طرح هذا السؤال الفلسفي المثيرة للجدل بقدر ما يبدوا غير مهم في خمسينيات القرن الماضي؛ وقد احتل أهمية في تاريخ دراسة "الوعي" ولتحدي مذهب المادية، وللتوصل في ذات الوقت لما قد نظن أن "الوعي " يعنيه حقا. ما يقصد توماس هنا هوما يعرف "بالذاتية" ،فإذا كان هناك مظهر معين وحال واضح المعالم إذا ما أصبحت خفاشا حقا ؛ فهو الحال الذي يعتقد أن الخفاش يشعر به حقا؛ وإذا ما اعتقدت أن الخفاش يشعر بشي ما حيال ما يصادفه في يومه ذاك فأنت وبشكل مباشر تعتبر الخفاش كائنا واع؛ وإذا أقررت أنك إن أصبحت خفاشا فإنك لن يكون حولك وداخلك أي حال معين فإنك تعتبر الخفاش كائن غير واع.

الأمر يختلف إذا فكرت بأنك ورقة أو دراجة أو ميكرويف، لأنك وان سألت نفسك الان:"كيف يكون حالي لو كنت إناءً؛فإنك وبقدر عال من الترجيح ستعتقد بأنه لا يوجد أي حال تكون عليه إذا ما كنت كوبا أو ورقة او قماشا معلقة في خزانة شخص ما.وبهذه الطريقة لن تختلف مع أحد في قولك أن الأقمشة والأواني والخلي والأكواب ليست بواعية.

لنعد مرة اخرى إلى الكائنات الخية التي تتخذ مسارا مشابها للمسار الذي يتبعه الانسان في طيلة حياته؛حتى ولو كانت حياته لم تتجاوز الأسبوعين؛ على سبيل المثال لنأخذ الخفافيش والبيكتيريا والبعوض والشجرة الصنوبر،جميعها كائنات حية تنمو وتتكاثر ولا نعلم كيف يكون الحال لو كنا إحداها؛ فهنا يصعب القول وقد تختلف في كثير من الأحيان في القول أن البعوض واع  أو غير واع بما يجري حوله،فإذا تبادر إلى ذهنك حال معين سيكون نفسه حالك لو كنت دودة فأنت تقِّر مجددا أن الدودة واعية؛ والوعي مرتبط هنا بطبيعة العالم من حولك؛ فلو عدنا للكائنات الذي أخذت كمثال نجد أنها تختلف تماما عن أساليب عيشنا؛ فالذباب مثلا يعيش لفترات زمنية قصير جدا ،بينما تعمر شجرة الصنوبر لفترات طويلة جدا، أما مثال توماس 'الخفاش' فهي أيضا مختلفة عنا تماما؛ إذ تقضي معظم وقتها في الظلام و تستوطن الكهوف الرطبة ونظام رؤيتها "نظام سونار" يعمل كبديل للبصر لديها للتأقلم مع العالم حولها في عملية مقعدة لحد ما.

ربما تتخيل نفسك  الأن فعليا بأنك خفاش أو زهرة صبار على الأرجح؛ لذا توقف فلا فائدة من تخيل نفسك كائنا حيا غير كونك إنسانا؛ فالخفاش الذي بوسعه الكلام والمثقف والناطق أيضا لن يكون أبدا خفاشا طبيعيا،ولا حتى زهرة الصبار التي تتطلع وتتثقف وتتطور لن تكون إطلاقا زهرةً طبيعية؛ فمن المرجح والبديهي أنك لو كنت خفاشا طبيعيا أو زهرة فلن يكون بمقدورك التفكير والكلام ومعرفة طبيعة ما حولك،وعليه لن تستطيع الإجابة عن سؤالك"فيما ما إذا كنت خفاشا  كيف يكون الحال؟".

هذا ما يعرف بالمشكلة الصعبة؛ التي  أشار'ناجيل' أننا لن نتوصل لمعرفتها أبدا،وخلص إلى أن هذه المشكلة ليس لها حل؛ خصوصا واننا نحن البشر لا ضوء في نهاية النفق يشير إلى أننا قد أوشكنا على حل المشكلة؛ بل أننا منغلقون من ناحية معرفة ما قد يتعلق به الوعي ،بمعنى آخر لا أمل لدينا حسب "كولين ماكحين" في فهم الوعي تماما مثلما أنه لاأمل في أن يقرأ أحد الكلاب الجريدة التي يحملها فرِحا في طريق عودته من المتجر.

تبقى مشكلة الوعي الأصعب لحد الآن ومعضلة للطب وعلم النفس وعلوم الأعصاب والفيزياء ،وقد يستوجب الأمر جميع كل ما تتطرق إليه كل العلوم  مجتمعة علنا نصل إلى خيط رفيع يقودنا إلى مفتاح اللغز الأكبر بالنسبة لنا.