إن الغاية من الفن بجميع أجناسه تكمن في تكريس الجمالية،وتحويل الساقط والردئ من قضايا الواقع إلى إبداع تخيلي خصب،وصور فنية متناغمة،توحي بعمق رؤية المبدع الفنان،وموهبته المتقدة الكفيلة بصنع الجمال ،وإضفاء ملامح الإثارة ،والجذب على مختلف المواضيع التي يتطرق إليها،فيبتعد بقريحته الفنية عن الابتذال والبشاعة،والاجترار الذي يكتفي بالنسخ المتهاون المطابق مطابقة آلية للواقع المعيش.
والفن الحقيقي سواء كان شعراً أم موسيقى أم إبداعاً سنيمائياً من المفروض أن يراعي طابع الجمالية في المبنى والمضمون ،ويحافظ على الذوق الإنساني الرفيع،وعلى القيم الفنية المتعارف عليها،كما أن الفنان الأصيل لا ينزع إلى الإسفاف والهابط من الصيغ اللفظية،ولا إلى المشاهد الإباحية المحرجة التي يميل بعض الفنانين أو مدعو الفن إليها،باسم الحداثة والانعتاق من قيود الرجعية والسلطوية،وبحجة الحرية الإبداعية.
صحيح أن الفن يعيش ويتغذى بفضل التحدي،واتخاذ أسلوب المغامرة،وتكسير الحواجز وتجاوز الحدود الضيقة نحو الفضاء الفسيح الحر،والإبداع المتجدد السائر صعداً في مدارج التغيير الايجابي،لكن كل هذا الانفتاح والتحرر،لا يسمح للعمل الفني بأن يشوه ملكة الجمالية لدى الإنسان،ويضرب عرض الحائط بالمثل العليا ومكارم الأخلاق،والنظرة الإنسانية الخيرة،ويكون فوق هذا وذاك ضد الفن ذاته وضد الجمالية الفكرية والسلوكية...