الكيان الصهيوني تتضاخم جرائمه يومًا بعد يوم، بل ساعة بعد ساعة، ودقيقة بعد دقيقة، وتضاعفت سرعة تضاخمها بعد ما قام به تنظيم "حماس"، وهذا من المتوقع، وعلى كل حال، لا يفرق كثيرًا، ففي كلتا الحالتين يتعدى الكيان الصهيوني على أصحاب الأرض والحق، لكن الأمر بات مفجعًا مفزعًا، المشاهد المرئية، مهما كانت متوقعة، تؤلم الأفئدة، مدنيون، أطفال ونساء ورجال وشيوخ، أحياء والشهداء -الأحياء كذلك-، محروقة أجسادهم ونفوسهم، ولا تزال ضحكة أمل الحرية والنصر والبسالة تحاول التشبث بمكانها في وِجادهم، ورغم كل هذا، توهم الحكومات الغربية وإعلامها شعوبها بالعكس، فتجعل القتلة ملائكة مخفية دماء المدنيين الفلسطينيين عليها بطلاء أبيض، وتمزج الآلام الفلسطينية باللون الأحمر القاتم حتى لا تظهر، وللأسف، أغلب المواطنين الغربيين لم يحاولوا غسل الطلاء ومسحه، رغم عدم ثباته على حوائط الطرفين...

بحسب القانون الدولي، لا يحق للمحتل قتل أو تعذيب أي من المدنيين، أو أي مساعد لهم، ودعوني هنا أسأل، أيتها الحكومات الغربية، أيها الإعلام الغربي، أيها المواطن الغربي المختوم على عينيه بالعمى، وعلى أذنيه بالصمم، وعلى عقله بالتشدد لما تقوله حكومته وإعلامه، كأنهما قد أخذا دور الكنيسة، في عصور مضت، في التحكم بالعقول، هل ما يفعله الكيان الصهيوني يتواءم مع القانون الدولي؟ لا احتاج، ولا تحتاجون، لإجابة، فقطعًا لا، أين إذًا منظمات حقوق الإنسان والأمم المتحدة التي تزعق النهار والليل؟؟ أين تنفيذ قواعد القانون الدولي؟؟

دعونا من هذا، ولانتقل بكم لنقطة أخرى -فكما يعلن الكيان الصهيوني، أنه يفعل هذا فقط للقضاء على أعضاء تنظيم "حماس"، وهي حجة ساذجة، يدرك حقيقتها كل مَن له عين مبصرة-، وهي قصف المستشفيات الفلسطينية وتهديدها، بل أمر بعضها بالإخلاء، وهو ما يناقض العقل، كيف يمكن إخلاء المستشفيات من المصابين والجرحى والمرضى؟!! إلى أين سيذهبون؟!! كيف سيعالجون وتطبب جروحهم التي تسبب بها الكيان في اعتداءاته غير الشرعية ولا الإنسانية؟!! والغرب على ذلك أخرس، حسنًا، لنلقي نظرة على قانونكم الدولي ماذا يقول في هذا، وأنتم عنه متناسون متساهون، بحسب اتفاقية جنيف، الباب الثاني: (المرضى والجرحى والمنكوبون في البحار)، القسم الأول: (الحماية العامة)، المادة الثانية عشرة: (حماية الوحدات الطبية)، "يجب في كل وقت عدم انتهاك الوحدات الطبية وحمايتها وألا تكون هدفاً لأي هجوم."!! لمَ لم تنفذ هذه المادة؟!! بل تم انتهاكها وأنتم تصفقون!! افيقي أيتها الشعوب الغربية، إعلامكم مضلل كاذب، حكوماتكم تدعي الحرية والإنسانية، وهي بعيدة عنها كل البعد، لا يسمحون لصوتنا بالوصول، ولا لكلماتنا بالانتشار، حمقاء!! لا يعلمون أن الأصوات والكلمات لا يمكن حصارها...

حاولت في مقالي هذا توضيح الجرائم، ليست فقط جرائم الكيان الصهيوني، بل كذلك جرائم الحكومات الغربية وإعلامها وكل مواطن يسير خلفها مُحرقًا كل حبل يوصله بالعقل، أقوم لأوضح حقيقة الأمر، ما يروم له الكيان الصهيوني حقًّا هو استغلال ما حدث لتصفية القضية الفلسطينية، بإبادة الفلسطينيين، وطبعًا بعد ما أقدمت العديد من الحكومات العربية من تطبيع غير بارد، فيما سبق من سنوات، سييسر الأمر لهم، لكنهم لا يدركون أن الشعوب العربية ترفض التطبيع، وأن تصفية القضية مُحال مُحال مُحال، فأيتها الحكومات العربية، وأيها الحكام العرب، أقدر ما فعلتموه في هذه الفترة، لكنه ليس كافيًا، بل هو قليل، عليكم الصياح أكثر بكل قوة ضد هذا الانتهاك الجاري للقوانين الدولية، وكذلك لكل دعوات الأديان، وللإنسانية، عليكم الالتحام أكثر بما يجري، عليكم رفض التطبيع والتراجع عنه، هو جزء لا يتجزأ من المحاولات الصهيونية لتصفية القضية الفلسطينية، وإخواني الفلسطينيين، ضحكتكم ستخلد، قسمًا بكل قطرة دم سالت، ستخلد، وكل الحروق على أجسادكم، وفي نفوسكم، ستغدو نورًا للحرية...