نمنا و إستيقظنا ولم نَحلُم - مقال كلاود
 إدعم المنصة
makalcloud
تسجيل الدخول

نمنا و إستيقظنا ولم نَحلُم

بعضُ مما يعتمل في الدواخل...

  نشر في 02 أبريل 2019 .

" أعرف أنها لا تجيب

لكني،بين غارَتَين

سألت الحرب أسئلةً بسيطة :

من أين تأتين بهذه الهِمَّة ؟

أتعلمين أنكِ لم تطلبي إجازةً

من عملك على أرض البَشَر

منذ كان البَشَر ؟ "

(مريد البرغوثي )

ما كنا لنعترض يوماً على قضاء الله وقدره – معاذ الله – ولكن حين يكون الإهمال نتيجته زهق الأرواح يجب أن يقف الجميع ويسأل بل ويُحاسِب،كأن الموت صار عادياً في هذا العالم فكيف بإفريقيا وعالمنا العربي ؟ حتى أصبح الواحد يستغرب إذ لم يسمع خبر حادثٍ أو موت في كل نشرةِ أخبار وما أكثرها .

بالأمس القريب و أنا أطالع الصحافة العربية ألجمتني الصدمة حين قرأت عنواناً مفاده أنّ (117) مهاجراً قد فقدوا في حادثةِ غرقٍ جديدة و التي هي ليس الأولى من نوعها إذ أصبح من الطبيعي أن يهاجر الشباب العربي و الأفريقي إلى أوربا (راكبين المواج) بعد أن ضيقّت عليهم الحكومات الحياة في بلدانهم؛ تجدهم يفضلون الموت على أن يعيشوا في تلك الأوضاع التي – لا تسرُ صديقاً ولا عدو – يجازفون بأرواحهم وفي الخاطر أمنية أن يصلوا إلى شاواطئ البلدان الأوربية.

يا الله ... رحمتك يا رب.

أيُّ بؤسٍ هذا الذي صرنا نعاني منه حتى نفقد كل يوم المئات من الأرواح بشتى السُبل فمن لم يمت بمرض (لإنعدام الدواء ) أو غلو سعره مات بالغرق هرباً من بلاده التي سيطر عليهم مَن لا يرحم و لا يعرف الرحمة ... ومَن نجى من كل ذلك إصطادته رصاصةً من قواتٍ تتبع لحاكم البلاد .

وقد جاء في تفاصيل الخبر " أن من كانوا على متن القارب جاءوا بالأساس من غرب أفريقيا، و أنه "كان على متنه 10 نساء، من بينهم فتاة حبلى، وطفلين أحدهم عمره شهران فقط".

يفرِّون من الموت إلى الموت ...!!

ليجئ بعد ذلك حادث الطائرة الأثيوبية الذي راح ضحيته (الجميع) ... موتٌ آخر – ولله الحمد على كل حال – الذين ماتوا كانوا من (33) دولة ... إذن ثلاثةٌ وثلاثون دولة فُجِعت ؟ .

ليس هذا فقط ..!

ولكن ما شاب له الوِلدان ذلك الحادث الإرهابي المشؤوم،الذي لم يتوانَ فيه مرتكبه أن يبثه مباشرةً على مِنصة فيسبوك لشاهدِه العالم أجمع وهو يحصد أرواح خمسينَ مسلماً وهو في المسجد يؤدون فريضة الصلاة المقدسة وفي يوم الجمعة.

خمسون مسلمون يتلون آيِّ الذكر الحكيم ...

خمسون مسلماً يسبحون بحمد الله ...

خمسون مسلماً يذبحون في بيت الله ..!

ماذا أراد الإرهابي وهو يبث جريمته الشنيعة على مرأى العالم ؟

أحياناً يدور بذهني سؤال :

" كيف كان إحساس المجرم حين ناداه أولُ مسلمٍ عند مدخل المسجد (مرحبا أخي ) ..." ؟

العالم كالعادة تجاهل هذا الحادث – وكأنه شئٌ عادي – سوى بعض الدول والأجهزة الإعلامية التي قامت بتغطية الحدث وبالوقوف عليه وعلى ملابساته وكشف ما وراء الحقيقة . نيوزلندا دولة الحدث كانت قد أقامت حدثاً تضامنياً أثلج الصدور حين إرتدت النساء الخُمُر والرجال الطواقي وذهبوا جميعاً ليشهدوا خطبة الجمعة والصلاة .

لسنا في موقع من يعترض على أوامر الله ... ولا أردنا أن نجرَّم ما لم يٌجرِم،ولكنّا لن نخشى في الحقِ لومة لائمٍ ...

ختاماً .. دعونا نبكي على صدر (الحروف) مع محمد خليفة حين كتب في (بطاقة إلى أمي)

" العالم تغيّر يا أمي...أعرفُ أنك لا تعرفين..أطفالٌ يُحرقون في جنوب لبنان...البارحة ماتت إمرأة و أبناؤها الستة...أطفالٌ يجوعون ويدمرون في العراق...و أبرياء يقتلون في الجزائر..ومجاعة في جونب السودان...يتامى جدد في فلسطين..أسرَى جدد في فلسطين..الحرب لا تتوقف ...إسرائل أرادت ذلك ..بيوتٌ تُهدم..ذاكرةٌ تٌمحى.. إمرأة تفقد الإبن والزوج ...في كوسوفا يا أمي ...تلك خارطة أحبائي حولي ".

نعم العالم تغير ... ولكنا لم نتغير .

نعم العالم تغير ... ولكننا ظللنا نتخبط من سوءٍ إلى أسوأ .

هذه الأحرف قد مر على كتابتها ستة عشر عاماً ولم نتغير ...

ستة عشر عاماً وهذه الأحرف كأنها كتبت بالأمس،كل شئٍ فيها هو ...هو غير أن هناك بلدان آخرى قد أضيفت لقائمة الأحداث التي ذُكرت.

الشاعر مريد البرغوثي كتب في ديوانه الجديد (إستيقظ كي تحَلُم ) ساخراً من الحرب في أكثر من قصيدة فلم أجد بُداً من أنه أقول له عزيزي (مريد ) الأمة ما زالت تغطُ في نومها .... عزيزي البرغوثي (نمنا وإستيقظنا ولم نَحلُم).

نزار عبدالله بشير


  • 1

   نشر في 02 أبريل 2019 .

التعليقات


لطرح إستفساراتكم و إقتراحاتكم و متابعة الجديد ... !

مقالات شيقة ننصح بقراءتها !



مقالات مرتبطة بنفس القسم













عدم إظهارها مجدداً

منصة مقال كلاود هي المكان الأفضل لكتابة مقالات في مختلف المجالات بطريقة جديدة كليا و بالمجان.

 الإحصائيات

تخول منصة مقال كلاود للكاتب الحصول على جميع الإحصائيات المتعلقة بمقاله بالإضافة إلى مصادر الزيارات .

 الكتاب

تخول لك المنصة تنقيح أفكارك و تطويرأسلوبك من خلال مناقشة كتاباتك مع أفضل الكُتاب و تقييم مقالك.

 بيئة العمل

يمكنك كتابة مقالك من مختلف الأجهزة سواء المحمولة أو المكتبية من خلال محرر المنصة

   

مسجل

إذا كنت مسجل يمكنك الدخول من هنا

غير مسجل

يمكنك البدء بكتابة مقالك الأول

لتبق مطلعا على الجديد تابعنا