علاقة الإمبراطور تيبيريوس مع ابن أخيه جرمانيكوس - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

علاقة الإمبراطور تيبيريوس مع ابن أخيه جرمانيكوس

جر مان كس

  نشر في 30 يوليوز 2023 .

كان جرمانيكوس من المقربين للإمبراطور تيبيريوس ، فقد كان لتيبيريوس ولدان ، احدهما ابنه دروسوس الاصغر ، اما الثاني فكان ابنه بالتبني هو جرمانيكوس ابن اخت اوغسطس( ) ، بعد موت ابيه عام ( 9م) تبناه عمه في عام (4م) تلبية لرغبة الامبراطور اغسطس ، ولما اعتلى تيبيريوس العرش أصبح جرمانيكوس بمثابة ولي للعهد ، وكان جرمانيكوس شاباً ذو شخصية محبوبة من قبل المجتمع الروماني على عكس عمه ، اذ كان رجلاً مسناً سيء الظن بالناس( ).

فضلاً عن ان جرامانيكوس اخذ على عاتقه مهمة اعادة بسط سلطان روما على المناطق الجرمانية على اثر الهزيمة التي منيت بها الفرق الرومانية الثلاث في موقعة تينتوبورغ( Tentobourg) عام (9م) والتي كانت تحت امرة  الجنرال فاروس كما ذكرنا سابقاً ، اذ ابلى جرمانيكوس بلاءً حسناً ، وحقق انتصارات عدة ، كان هذا العمل كافياً لإقامة احتفالات النصر من اجل ذلك عام (7م) ، وكانت لديه الرغبة في ان يواصل عملية السيطرة على هذه المناطق ، في الوقت الذي لم يكن فيه الامبراطور راغباً في هذا الفتح ( )، مما اثار حفيظة الشعب ذا النزعة الاستعمارية ، واذا كان جرامانيكوس حفيد ماركس انطونيوس ،يعني لا يزال هناك من يحلم بإعادة الجمهورية قد اتخذوه رمزاً لهم( ).

انتهز تيبيريوس فرصة نشوب بعض التمردات والثورات في الشرق الادنى فاسند الى جرمانيكوس قيادة الجيش لأخماد فتن القبائل هناك ولتدعيم العلاقات مع بارثيا وأرمينيا( )، عد الكثير من الرومانيين هذا القائد شهيداً لحسد الإمبراطور وسرعان ما منحه الإمبراطور السلطة العظمى (imperium maiur ) التي تخوله حرية التصرف في الولايات الشرقية ( ).

عين الامبراطور في الوقت نفسه تيبيريوس ، كاليورنيوس بيزون (CnPison) حاكماً على بلاد سورية لكي يراقب الأحداث( )، علما ان جرامانيكوس لم يكن وعلى وفاق مع الأخير ، اذ سرعان ما دب خلاف بينها، امر جرمانيكوس بالتوجه الى سورية ، علما انه لم يعترض على عملية التعين الصادرة من قبل الإمبراطور ، وعلى الرغم من ان حاكم سورية الروماني السابق كان صديقاً لجرامانيكوس ، اذ سرعان ما سافر الأخير من سورية متوجهاً الى بلاد مصر دون اذن من الامبراطور ، قيل لمشاهدة اثارها، في الوقت الذي كان فيه دخــــــــــــــــول مصر محظوراً على أي شخص ليس في عهد تيبيريوس فحسب ، بل منذ عـــهد أغسطس ، وقــــــد وافــــــق فــــــــــي زيارته لهذه البلاد تعرضها للمجاعة( ) .

وهناك اسباب عدة لعدم رضا الإمبراطور على جرمانيكوس منها :

1. قيام جرامانيكوس بسك عملة تحمل اسم سورية عند بدأ حملاته في اسيا .

2. دخــــــول مصر دون اخـــــذ موافقة الإمبراطور ، فضلاً عن توزيعه للحنطة على الناس ، وسيره بين الناس دون حراسة وكان مرتدياً زياً يونانياً ، كما قام برحلة عبر نهر النيل ( ).

3. عد تيبيريوس عمل جرمانيكوس في مصر كسراً لقاعدة اركنا (Arcana) احدى قواعد الحكم التي وضعها اغسطس .

