جرائم تتبعها جرائم أفظع، يتلوها تفنن في التنكيل، وصولا لمقام الابادة التي تحظى بالتغطية الإعلامية المكثفة على مسمع ومرأى القنوات الصوتية و المرئية و الخفية. وأنت تتحدث عن كل هذا لا يمكن لعقلك ان يرسم صورة سوريا اليوم، او بالأحرى ما بقي من سوريا، و بأكثر دقة نقول أكبر مختبرعلى الهواء، اين يُنشد فيه جنود العالم برفقة مخابراتهم ما جادت به قرائح علماء مختبرات الأسلحة، على إيقاعات أفلام الرعب وسط صمت عربي مطبق لدرجة تكاد تصنع من المشهد مرادفا فعليا للتواطئ .

هل تتحدثون عن سوريا ؟ هل ذكر أحدكم شيئا عن دمشق وعن شام البركة ؟ هل المقصود تلك الأرض الطاهرة التي نقرأ عنها أنها مهبط المسيح عليه السلام عند المنارة البيضاء و التي دعا لها النبي صلى الله عليه وسلم بالبركة ؟ كذا.... وكذا .....وكذا..... أحيانا يتوجب عليك التغابي وغض الطرف أوعلى الأقل التظاهر بذلك، حتى تتجنب الدخول في صراع مع صناع المناهج التربوية عن سر إدراج دروس طبائع العرب وبطولاتهم وشهامتهم، والتي لا نرى لها أثرا في الواقع. فالعربي هو ذاك الذي يذود عن العرض وان مات كتب شهيدا، هو ذاك الذي يكاتف و يساند و يواسي بني الجلدة ضد من ظلمهم، فالعرب هم الذين حولهم الإسلام من صعاليك الى قادة فاتحين، رسموا الحضارة و أسسوا لأصول الطب و الهندسة و الرياضيات . لماذا كل هذا بسوريا؟ لماذا تتفنن آلة الدمار في تجريب كل شيء هناك دون ان يتحرك أحد؟ لماذا تتحرك جيوش العالم عندما يفيق أصغر طفل باسرائيل مذعورا لأنه رأى كابوسا ؟ في حين أن الأمة العربية المخدوعة بأفلام الغرام و آخر فيديو كليبات العارية فلانة تغط في سبات عميق بين كتب الطبخ وموسوعات تفسير الأحلام .

فالمواجيز الاخبارية تطالعنا يوميا على انعقاد المؤتمرات الساعية لإعادة وحدة سوريا، تلك التي ينام فيها القادة ويفرك البعض منهم أرجله خجلا و تعبيرا عن الفشل، و خوفا ايضا من قادة الغرب المستفيدين من الدم والحزن والأسى، في انتظار التعليمات وهم يمثلون دور الساعي لإيجاد حل للشأن السوري، بعدما اكل عليهم الدهر في رحلة ايجاد التسوية للقضية السورية، بعدها للمسالة السورية الى ان وصلوا الى اتفاق بضرورة ايجاد حل للمشهد السوري.

ان الخذلان العربي لمختلف القضايا العربية جعل الغرب يتكالب على نهش ما بقي من الفريسة السائغة التي تم التقرب بها لحاكم العصر و أزلامه، متسلحين كالعادة بشعاراتهم الرنانة التي تندرج في خانة التعبيرعن مواقف أسطورة القلق بانكي مون، فلا حركتهم المجازر في حق أطفال حلب ودير الزور، ولا آلمتهم صور ملايين المشردين في أصقاع العالم، ولا الحضارة التي تم تدميرها بصورة ممنهجة انتقاما من قادة  واسياد كتبوا رسائل العلم و السلم و القيم للإنسانية. فبالرغم من كل المآسي والأحزان سيوشح التاريخ أهلنا في سوريا والشرفاء العرب أوسمة الاستحقاق، ذلك أن الضعيف فيهم وفي غياب الحيلة لم يبع القضية، و لم يهد التنازل بل طرق أبواب المولى القهار داعيا أن تعود الأمة لرشدها، و تتمسك بأمانة نبيها صلى الله عليه و سلم، وتأخذ بتعاليم كتاب ربها، فصناع استراتيجيات غرف الظلام ماضون في مخططاتهم الماكرة لتحقيق نبوءات الأساقفة والأحبار، و بالمقابل وأمام نساء تشرد وأطفال تغرق و أرض تخرب لم يخجل أبدا بعضهم في تقديم الموسم الجديد للمسلسل و اللحن الجديد لأغنية الوحدة العربية والقصص الوهمية ومفاوضة كبار العراة ليرقصوا لنا طربا.

فلا تحزنوا أهلنا فلنا و لكم الله بعد دعاء الشرفاء الذين يموتون كمدا في اللحظة الواحدة ملايين المرات، من يذرفون الدم ألما وحسرة وحزنا ألا يجدوا ما يفعلون، فالتاريخ سيخط بأنامله أسماء من نصر وانتصر للقضية، تماما كما سيرسم صور أهل المزبلة و صناع الخراب بالتواطئ و بيع الذمم .

محمد بن سنوسي

24-03-2021