عِفة الجسم وعِفة الفكر ..؟!
بدايةً أرجو ألا يٌفهم من حديثي أن هذه دعوة للٌعٌريّ أو انتقاد الاحتشمام بشتى صوره وإنما المٌراد هو انتقاد فكرة التركيز على القشور دون الأكثر أهمية منها وهو الإيمان بما نقوم به فلا شك أن الاحتشام دلالة على التحضّر والرٌقي بعكس العٌري الذي لا أحد يختلف على كونه تخلّف أوقع بالإنسان بمساوىء لا تٌعد ! على كل حال سنبدأ الآن بالهدف المرجو من هذه المقالة
نشر في 03 أكتوبر 2017 وآخر تعديل بتاريخ 30 شتنبر 2022 .
لا يخفى عليكَ كقارىء أنَنَّا تربيّنا في مجتمعات تحرص كثيراً على عفاف الجسم منذٌّ الطفولة ونحن نتعلم داخل أٌسرنا وفي مدارسنا بل حتى في الأماكن العامة أنَّ عفة مظاهرنا أمر جداً مهم وإن كٌنّا غير مقتنعين بِه لكننا مٌجبرين على ممارسته !
فكم من مٌلتحٍ أطلق لحيته وهو غير معتقدٌّ بها فقط لأنها منظر مٌغرّي للعامةٍ من حوله، تٌكسبه ذكراً حسناً وعلاقات جيدة ربما يكسب من ورائها شهرة ومال وزوجاتٍ حِسان !
وكم من فتاةٍ غطّت جسدها ووجهها على غير قناعةٍ بِذلك فقط لأنها تربّت في محيط يرى أنَّ من تتشكل بتلك الهيئة هي امرأةٌ عزيزة تستحق الإحترام والتقدير والعون !
هذا الملتحي وهذه المحتشمة خٌلِقوا في بيئة تهتم كثيراً للقشور وتهمل ما هو أعظم منها !
وبالتالي هم كأفراد مٌجبرين ربما على مواكبة هذا المجتمع وعدم الاصطِدام بِه لأنهم يعلمون أنَّ التمرد على السائد شجاعة تٌكلف الكثير من الأمور منها ماهو هين ومنها ماهو عظيم !
كم فكرة خبيثة ومعتقد باطل ومفهوم غير صحيح تحمله تلك الرؤوس التي لم تتلقى يوماً واحداً أهمية أن تكون صورتك في الخارج هي ما يعكس صورتك في الداخل ؟!
النفاق الإجتماعي الذي تتوارثه الأجيال ويحرص عليه الآباء في تربية أبنائهم يزرع قنابل موقوتة خطِرة، بمجرد تصادمها مع حقيقة الأمور يمكن لها الإنفجار !
هذه المجتمعات التي تٌكرّس مفاهيم مٌعلّبة غير صالحة للإستخدام الآدمي إنما تدفع بأفرادها للجنون والحٌمق، فهم يعيشون ما بين حقيقةٍ مٌغيّبة ووهمٍ حاضر !
إنَّ الذين يحملون أفكاراً ملوثة ومعتقدات باطلة ومفاهيم غير صحيحة إنما يحملون قنابل ذرية خطرها لا يقتصر عليهم فحسب وإنما على عامة من يٌحيط بِهم !
في نهاية الحديث المرض سٌنّة كونية وعِلاجه ممكن ولكن النجاح في التخلص من المرض يٌحتّم علينا بدايةً الإيمان بذلك ومن ثمَّ السعي في التداوي حسب الإمكانات الموجودة
فنجاح التخلص من مرض " النفاق الإجتماعي" يتعلق بأساسين من أساسيات المجتمع وهما: الأسرة والمدرسة فمتى ما اتفقت تلك الجهتين اللتين تحمِلان دوراً عظيماً في تخريج الأفراد للحياة ومواجهتها بشكل صحيح وفكر سليمٍ فحتماً سننجح في التخلص من ذلك الوباء ونٌصبح مجتمعاً طبيعياً يتمتع أفراده بالسلام الداخلي
وما أجمل أن تكون مظاهرنا هي عاكس حقيقي لدواخلنا وهذه ليست دعوة للتشكيك بكل المظاهر وإنما نقد عام المراد منه الحذر من أن نقع في أمور لا تٌحمد عٌقباها كأن نفعل أمور نحن لسنا على قناعةً بها وإنما نحن نفعلها مجاراةً لمن حولنا لا شك أننا حينها سنفقد ذواتنا من خلال التماهي مع الآخرين دون شخصيتنا المستقلة التي تظهر من خلال معتقداتنا وأفكارنا وآرائنا وخياراتنا التي نٌقدم عليها برغبةً وإقتناع وإيمان !