4. لم يعترض جرمانيكوس على طلب فرقه المتمردة في منطقة الراين بإعلانه امبراطوراً وينادونه بلقب قيصر ( ).

ويبدو ان جرمانيكوس ادرك انزعاج عمه الامبراطور واستياءه لما حدث في مصر ، اذ وجه اليه لوماً شديداً في مجلس الشيوخ ، على اثر ذلك طلب الإمبراطور طلب منه العودة الى سورية ، وبعد وصوله البلاد ، اصدر الإمبراطور مرسوماً بعزل بيسو حاكم سورية الروماني ، الا ان الأخير لم يستجب للقرار الإمبراطوري ، بل حاول أخذ منصبه بقوة السلاح وخلال تواجد جرمانيكوس في سورية ، واضطراب الأوضاع عقب عزل الحاكم فيها ، تردت حالته الصحية اثر مرض انتابه في مدينة انطاكية توفي على اثرها هناك ( ) . ظن الرومان ان الإمبراطور قد أمر بدس السم له في الطعام ، وقد عد الكثير من الرومانيين هذا القائد شهيداً لحسد الإمبراطور( )

اتهم حاكم سورية المخلوع بتدبير عملية موته ، استدعي على اثرها الى العاصمة الرومانية للدفاع امام مجلس الشيوخ عن ذلك ، فضلاً عن استجوابه حول امتناعه عن اطاعة الأوامر بتخليه عن منصبة كحاكم ( ) .

يبدو ان الأدلة كانت كافية لإدانة بيسو، لا سيما وان اجريبيا زوجة جرمانيكوس كانت متحمسة لاتهام بيسو بمؤامرة قتل زوجها ، ايقن الرجل ان مجلس الشيوخ سيدينه ففضل الانتحار على عملية الاستجواب ، لكي يحتفظ بأملاكه لأسرته عـــــد المجلس ذلك دليلاً علــــى ادانته ، وكان انتحاره مـــــريباً فقد وجـــــد مذبوحاً وكان السيف ملقى بجوار، ولم يفكر الإمبراطور في التحقيق مع سيجانو ( ) بعد ذلك نفي ولده الأكبر لمدة عشر سنوات ، فضلاً عن محاكمة زوجته ومصادرة املاكها ، الا ان تدخل الإمبراطور والسيدة ليفيا والدته ، حال دون تنفيذ قرار المحكمة بحقه ( ).

لم تكشف المحاكمة عن شواهد تدل على ارتكاب تيبيريوس لهذه الجناية او تثبيت براءته منها ، وكل ما عرف هو انه طلب الى مجلس الشيوخ ان يحاكم بيسو محاكمة عادلة ، وان انطونيا ام جرمانيكوس ظلت الى آخر ايام حياتها اخلص اصدقاء تيبيريوس ، وقـــــد عانى تيبيريوس مـــــن موت جرمانيكوس ابن اخيه ، والذي اشتبه فيه خطأ بأنه حاول سمه وقتله ، مما جعل تيبيريوس مكروهاً من قبل المواطنين الرومان ( ) .

حدثت وفاة جرمانيكوس عام ( 19م) ومنذئذ تحول تيبيريوس متخلياً عن دماثته في بداية حكمه ، الى طاغية ، مستبد ، لم يأبه لأحد ، بل زادة شكوكه حتى قيل انه قال : ( ليكرهوني عوض عن ان يحترموني )، اذ اصبح هذا مبدأه الاستبدادي الذي اسند اليه نظاما ارهابياً ، ودعا الجيش في كتائبه بالقرب من روما العاصمة عام ( 23م) ، واصبحوا يهددون السكان المدنيين( ).                                                                                  لذلك "بنى المؤرخون المعاصرون و التالون حكمهم على الأمير الذي قضى ايامه يتمتع باللذائذ و بالانتقام من اعدائه في جزيرة كابري ، فطغت هذه الصورة على شخصه الإداري و الحاكم و المالي و القائد الذي قدم للإمبراطورية خدمات جليلة)().           علماً ان تيبيريوس كان رجلاً صارم ، يرعى الضمير إلى أبعد حد في إدارة شؤون الإمبراطورية ، و في تنفيذ السياسة التي رسمها أوغسطس().


  • 1

   نشر في 30 يوليوز 2023 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم






عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا