بينما أتجول ماشيا على قدم وساق أعجبني منظر اصطفاف هذه البيوت المتناسقة فذكرني تلاصقها في الزحام، ولونها الموحد في انتمائنا العربي، والجو الجميل بالطبيعة الأوربية، في حين الهدوء متمثلا في عدم وجود مخلوق غيري أنا والمصور، فإذا أردت السياحة بمعناها الصحيح تجدها خارج عواصم الدول مع التخطيط المسبق، ولولا ارتباطي بالدورة والوظيفة لما ذهبت قاصدا لندن وخصوصا في موسم الصيف، ولكن للضرورة أحكام وإن عشت في الزحام.
ما وددت قوله أني وجدت لندن بغير الحلة التي كانت عليها منذ سنين سببها كثرة الخليجيين والمهاجرين العرب بل حتى أهل لندن إستعاضوا عنها بمدن وأرياف بعيدة عنّا وفرارا منّا، وكم أتطلع أن لا أجد عربيا واحدا في سفراتي شرقا وغربا، ولكن نحن لا نخرج من بياتنا الشتوي إلا في الصيف مجتمعين في مناطق معروفة، ومتجهين إلى عواصم دول لم تعد تتسع لنا كمسافرين، فمن المتوقع في القريب العاجل أن يقال لنا: "عفوا البلد ممتلئ"، فهل هو ممتلئ حقّا أم دخولنا غير مسموح به نظرا لما تم اقترافه من أفعال لا يرتضيها الضيف لضيفه فَعمَّتْ على الجميع بالمنع، فأنا لا أدعو لتجاهل العواصم وثقافاتها بل تكرار زيارتها هو المرفوض.
في الواقع نحن نتبنى مفاهيم خاطئة من خلال سياحتنا في كل إجازة صيفية منها سياحة للتسوق أو سياحة لأجل تغيير الجو وكسر الروتين أو سياحة على حسب الطلب كالطيور المهاجرة أو سياحة لمجرد السفر يصحبها الجهل عن الدول السياحية، وآخر ما سمعت وشاهدت سياحة برفقة سيارة فاخرة حيث يقوم المسافر بشحنها واستقبالها هناك بلهفة عند اللقاء وشوق كاشتياق الحبيب لمحبوبه !! .. فمن الطبيعي أن تجد مقابل ذلك غلاء الأسعار، والكتف بالكتف، وقلة الأمن، وسوء المعاملة، أما العجيب في الأمر نفور العرب من بعضهم عند تواجدهم أو مصادفتهم في المكان ذاته !! بل قد يتنكر الأخ لأخيه والجار لجيرانه ومعارفه.
بطبيعة الحال إن كان لا بد من الزيارة لعواصم الدول فاجعلها محطتك الأخيرة وتجنب إن أمكن الإجازات الموسمية.
-
FAISAL ALMULLAمهتم في الاقتصاد ومحب للتفكير الناقد والإدارة