-
asmaمواليد ٢١-٥-١٩٩١ بكالوريس رياضيات
التعليقات
"عفة الجسد أم عفة الفكر" لماذا لا يكون (عفة الجسد وعفة الفكر)؟
هما متلازمان، وليسا بمنفصلان، لا إن وجد أحدهما أغنى عن الآخر، فمتى ما عف الفكر، عف الجسد .
أنا أحاول أن أغض الطرف من ناحية التدقيق اللغوي أحيانًا، بيد أنه أمثال هذا الموضوع والذي ليس بداخل في إطار أدبي بحت، متعلق بشعائر كريمة، ومبادئ مجتمع محدد، يلزمنا جميعًا أن نتحرى الدقة فيه .
وأعلم أن قصدك مبادئ المجتمع والتي هي في نظرك يسترون أجسامهم ولكن بدون قناعة، ولكن سؤالك هذا كأنك تشيرين به إلى عفاف الفكر وحده، فكأنما هو الأهم! ولهذا أقول المفترض قول (عفة الجسد وعفة الفكر)، وأما المجتمع، فأنا كذلك نشأت في السعودية، والحمدلله في بيئة دينية، ولا أرى التشدد الذي تقصدينه، سواء في بيئتي الخاصة أم بشكل عام في مجتمعي وحين اختلاطي في دراستي وغيرها مع غيري ...
كما قلت لا أريد التدقيق، لكن حديثي المطول نوعًا ما عن العنوان واقتراح تعديله يلزمني التحدث حول نقطة يسيرة، فالمفترض قول (عفة الجسم) بدلًا من "عفة الجسد"، قال تعالى (وألقينا على كرسيه جسدًا) فدل على أنه مَيْت، فالجسد صفةُ للجماد، والمَيْت .
أما الجسم، {وإذا رأيتهم تعجبك اجسامهم وإن يقولوا تسمع لقولهم كأنهم خُشُبٌ مُّسَنَّدةٌ}، فهو كما يتضح من الآية صفة للأحياء .
وبالنسبة للعفة، والتي تدل على مدى تدين المرأة من هذه الجهة، وكذا اللحية للرجل، عندما يتكلم عنهما بهذا الشكل، وأنا أصف لك شعوري كقارئة حقيقةً، كلامك يُهوّن أمرهما في نفسي! لكن ينزاح هذا الشعور بسرعة بسبب منة الله علينا بالوعي .
ياحبيبتي، كثرت الدعوات إلى جعل الشاذ أصل، والأصل شاذ، فمعلوم بأن ليس كل ملتحي قَبله الله، وليس كل مستترة كذلك، أعني معلوم لدرجة أنه لا داعي للتكلم عنه، والدليل المباشر أني أحدثك من بيئة دينية وأقول لك هذا الكلام، فكثرة التكلم عنه يجعل الذهن يتصور تلك المرأة ذات السفور والتبرج صوّامةً قوامة! بينما تلك المحجبة الساترة منافقة ضعيفة الإيمان! فلا شك أنه مدعاةُ لفتح الباب الأسود، باب سوء الظن بإنسان ظاهره العدالة
وبالمناسبة هذا يذكرني بمذهب المرجئة، الذين يعتقدون أن الإيمان في القلب، فهو لديهم اعتقاد وقول .. بلا عمل .
وبالنسبة للقناعة، الإنسان يستحي أن يتلفظ بها عند شعائر الدين، التي نستمدها وبوضوح من النصوص، أمثال الحجاب ونحو ذلك، نفتح المصحف، نقرأ الحديث ونراه كالشمس في وضوحه دون الحاجة إلى من يوضحه لنا، وكذا لماذا نحن مسلمين؟ أوليس لأننا سلمنا أمرنا لله متبعينه سواءً علمنا الحكمة أم لم نعلمها؟ فكيف إن كان هذا الأمر كذلك حكمة ظاهرة نلتمسها وتؤثر فينا !
أعني أنه يوجد أمور قد تدخل فيها القناعة، لكن أمثال هذه قضية أغلق ملفها .
بالتوفيق عزيزتي .