عشان يحسسه قد هو غلطته الوحيدة في الدنيا دي ويفضل عليه اخواته الاصغر منه واللي جابهم من مراته التانية ....... كل الظروف دي شكلت طبع وصفات شخصيته اللي كنت باسمع عنها من امه كل يوم تقريبا , ورغم اني مشفق عليها وزعلان من الظلم اللي اتعرضتله في حياتها من جوزها واهله قبل ما

يطلقها ويرميها هي وابنها قبل ما يكمل سنة من عمره , الا اني بيني وبين نفسي مقدرتش محملهاش جزء

كبير من اللي حصل للشاب ده , لانها للاسف ربته علي الخوف من اي حاجة غريبة والحذر اللي ممكن

يتقلب جبن في بعض الاحيان , وده خلاه قليل الاختلاط والتجارب لدرجة العزلة عن العالم .....

سلبيتها واحساسها بالاضطهاد دايما اتنقلوله بالتبعية مش بس من ناحيه ابوه لكن ناحية اي حد بيحاول يخرجه برا القوقعة اللي عايش فيها .

اكتر حاجة كانت بتستفزني في حكايته رفضه لاي شغل يجيله واختراع اي اسباب لده , بس مع الوقت

اكتشفت السبب الحقيقي اللي مخليه يستحمل شغله مع جده في القهوة رغم الفرص اللي بتجيله عشان يسيب

المكان ده ..... السبب الحقيقي انه شايف نفسه اقل من الناس كلها وعنده عقدة ذنب انه جه الحياة اصلا ,

فقرر انه يهين نفسه ويعاقبها بانه يدفنها وسط دخان واصوات لعبة الطاولة والدومينو في القهوة ,

ويستحمل عصبية جده وقلة ادب الزباين وعدم تقديرهم ليه , قصاد كام جنيه يصرفهم قبل ما يروح علي

اقصي طموحاته وهو مروح .... كرواسون وباتيه طازة من فرن قريب عشان العشا .

اسلام يوسف

18/4/2014