أتذكر حين أكون في عمل شئ ما و شخص ما لاأدري لماذا أتذكره الآن وأنا مشغول بشئ منفصل تماما ولا يوجد أي ربط بين ما أفعله وهذا الشخص فأطرح على نفسي سؤال لماذا الآن بالذات ؟ بحثت عن الأسباب الأقرب للواقع المادي الملموس وأمسح المكان بعيني فلا أجد شئ على الإطلاق يمت بصلة لهذا الزائر في خاطري لم أكتفي بالتسليم أو بأن الموضوع مجرد صدفة -فمثلي لا يؤمن بالصدفة إطلاقاً وإن قيلت في سبيل التبسيط أو لغلق باب لا أعلم إلى أي شئ سينتهي الخوض فيه-وبالفعل أستكملت البحث بين الكتب والفديوهات وربط المعلومات ببعضها وخرجت بتفسير أقنعني وإن كان غير قابل للقياس،فكان تفسيري بأن هذا الشخص قد كان يفكر في حتى أستيقظت بعض مشاعره نحوي وبذلك وصلني سيرته محملة بمشاعر تربطني به .

حضور الشعور 

إننا أحياناً نقرأ رواية أو نص ونحن في صفاء ذهني لا نفكر سوى في ذلك النص نجد شعور ما يجتاحنا برغم إن النظرة المنطقية تدعي أن هذة مجرد كلمات مكتوبة بحبر على ورق ليس أكثر فمن أين يأتينا ذاك الشعور بالتحديد ؟ولماذا البعض الآخر لم يشعر مثلنا حين قرأ نفس النص ؟ 

التفسير:-

الكاتب حين بدء في كتابة هذا النص كان يجتاحه شعور فكانت الكلمات ليست سوى إناء لشعوره هذا وقد نسميها روح النص فحين أنتقل ذاك الشعور مع الكلمات وقرئها القارئ صافي الذهن تأثر بها كما كان حال الكاتب وقتها وهذا يؤكده ما يفعله بعض الكتاب من طقوس وقت الكتابة فمنهم أحيانا يذهب للأماكن الذي يذكرها في روايته إذا أمكنه ذلك والآخر يتخيل حال أبطال روايته وكأن الأبطال ويستحضر شعورهم في الظروف التي أحاطها بهم وغيرهم من مشاهير الكتاب الذين يتفاعلون بشدة مع ما يكتبون حتى تكتب كل كلمة وهي محملة بمشاعر صادقة فتؤثر فالقارئ ولو بحثت عزيزي القارئ عن هؤلاء الكتاب ستجدهم من أشهر الروائيين في كل عصر .

أما عن الشق الآخر من السؤال ولماذا يقرأ البعض ولا يصل له ذلك الشعور؟ وهنا يوجد أكثر من إجابة محتملة فإما هو يقرأ بقصد النقد فيكون شغله الشاغل هو تحديد نقاط التي سقط فيها الكاتب وغيرها  مما يبحث عنه الناقدون، أو يكون مشغول الفكر فلم يتأثر بالنص، أو يكون غرضة الكم فيقرأ بغرض الإنتهاء من النص لدخول في غيره، لذلك يتبين لنا القصد من وراء قول الله تعالى "وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا لعلكم ترحمون" فلن يبلغ تأثير القرآن في القلب إلا بشرطين الإستماع والإنصات.

التطبيق العملي

هناك العديد من الأفعال الذي إذا قمت بها وأنت تشعر بشعور البهجة والحب والسعادة ستلاحظ تأثيرها فورياً 
ألم تسمع يوما مقولة"إن هذة المرأة لها نفس في الطبخ " وإن راقبتها أثناء قيامها بالطبخ لم تجد إنها تفعل شئ غريب بل تجدها تضع نفس المكونات وتسير على نفس الطريقة وتجد أخرى تفعل مثلها تماما ولكن تجد إن طعام الأولى له مذاق مختلف عن الأخيرة والسر يكمن في شعورها حين تحضر الطعام .

قم مثلا بمكالمة شخص واستحضر اثناء حديثك معه شعور بالسعادة ولاحظ الفرق في نبرة صوته أو قم بتسجيل صوتك وأنت في حاله من الخمول والشعور بالإرهاق والتعب وفي يوم اخر وأنت في غاية النشاط أستمع لذلك الشعور ستجد أن نشاطك قل وحماستك قلت بل وقد تشعر إنك في حاجة إلى النوم. 

تطبيق أخر أستمع لصوت طفل يضحك وأنت مكتئب وكرر الإستماع أكثر من مرة وستجد نفسك تبتسم أو تضحك رغم أنفك. 

ومن هنا يتضح لنا الكثير من الأقوال وفهم الغرض من الكثير من النصائح مثل لا تجلس مع أشخاص سلبيين، والعديد من الأقوال والمواعظ الكثيرة التي يصعب حسرها هنا. 

ولذلك تجد العاشقين لا يتحدثون كثيرا بل فقط ينظرون لبعض أو حتى إن كانت محادثة كتابية أو كلامية سيصل الشعور إلا إذا كان أحدهم مشغول بفعل أمور أخرى أثناء حديثهم فيحذر لأن هذا الإهمال في عدم الإنصات الكامل للأخر سيأتي بنتائج سلبية .

الخلاصة الشعور الذي يحضرك أثناء فعلك لشئ هو ما سينتقل للأخرين شئت أم أبيت 

لذلك   

أقول لك وبكل يقين صدق شعورك وإن كذبته الأفعال، لكن تعامل مع الظاهر كما هو وكن على حذر .