تعد المملكة العربية السعودية في مقدمة البلدان العربية التي تبنت القطاع غير الربحي واهتمت بتعزيز دوره، وذلك من خلال تضمينه في رؤية المملكة 2030 وبرامجها الاستراتيجية وقياس مدى التقدم فيه بمستهدفات طموحة وواضحة إيمانا بأهميته وكونه محركاً رئيسياً في مستقبل المملكة القريب على المستوى التنموي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي.

وانطلاقا من تفعيل رؤية المملكة 2030 لأطر وممارسات الحوكمة لكل القطاعات، بدأ الاهتمام بحوكمة القطاع غير الربحي بهدف "تحفيز القطاع على تطبيق معايير الحوكمة الرشيدة،... وتمكين المؤسسات والجمعيات غير الربحية لتطبيق أفضل الممارسات الإدارية" (رؤية المملكة العربية السعودية 2030 ص 68). وتبعا لذلك أطلقت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية قواعد حوكمة الجمعيات والمؤسسات الأهلية، تناولت من خلالها جملة من القواعد والمعايير والنماذج التي تهدف إلى قياس التزام الجمعيات والمؤسسات الأهلية بالأنظمة واللوائح، لتعزيز قيم العدالة والنزاهة والشفافية. وذلك من خلال معايير ثلاثة هي:

معيار السلامة المالية: وهو عبارة عن معياري الأداء المالي ومعيار التنظيم المالي والذي يشمل مجموعة من المؤشرات التي تمكن من تقييم فعالية المنظمة من استخدام المال وكفاءة التعامل معه وقابليته للنمو والاستدامة. وهذا يمثل 40% من درجات التقييم.

معيار الشفافية والإفصاح: حيث يقيس المعيار مدى الاستعداد لنشر المعلومات عن غرض المنظمة وأهدافها الاستراتيجية وأنشطتها المنفذة وتقاريرها الدورية وبياناتها المالية واستعدادها لشرح عملياتها لأصحاب العلاقة والمجتمع. وهذا يمثل 20% من درجات التقييم.

معيار الامتثال والالتزام: يقيس المعيار مستوى امتثال والتزام المنظمة بالأنظمة واللوائح والضوابط السارية والمنظمة لأعمالها. وهذا يمثل 40% من درجات التقييم.

وتكمن أهمية تطبيق وتفعيل حوكمة المنظمات غير الربحية فيما يلي:

• مشاركة المجتمع لأهداف المنظمة وقضيتها الرئيسية التي وجدت من أجل خدمتها لزيادة المؤيدين والمناصرين والمهتمين بها من عموم أفراد المجتمع.

• إتاحة وصول المتطوعين للمنظمة والتعرف عليها وأهم الفرص التطوعية المتوفرة لديها.

• تعزيز ثقة المجتمع بمنظمات القطاع غير الربحي.

• المساهمة في استدامة المنظمة من الناحية القانونية وعدم وقوعها في مخالفات نظامية.

• إتاحة الفرصة لتحقيق مبدأ التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع.

• المساهمة في تحقيق مراتب متقدمة للملكة العربية السعودية في المؤشرات الدولية ذات العلاقة بالمنظمات غير الربحية.

• المساهمة في إيجاد بيئة صحية جاذبة لاستقطاب كفاءات وخبرات مميزة للعمل في المنظمات غير الربحية.

• المحافظة على استمرار أعمال ونشاط الجهة وتمكينها من خدمة مستفيديها بأفضل صورة.

كما يعد حصول المنظمة على درجة حوكمة عالية مصدر اعتزاز لها وأحد جوانب التميز التي تفخر بها وتسعى لإبرازها وتسويقها لعموم أفراد المجتمع، وذلك مما يساهم في تعزيز الصورة الذهنية الإيجابية عن المنظمة ويعزز من كونها منظمة منضبطة واحترافية في أعمالها الإدارية والمالية وتسعى جاهدة لتحقيق الغرض والهدف الذي أسست من أجله، مما يساهم في زيادة ثقة المجتمع بها وتبنيه لقضيتها ودفاعه عنها وشعوره بالانتماء لها وأنها جزء أساسي من تكوين المجتمع المحيط بها.

كما أن أهمية الحوكمة زادت ونمت لدى الجمعيات العمومية ومجالس الإدارات والإدارة التنفيذية في المنظمات غير الربحية وذلك بعد ربط المنح وتقديم المساعدات المالية لدى كثير من الجهات الداعمة مثل المنصات الوطنية لجمع التبرعات كمنصة إحسان، أو المؤسسات الأهلية المانحة أو الشركات الكبرى المهتمة بتعزيز دورها الاجتماعي بتحقيق درجة عالية في وثيقة تقرير الحوكمة الصادر من الجهة الإشرافية. كما أنه يعد أحد مصادر وأدوات تقييم الوضع الراهن للبناء المؤسسي للمنظمة والذي يبنى عليه تحديد الفجوات والاحتياجات التطويرية ثم تصميم الحلول المناسبة لتطوير قدرات المنظمة وتقديم التدخلات التي من شأنها تطوير المنظمة ونقلها من محطة إلى أخرى من محطات الاحترافية في العمل وانعكاسه على التميز في خدمة المستفيد بشكل احترافي.